أكد د.عوض جبر رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية ان صادراتنا من الدواء لا تلبي الطموحات والأهداف التي يسعي إليها المجلس فقد حققت خلال العام الماضي 1.5 مليار جنيه وهو رقم ضعيف لا يتناسب مع حجم الصناعة واستثماراتها الضخمة التي وصلت إلي 200 مليار جنيه. قال اننا نواجه صعوبات جمة في الأسواق العالمية لعدم وجود معامل معتمدة دوليا خاصة بدراسات التكافؤ الحيوي التي تتطلبها اجراءات تسجيل المنتجات الدوائية في الخارج والتي تصل تكلفتها إلي حوالي 900 ألف دولار للمنتج الواحد وكذلك لعدم حصول الشركات المصرية علي المواصفة الأمريكية والأوروبية. أوضح ان الخلل في منظومة التسعير تسبب في تعثر بعض المصانع لأن تكلفة الانتاج تغرق سعر البيع مؤكداً ان أكثر من نصف الشركات العاملة في القطاع تحقق خسائر رهيبة مما يؤثر علي صناعة الدواء. أشار إلي ان التغيير المستمر في وزراء الصحة خلال الثلاث سنوات الماضية ادي إلي تخبط القرارات وعدم الوصول إلي نتائج ايجابية تحمي هذه الصناعة الاستراتيجية التي تمس الأمن القومي. أكد ضرورة تغليظ العقوبات لمواجهة ظاهرة الغش التي وصلت إلي 10% في مصر طبقا للاحصائيات العالمية. * في البداية سألناه: ما هو حجم الصادرات الطبية؟ ** خلال العام الماضي حققت الصادرات خمسة مليارات ونصف المليار جنيه موزعة كالتالي 1.5 مليار جنيه للدواء 1.5 مليار جنيه مستلزمات طبية و2.5 مليار جنيه لصناعات التجميل وبالطبع هذا الرقم لم يكن ملبياً للطموحات والأهداف التي نسعي إليها من خلال المجلس التصديري كما انه لا يتناسب مع حجم الصناعة واستثماراتها الضخمة وبصفة خاصة في الصناعات الدوائية التي بلغت استثماراتها 200 مليار جنيه من خلال أكثر من 120 مصنعاً إلي جانب عدة مصانع جديدة تحت الانشاء وصل عددها حتي الآن إلي 60 مصنعاً وبالمناسبة لا توجد دولة في العالم لديها هذا العدد من المصانع ونسعي خلال المرحلة القادمة للتوسع في صادراتنا الدوائية بمنظور اقتصادي يساهم في تدفق وزيادة معدلات النقد الأجنبي ومن المستهدف مضاعفة هذه الأرقام في خلال السنوات المقبلة. * ما هي نسبة الشركات القادرة علي التصدير؟ ** توجد أكثر من 30 شركة مسئولة عن 92% من حجم الصادرات الدوائية وهي نسبة جيدة في ظل التحديات التي تحاصر القطاع.. لدينا أمل كبير في زيادة الصادرات الدوائية لأن هناك حوالي 20 مصنعاً حديثاً لديه امكانيات عالية ومتقدمة تمكنه من المنافسة في الأسواق العالمية لكن المشكلة في وجود مواصفتين عالميتين الأمريكية F.D.A والاميا في أوروبا وحتي الآن لم يحصل مصنع في مصر علي الشهادة الأمريكية أما بالنسبة للاوروبية ففي العام الماضي حصل عليها مصنع واحد فقط وحاليا وبواسطة لقاءات اعضاء المجلس التصديري مع الشركات الدوائية تم الاتفاق علي حصول 5 شركات مصرية علي شهادة المواصفات الاوروبية فهذا هو السبيل الوحيد للدخول إلي الاسواق العالمية حتي الدول الافريقية بدأت تطبيق شروط المعايير الاوروبية ودول الخليج كذلك. * ما هي الاسواق الحالية للدواء المصري؟ ** الاسواق التي تستوعب معظم صادراتنا هي الدول العربية وافريقيا وتركيا.. والمرحلة القادمة نتجه إلي أسواق الدول الاوروبية وحاليا كل الخطط والدراسات تتم في هذا السياق. دور المجالس * تقع مسئولية كبيرة علي المجالس التصديرية لتسهيل دخول المنتجات المصرية للأسواق العالمية.. فهل يمكنكم أداء دور ايجابي في ظل الاوضاع الراهنة؟ ** يعاني القطاع الطبي من صعوبات في التصدير شأنه شأن القطاعات الصناعية الأخري في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي التي نعيشها منذ ثلاث سنوات لذلك يبذل المجلس دورا كبيرا في التواصل مع الدول العربية والاجنبية لتسهيل وتذليل الصعوبات التي قد يواجهها المصدرون ايضا العمل علي فتح منافذ وأسواق جديدة للدواء المحلي علي الرغم من الصعوبات التي تواجهها صناعة الدواء في مصر. * ما هي السياسات التي تمكنكم من التحرك بشكل إيجابي؟ ** تعتمد بشكل كبير علي بعثات استكشافية للدول التي لدينا ارضية ضعيفة منها ونريد مضاعفة وزيادة الصادرات إليها.. نلتقي خلالها بالمسئولين من الوزرات المعنية بالصناعة وصناع القرار للبحث حول امكانية زيادة حصة مصر من التصدير إلي جانب البعثات التجارية لرجال الاعمال التي تساهم وزارة الصناعة في دعمها إلي حد كبير فهي فرصة مباشرة للقاء المستثمرين الاجانب لفتح مجالات للشراكة والتعاون والمشاركة في المعارض الدولية الكبري مثل C.P.H.I وهو من أكبر المعارض المتخصصة في صناعة الخامات الدوائية يعقد سنويا في الدول الاوروبية ونحرص علي تواجد أكبر عدد من الشركات المصرية فمن خلال هذه المعارض يتم عقد العديد من الصفقات التصديرية الناجحة.. وكذلك نقوم بعقد دورات تدريبية لرفع كفاءة المصدرين لكي يستطيعوا منافسة الشركات الاوروبية.. ومن الخطوات الجديدة انشاء بوابة إلكترونية باسماء كل الشركات التي تقوم بالتصدير بحيث تستطيع أي شركة في العالم التعرف بسهولة علي امكانيات كل شركة مصرية وحاليا يتم التعاون مع بنك تنمية الصادرات لمساعدتنا في عملية التأمين وتمويل عقود التصدير بفائدة بسيطة. زيادة الأسعار * في ظل التوجه العالمي يجب ألا يزيد سعر الدواء الذي يتم تصديره علي سعره في السوق المحلي.. فهل يمثل ذلك اشكالية امامكم؟ ** بدون شك لأن الدول تطالبني بنفس أسعار السوق المصري وهو كارثة لأن اسعارنا المحلية رخيصة عن أي مكان في العالم وقد ناقشنا الأمر مع المعنيين في وزارة الصحة والصناعة واتفقنا علي ان أدوية التصدير يجب ان توضع لها أسعار مختلفة بشرط ألا يتم تداولها في السوق المحلي وسوف يتم تطبيق هذه السياسة علي الاصناف الجديدة أما القديمة فليس لها حل ايضا اتفقنا علي توقيع بروتوكولات مع الدول التي نصدر إليها علي ان سعر الدواء المصري بنفس الاسعار لديها لأن اسعارنا في السوق المحلي لديها بعد اجتماعي. * إلي أي مدي تساهم وزارة الصناعة في دعم الشركات المشاركة بالمعارض الدولية؟ ** مساندة الوزارة تتم عن طريق هيئة المعارض وتشارك بنسبة 70% والشمترك يتحمل 30% هذه قيمة ايجار المكان المخصص للجناح المصري.. وخلال اجتماعنا مؤخراً مع وزير الصناعة منير فخري عبدالنور طلبنا منه ان تقدم الوزارة دعماً غير مباشر للصناعات الدوائية عن طريق المساهمة في جزء من مصاريف تسجيل الدواء في الخارج لأنها رسوم مرتفعة ويكفي ان نعلم ان تسجيل نوع واحد فقط في السعودية يتكلف 90 ألف جنيه. الأمر الآخر يتعلق بدراسات التكافؤ الحيوي التي تطالبنا بها الدول التي نصدر إليها فلابد ان تكون الدراسة في معمل معتمد وللأسف ليس لدينا في مصر معامل معتمدة عالمياً لذلك يضطر المصدرون للجوء إلي الدول القريبة مثل الأردن ويكفي ان نعلم ان تكلفة المستحضر الواحد يصل إلي 100 ألف دولار لاعداد دراسة التكافؤ الحيوي لذلك طلبنا من الوزير اختيار أحد المراكز المصرية ليتم اعتمادها دوليا بحيث نوفر الوقت والمال الذي يتكبده المصدرون خاصة وانه لدينا حوالي 5 معامل مؤهلة للاعتماد وتحتاج لامكانيات بسيطة وللحقيقة ابدي تفهماً ورغبة في تذليل هذه الصعوبات ووعدنا بدراسة الموضوع بعد اعداد دراسة وافية من جانب المجلس عن معامل التكافؤ الحيوي. إغلاق المصانع * مما لا شك فيه ان صناعة الدواء تمثل بعداً اقتصادياً وقوميا في نفس الوقت فما هي الصعوبات والتحديات التي تواجه الصناعة وصادراتها؟ ** من المعروف عالميا ان صناعة الدواء والسلاح من اخطر وأهم الصناعات وأكثرها ربحا ومكاسب ولكن في مصر تمر صناعة الدواء بمنعطف خطير وتحديات جمة أدت إلي توقف عدد من المصانع وتعثر نسبة أخري نتيجة خلل منظومة تسجيل وتسعير الأدوية فدائما ما ينظر إلي المطالبات بتحريك الاسعار علي انها جشع أو احتكار علي الرغم من ان هذا الأمر ليس صحيحاً علي الاطلاق. ومن المعروف ان ارتفاع سعر الدولار قد اثر بالسلب علي استيراد المواد الخام ومستلزمات الانتاج خاصة ان أكثر من 90% من المدخلات يتم استيرادها من الخارج وبالطبع كانت النتيجة هي اختفاء أو الشكوي من نقص بعض الاصناف وخاصة بعد اندلاع ثورة يناير وما اعقبها من حالة اضطراب وفوضي اريدان يجبيب مسئول علي السؤال التالي: هل يعقل ان يكون هناك دواء سعره لا يتعدي 2 جنيه؟. * من المعروف ان الشركات التي تنتج بعض الاصناف الرخيصة لديها أنواع أخري مرتفعة السعر تعوضها الخسائر؟ ** كلام غير حقيقي فمن المستحيل ان تظل الاصناف بنفس السعر منذ عشرات السنين في ظل الارتفاع المستمر لتكاليف الانتاج وتغير أسعار الدولار وقد اصبحت اسعار الأدوية الرخيصة عبئاً كبير علي الشركات المنتجة واغلبها من قطاع الأعمال وبالتالي تتكبد خسائر رهيبة لأن تكلفة انتاجها تفوق سعر البيع وذلك في إطار مراعاة البعد الاجتماعي لكن اؤكد إذا استمرت الأمور بنفس الطريقة فلن تستطيع الشركات بأي حال من الأحوال الاستمرار في السوق ومن حق الشركات ان تحقق ارباحاً فلديها التزامات من عمالة وصيانة إلي جانب أهمية الانفاق علي الابحاث والتطوير كما ان تكلفة تحديث المعدات كبيرة في ظل التطور التكنولوجي الحديث. * ماذا عن اللقاءات المكثفة بين القائمين علي صناعة الدواء ومسئولي وزارة الصحة فيما يتعلق بتحريك الأسعار؟ ** حتي الآن مازالت النتيجة صفراً وخلال العامين الماضيين تغير حوالي 5 وزراء وبالتالي لم يتخذ أي وزير قراراً فكل منهم يأتي ليدرس القضية مع المعنيين بالصناعة وبالتالي نتيجة التخبط والتغيير المستمر لم نصل لنتيجة ايجابية حتي الآن في هذه القضية ومازال نظام التسعير يعاني من التشوه.. وعلي مسئوليتي نصف شركات الدواء في مصر تحقق خسائر وخاصة الحديثة لأن تكلفة انشائها وتجهيزها والعمالة الفنية مكلفة للغاية. إجراءات التسجيل * منذ عدة سنوات تم اتخاذ عدة قرارات وزارية تتعلق باختصار اجراءات التسجيل.. لكن كلامك يعني انها لم تكن كافية؟ ** بالفعل طول فترة التسجيل وغياب التنسيق بين المسئولين والأطراف المعنيين بالقضية اتي بنتائج سلبية بجانب وجود أكثر من 12 خطوة يجب التوافق معها قبل اجراءات التسجيل ومسموح لكل صنف 11 شركة فقط.. ويكفي ان تعلم ان اجراءات التسجيل في الخارج تنحصر في 9 أشهر فقط أما في مصر تستغرق 5 سنوات ويوجد 80 مستحضراً لم يتم تسجيلها حتي الآن.. وهذا لا يحدث في أي دولة في العالم. * إلي أي مدي تؤثر ظاهرة غش الدواء علي الصادرات الدوائية؟ ** هذه الظاهرة موجودة في العالم كله والاحصائيات العالمية تشير إلي ان نسبتها 10% في مصر وبالطبع ظاهرة مضرة تؤثر علي الصناعة والاقتصاد ولابد ان تواجه بعقوبات غليظة ورقابة محكمة علي الأسواق لمواجهة المافيا الدولية التي تتحكم في غش الدواء. * لماذا لا نستطيع الحد من الاستيراد وتصنيع المواد الخام في مصانعنا؟ ** بالفعل لدينا مصانع تنتج المواد الخام ولكن المشكلة ارتفاع التكاليف بدرجة كبيرة مقارنة بالانواع التي يتم استيرادها من الخارج. * ما هي الأنواع التي مازلنا نعتمد في الاستيراد عليها؟ ** بعض أدوية الأورام ومشتقات الدم وأدوية الباي تكنولوجي ومشكلة مشتقات الدم اننا نحتاج لارساء ثقافة التبرع بالدم بشكل مستمر.. لأننا نعاني من قلة اعداد المتبرعين للمرضي.. والصناعة تحتاج لكميات رهيبة فالمادة الخام هي الدم اما الباي تكنولوجي هناك بعض الشركات بدأت تدخل في هذه الصناعة ومازالت في مراحل اولية ولكن حققت نجاحات فمعظم الأدوية الحديثة تعتمد علي هذه الصناعة في انتاج أدوية مثل فيرس "سي" وأدوية السكر ومشكلة هذه الصناعات تحتاج لاستثمارات ضخمة ومبالغ مكلفة. * يطارد الدواء المصري سمعة بأنه الاقل فاعلية وجودة.. فما رأيك؟ ** كلام غير صحيح ومرسل ويفتقد الدقة فالدواء سلعة حساسة وقواعد التصنيع تخضع لمعايير دولية مطبقة في جميع انحاء العالم وهناك رقابة شديدة علي كل خطوات التصنيع حتي مع استيراد المواد الخام والتي تأتي معظمها من الهند تشترط شهادة مواصفات عالمية G.M.P.. والفحص والتحليل يتم لعينات من المواد الخام قبل التصنيع وبعده وكذلك يتم سحب عينات عشوائية من المنتج النهائي بعد نزوله الاسواق لاجراء اختبارات للتأكد من فاعليتها.