كانت المناطق الصناعية الأربع بمدينة برج العرب الإسكندرية في الماضي خلية نحل لا تتوقف عن العمل حيث كانت تضم 1360 مصنعاً تدور ماكيناتها طوال ال 24 ساعة وكان يمكن سماع أصوات الماكينات بمجرد المرور بجوارها ولكن دوام الحال من المحال حيث أصبحت حالياً أشبه بمدينة الأشباح فالمصنع الذي كانت ماكيناته تدور طوال ال 24 ساعة يكتفي حالياً بإنتاج وردية واحدة من العمال ومنها من أغلق أبوابه وتوقف نهائياً عن الإنتاج حتي وصل عدد المنشآت التي أغلقت 266 مصنعاً والبقية تأتي مما ينذر بحدوث كارثة في الصناعة المصرية. توجهت "المساء" إلي المناطق الصناعية الأربع بمدينة برج العرب لرصد الحركة الصناعية بالمناطق ولمعرفة أسباب إغلاق العديد من المصانع. يقول محمد فرج عامر رئيس جمعية المستثمرين بمدينة برج العرب إن المناطق الصناعية لبرج العرب كانت حلماً لكل مستثمر سواء مصري أو أجنبي لما كانت تنعم به من خدمات تدعم الاستثمار حتي وصل عدد المصانع بها إلي ما يقرب من 1360 مصنعاً ولكن حالياً أصبح أمام كل مستثمر تحديات عديدة تدفعه لإغلاق مصنعه إجبارياً منها اضرابات العاملين واحتجاجاتهم المستمرة ومطالبهم غير الواقعية وندرة المواد الخام وارتفاع أسعار نقلها وانعدام الأمن بالمنطقة نهائياً ليلاً أو نهاراً وارتفاع مقايسات دخول الغاز المبالغ فيها والتي قفزت من 35 ألف جنيه إلي 272 ألفاً بالاضافة إلي تكرار انقطاع التيار الكهربي عن المصانع لفترات طويلة وعدم انتظام العمل داخل الموانئ التي تكلف المستثمرين أموالاً باهظة. أشار إلي أن مرتبات العمال بأي مصنع تبدأ من 800 جنيه شهرياً للعامل العادي المدرب ويصل دخله الشهري إلي 1300 جنيه بعد إضافة الحوافز والبدلات بالاضافة إلي الرعاية الصحية والاجتماعية ووسائل النقل التي يوفرها لهم أصحاب المصانع بالاضافة إلي الدورات التدريبية التي يخضع لها العامل للارتقاء بجودة عمله. وبعد كل هذه الامتيازات نجد العمالة غاضبة وثائرة وتتسبب في توقف العمل وتسبب خسائر للمستثمرين من أجل زيادة في الرواتب كل هذه العوامل كانت معوقات جسيمة أثرت علي المستثمر ودفعته لإغلاق مصنعه. يضيف هشام سلطان مدير عام جمعية مستثمري برج العرب بأن إجمالي عدد المصانع التي أغلقت أبوابها وتوقف العمل بها 266 مصنعاً منها سبعة مصانع بالمنطقة الأولي و132 بالمنطقة الثانية و101 بالمنطقة الثالثة و26 بالمنطقة الرابعة مشيراً إلي أن هذه المصانع وصل حجم استثماراتها لما يقرب من نصف مليار جنيه سنوياً ولكن أسباب إغلاقها كثيرة منها من استغل نظام الإعفاء الضريبي لمدة عشر سنوات وقام بغلق مصنعه قبل مطالبة مصلحة الضرائب بالأموال ومنها من إغلق مصنعه بسبب عدم توافر الأمان بالمنطقة خاصة بعد كثرة عمليات سرقة السيارات النقل و"الكونتنرات" بالاضافة إلي موجة الغضب العمالي علي أصحاب المصانع والمطالبة بزيادات في الرواتب مع ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه برغم تكرار انقطاعها علي المصانع فضلاً عن الذين قاموا بالاقتراض من البنوك وتعثروا في السداد فاضطروا إلي إغلاقها. لافتاً إلي أن الجمعية حصلت علي وعد من وزير الاستثمار بوضع خطة أمنية للمناطق الصناعية بالتنسيق مع وزير الداخلية. طالب سلطان بضرورة استعادة الثقة بين الحكومة ورجال الأعمال الذين أصبحوا غير آمنين من خلال فرض السيطرة الأمنية علي المناطق الصناعية بالاضافة إلي عودة الدعم التصديري الذي يستفيد منه ما يقرب من 60% من مصانع برج العرب. وصف عابد الحبشي صاحب أحد مصانع المنطقة الصناعية الثالثة عمل المستثمر في مصر حالياً في أنه يتلخص في حل العقبات التي تواجهه يومياً وكيفية التغلب عليها. مشيراً إلي أنه تعرض لخسائر فادحة بسبب عدم الانضباط الأمني بالمنطقة مما تسبب في سرقة سيارة تريلا كبيرة كانت محملة بالمواد الخام المستوردة بالاضافة إلي سطو مجموعة مسلحة علي مصنعه ليلاً وقاموا بربط موظفي الأمن وسرقة الخزينة الخاصة به فضلاً عن خسائره التي تعرض لها والتي وصلت إلي أكثر من نصف مليون جنيه خلال الشهر الماضي بسبب أسعار الدولار الذي يقوم بشراء المواد الخام به مشيراً إلي أن المناخ العام للسوق المصري أصابه الركود خاصة بعد قلة الطلب علي المنتج سواء من الأسواق المحلية أو الخارجية بسبب عدم انتظام العمل بالموانئ والذي يتسبب في تأخر خروج الشحنات من البلاد مما يجعلها تصل بعد انتهاء مدة التعاقد. يقول حلمي مشالي صاحب أحد المصانع بالمنطقة الرابعة إن أزمة المستثمرين بالمنطقة بدأت بالانفلات الأمني ومطالبة العمال بحقوق ليست مشروعة لهم واستماتوا من أجل تحقيقها حتي وصل بهم الحال إلي حد محاولات إفشال الحركة الإنتاجية بالمصنع وتوقف العمل مشيراً إلي أن العامل المبتدأ يحصل شهرياً علي ما يقرب من 1500 جنيه شهرياً ورغم ذلك يقوم بتعطيل الماكينة التي يعمل عليها عن قصد لكي يأخذ الراحة أثناء أوقات العمل بالاضافة إلي الانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي الذي يتسبب في خسائر فادحة لكوني أقوم بصناعة النسيج وفي حالة انقطاع التيار عن الماكينة أثناء عملها يتسبب في إهدار الخام الذي يكون بالماكينة وقتها وعند عودة التيار الكهربي يكون إنتاجها غير جيد ويباع بالأسواق كفرز ثاني وهو ما يكون ثمنه أرخص من المواد اخام التي صنع به. مؤكداً علي أن هذه الأسباب والمعوقات كفيلة لتوقف العملية الإنتاجية بأي مصنع فضلاً عن استغلال بعض الأفراد هذه الأراضي من أجل التسقيع لسنوات طويلة ثم يقوم ببيعها كمصنع بأسعار عالية ومنها من يستغل مساحة الأرض لتخزين البضائع بها مع وضع مجموعة من أفراد الحراسة بداخلها وما يتيح ذلك هو عدم وجود قانون حازم يجبر صاحب المصنع علي العمل للنظر إلي المصلحة العامة بالاضافة إلي عدم توفير الخدمات الرئيسية للعمل كالأمان ودعم الصادرات وتشجيع الاستثمار بتوفير المواد الخام.