من جديد تعود المناقشات حول قضية الفساد بكل أبعادها فمحاربته هي حجر الزاوية في بناء نظام سياسي جديد يعمل علي تحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة وتدعيم جميع حقوق الإنسان علي مدار يومين سعدت بالمشاركة في مؤتمر الحوار المجتمعي الخاص بإيجاد ظهير دستوري لإنشاء مفوضية مكافحة الفساد الذي نظمته اللجنة الوطنية بوزارة العدل. أهم ما في هذا المؤتمر تعدد ورش العمل والمشاركة الكبيرة من الهيئات القضائية والرقابية ومنظمات والمجتمع المدني والصحافة والإعلام والمستثمرين الكل جاء بهدف الوقوف علي مواطن القصور والضعف في النظم المتبعة لمواجهة الظاهرة الخطيرة. والأهم من وجهة نظري أنه استطاع خلق حالة حراك حقيقية وإيجابية بين جميع الأطياف تعددت فيها المقترحات والرؤي البناءة التي تعطي بادرة أمل أننا نستطيع تحقيق انجاز أو نتائج فيما يتعلق بمناهضة الفساد الذي لم يعد مجرد جرائم يعاقب عليها القانون انما أصبح سلوكاً يمارسه المجتمع مما انعكس بآثار مدمرة علي كثير من البني الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. كان هناك اتفاق واجماع علي ضرورة إيجاد منظومة قوية ومواجهة حقيقية في ظل تشابك وتغلغل أركان الفساد وتقويضه لكل مقومات الحياة. لذا طالب الكثيرون بضرورة إنشاء مفوضية أو هيئة تختص بوضع استراتيجية المكافحة وتعزيز الشفافية والنزاهة والتنسيق بين الأجهزة الرقابية المتعددة في مصر بشرط أن ينص الدستور الجديد علي تأسيس المفوضية موضحاً آليات عملها وعلاقاتها بالأجهزة الرقابية مع تضمن النص الدستوري علي استقلاليتها الكاملة. خلال المؤتمر تم عرض التجارب والخبرات الدولية والعربية فيما يتعلق بطبيعة عمل هذه المفوضية ومدي نجاحها في تحقيق الانضباط المطلوب في الحد من مسارات الفساد اعتقد أنه أصبح لدينا الآن رؤية متكاملة ينبغي أن تقدم لأعضاء لجنة الخمسين ونحن بصدد صياغة الدستور والانطلاق من أسر الماضي إلي بناء حكومة جديدة ترتكز علي الشفافية والمساءلة. أرجو ألا نظل ندور في فلك تلك القضية الشائكة دون نتيجة ايجابية فالأمر لم يعد يحتمل السكوت ولسنا في ترف أو رفاهية لاضاعة الوقت وحتي لا يظل الفساد ثقافة مجتمع اعتاد أن يتعايش معه فتكون النتيجة اهدار الثروات والموارد والطاقات وافلات الفاسدين من العقوبة مما يفقد المواطن الثقة في الدولة لنعاني المزيد من السلبية واللامبالاة التي تعصف بكل مقومات الأمن والاستقرار الاجتماعي. نحن شعب اسقط في أقل من ثلاث سنوات نظامين للحكم فهل لنا أن نتكاتف ونتلاحم وننهض حماية للصالح العام ولدعم كل الجهود الوطنية من أجل أن تري المفوضية النور.