بعد اغلاق 266 مصنعاً بالمناطق الصناعية الاربع ببرج العرب وتوقفها عن العمل نهائيا تشرد آلاف العمال الذين كانوا يعملون بها بعد ان قضوا فترات طويلة في العمل تقل عن 10 سنوات وهم حاليا بلا عمل مما وضعهم تحت ظروف اجتماعية قاسية فمنهم من وقف عاجزا عن توفير متطلبات اسرته ومنهم المهدد بالسجن بعد ان قام بشراء اجهزة كهربائية عن طريق التقسيط فبعد اغلاق المصنع وتشريده تعثر في دفع الاقساط. مما وضعه في موقف حرج وسط زملائه وجيرانه نتيجة لعدم التزامه بدفع قيمة الجمعية التي دخل فيها معتمدا علي راتبه الذي كان يتقاضاه من المصنع الذي يعمل به. التقت "المساء" ببعض العمال الذين تشردوا من مصانعهم بعد اغلاقها لمعرفة حجم المعاناة التي يعيشونها. يقول رضا مفرج 32 سنة متزوج ويعول ثلاثة اطفال: كنت اعمل باحد مصانع الغزل بالمنطقة الثانية الصناعية ببرج العرب واستمرت بالعمل فيه لمدة تزيد علي 15 عاما وفي صباح يوم اثناء ذهابي لعملي فوجئت باحد افراد امن المصنع يخبرني بأن صاحب المصنع اوقف العمل به لكي يجري صيانة لماكينات المصنع وقال "روح النهاردة ولما نحتاجلك هنبقي نكلمك" فعدت انا وزملائي إلي منازلنا في انتظار مكالمة صاحب المصنع لعودة العمل به حتي فقدنا الامل في ذلك وعلمنا بعد ذلك بأن صاحب المصنع قام بتشريد العمالة التي ظلت تعمل به لفترات طويلة واستخدم حيلة تحديث الماكينات لتجنب مطالبتنا باجورنا ومستحقاتنا. مشيرا إلي انه يعمل حاليا باحد محلات بيع الاقمشة لكي يوفر متطلبات اسرته. يضيف الشحات علي 36 سنة متزوج ويعول اربعة اطفال بأنه ظل يعمل باحد المصانع لاكثر من 16 عاما وفي يوم وليلة اغلق المصنع الذي كان مصدر الرزق الوحيد ولابنائه مما جعله عاجزا عن توفير متطلبات اسرته فضلا عن تهديده بالسجن بعد ارتباطه بالعديد من الالتزامات منها شراء بعض الاجهزة الكهربائية بنظام التقسيط والتي لم يستطع توفير قيمة القسط الشهري والتي تعثر عن دفعها بمجرد توقف العمل بالمصنع مشيرا إلي انه مازال يبحث عن وظيفة. يقول رفعت داوود 30 سنة: عملت باحد مصانع برج العرب لاكثر من 10 سنوات وطوال هذه الفترة كنت اعاني من سيطرة اصحاب العمل علي العمال حيث اننا كنا نعمل يوميا اكثر من ساعات العمل القانونية بالاضافة إلي عدم التثبيت او تسجيلهم بالتأمينات الاجتماعية. مشيرا إلي ان بمجرد اغلاق المصنع الذي كان يعمل به لم يجد معاشا او مكافأة نهاية خدمة او اي مستحقات له موضحا بانه تعرض لموقف محرج وسط جيرانه حين اشترك في جمعية معتمدا علي الراتب الذي كان يحصل عليه شهرياً وبعد اغلاق المصنع تعثر في سداد قيمة الجمعية برغم من حصوله علي حقه بها فقام بكتابة وصل امانة بقيمة هذه الجمعية لحين استطاعته توفير المبلغ. يشكو عادل محمد 40 سنة بأنه قضي اكثر من 23 سنة وكان يعمل فني ميكانيكا باحد مصانع المنسوجات وكان يتقاضي 2400 جنيه شهريا وفي يوم وليلة وجد نفسه بالشارع بعد اغلاق المصنع مما جعله عاجزاً عن توفير متطلبات اسرته المكونة من زوجته وطفلين بالمراحل التعليمية المختلفة فلم يجد امامه سوي العمل سائق توك توك. مشيرا إلي ان صاحب المصنع يقوم باجبار كل عامل جديد لديه بالتوقيع علي استمارة 6 "استقالة" قبل ان يقوم بالتأمين عليه وفي حالة مطالبة اي عامل بحقوقه يقوم صاحب العمل بقبول استقالته ويقوم بفصله دون اي انذارات. يطالب فارس ناجي وزارة القوي العاملة والتأمينات الاجتماعية بعمل تفتيش علي عمال المصانع ببرج العرب مؤكدا علي ان وضع العامل بمعظم المصانع سييء للغاية ويصل عمله إلي السخرة في مقابل المال. وما يجبر العمال علي قبول ذلك هو ان اصحاب المصانع هم المتحكمين في مصير العامل بالكامل ويمكن لهم فصل احدهم دون انذار او الرجوع اليه مشيرا بأن اغلب اصحاب المصانع لم يقم بتسجيل عمالهم بالتأمينات الاجتماعية مما يجعل العامل مثله مثل عمال اليومية ويساعد علي ذلك غياب الامن والتفتيش من قبل وزارة القوي العاملة بالاضافة إلي عدم وعي العاملين بهذه الامور. يقول وليد عبدالمنعم 28 سنة ان معظم المصانع التي اغلقت وتوقفت عن العمل كانت تبحث عن فرصة للتهرب من مسئولية العمال في غياب الرقابة عليها مشيرا إلي ان معظم مساحات الاراضي الصناعية اتخذها اصحاب المصانع من جهاز مدينة برج العرب الجديدة باسعار زهيدة وكانت النية المبيتة هي بيعها بعد فترة لكي تجلب لهم هامش كبير من الربح كنوع من انواع تسقيع الاراضي. فبعد عمل معظم المصانع والتي استفادت بالاعفاء الضريبي لمدة 10 سنوات قام اصحابها ببيع المعدات والماكينات واستغنوا عن العمال واغلقوا المصانع لحين طرحه للبيع. ووصف علي البدري رئيس اتحاد عمال مصر الحر المناطق الصناعية بمنطقة برج العرب بمدينة "الاشباح" بعد ان تم اغلاق 266 مصنعاً وتشريد العاملين بها. مشيرا بأن ذلك يرجع إلي عدم وجود قانون حازم يجبر رجل الاعمال علي احترام آدمية عماله ويقوم له بتوفير ابسط الخدمات من التثبيت والتسجيل في التأمينات الاجتماعية. بالاضافة إلي شعوره بالمسئولية تجاه هؤلاء العمال الذين عملوا لفترات طويلة وبالرغم من ذلك فقدت عملها بين الليل والنهار بسبب ضعف القانون موضحا بأن اجراءات غلق مصنع من اكثر الاجراءات الروتينية والتي تحتاج إلي موافقات عديدة لم تصدر الا بعد تسوية امور العمالة وموافقتهم علي غلق المصنع وانما بعض المستثمرين استغلوا الانفلات وقاموا بغلق مصانعهم لهروبهم من المسئولية مطالبا وزارة القوي العاملة بضرورة الوصول لهؤلاء العمال الذين شردوا وفقدوا وظائفهم دون اي مقابل.