لست أدري.. متي نتعلم لغة الحوار الراقي القائم علي العلم والمعرفة والمنطق.. وألا ننطلق في حواراتنا وخلافاتنا في الآراء إلي لغة التشنج وتناول المفردات الشخصية ومحاولة التشكيك في الذمم والوطنية. الدكتور فاروق الباز العالم المصري العالمي الذي ساهم بعلمه وشرف مصر بدوره البارز في اكتشاف أفضل مكان يمكن للقمر الصناعي الأمريكي أن يهبط فيه علي سطح القمر قال رأيا حول عدم تأهلنا لإدارة المحطة النووية المزمع انشاؤها في الضبعة.. وأكد أن الطاقة الشمسية يمكن أن تغنينا عن الطاقة النووية إذا احسنا استخدامها. أنا مع المعترضين علي رأي الدكتور فاروق الباز رغم انني بعيد تماما بعد المشرقين عن الابحاث العلمية الاكاديمية.. واعتبر أن رأي الدكتور فاروق الباز رأي صادم لنا جميعا ومحبط من الناحية النفسية علي الأقل. فهل مصر التي انجبته وأنجبت صاحب نوبل الدكتور أحمد زويل والدكتور مصطفي السيد وعشرات بل مئات وآلاف العلماء المصريين المنتشرين في الخارج في كل مجالات البحث العلمي عاجزة عن أن تدير محطة نووية لانتاج الطاقة مثل الهند وباكستان وايران وكوريا وحتي الصين؟! اعتقد أن الدكتور الباز يظلمنا كثيراً بهذا الرأي الصادم. لقد ثار علماء الطاقة الذرية في مصر ضد رأي الدكتور الباز وأكدوا قدرة مصر الولادة دائما علي إدارة المحطة النووية المزمع انشاؤها في الضبعة.. وتحدث عدد منهم من خلال تحقيق صحفي نشرته صحيفة "الجمهورية" عن هذا الموضوع وفندوا بالعلم والمنطق والحوار الراقي مزاعم الدكتور فاروق الباز. ومن هؤلاء الدكتور علي الصعيدي وزير الكهرباء الأسبق ونائب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية. والدكتور محمد القللي رئيس هيئة الطاقة الذرية المصرية.. والدكتور اكثم أبو العلا وكيل أول وزارة الكهرباء والدكتور ابراهيم العسيري كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاسبق وخبير الشئون النووية في مصر الذي سأل الدكتور الباز عن مشروع ممر التنمية الذي اقترحه لحل مشكلة مصر السكانية ومدي دقة الدراسة العلمية التي أعدها لهذا المشروع. كلهم تحدثوا وفندوا باحترام رأي الدكتور فاروق الباز مقدرين للرجل مكانته العلمية. ولم يتجاوزوا اطلاقا في كلامهم بما يمس شخصيته كعالم مصري محترم. الوحيد الذي خرج عن النص في هذه القضية هو الدكتور حلمي فهمي المتحدث باسم نقابات الطاقة الذرية الذي أعلن انه سيتقدم ببلاغ للنائب العام ضد العالم المصري الكبير لأسباب منها ان البرنامج المصري استراتيجي وقومي. والدكتور الباز يحمل الجنسية الامريكية التي تحاول عرقلة هذا البرنامج لخدمة اسرائيل مؤكدا عدم احقيته اطلاقا في الحديث عن هذا البرنامج لكونه عالما جيولوجيا ولا علاقة له بالنووي!! لماذا كل هذا يا دكتور حلمي؟! لماذا التشكيك في مصرية ووطنية الرجل؟! هل كل مصري يحمل جنسية أخري وبالذات الامريكية لا يكون بالضرورة مخلصا لمصر؟.. وهل هذا يعني ان العالم الجليل أحمد زويل ينطبق عليه هذا الأمر والرجل يحظي بحب جارف من الشعب المصري من أقصاه إلي أقصاه؟! الدكتور فاروق الباز فوق الشبهات يا دكتور حلمي. وهو من أسرة ريفية مصرية محترمة وأصيلة. وهو الشقيق الأصغر لأشرف مسئول عمل مع الرئيس السابق حسني مبارك وهو الدكتور أسامة الباز الرجل النظيف الطاهر الذي لم يلوثه المنصب. ثم لماذا التقدم ببلاغ للنائب العام وأنت عالم جليل وتدرك قدر العلم والعلماء.. كنت أود أن تقترح عمل لقاء علمي بين الدكتور الباز وعلماء الطاقة النووية المصريين لمناقشته الرأي بالرأي والحجة بالحجة. وبالمناسبة مناقشة مشروع ممر التنمية والاتفاق علي كلمة سواء في حب مصر ولصالح مصر. لا نريد يا د. حلمي أن نسفه آراء بعضنا البعض لمجرد خلافاتنا حول موضوع معين فنحن الآن في عصر جديد ومرحلة جديدة تقتضي منا الحوار البناء وقبول الآخر.