لم أكتب عن رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك كأشخاص ولم أتناولهم بالاسم بعد ثورة 25 يناير رغم احساسي الكبير بدورهم الرئيسي في افساد الحياة السياسية في مصر وما ترتب عليه من فساد مالي طال كل شيء حتي قيل ان البلد تم بيعها بالكامل. لكن لفت انتباهي حديث أجراه الاعلامي والصحفي جمال عنايت مع الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق. ومداخلة للدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق الذي فاجأنا بأنه مازال موجودا في القصر الرئاسي. ويمارس مهامه ليس كرئيس للديوان وانما كمسئول عن مؤسسة الرئاسة بتكليف من المجلس الأعلي للقوات المسلحة. الدكتور فتحي سرور اعترف بأن أحمد عز كان عصا الإدارة في مجلس الشعب.. واعترف بأن الانتخابات كانت مزورة.. ومع ذلك كان الدكتور سرور حريصا علي أن يظل رئيسا للمجلس حتي آخر نفس حرص الرئيس مبارك علي الاستمرار في منصبه مادام فيه عرق ينبض أو نقل السلطة إلي ابنه جمال. الدكتور سرور إذن كان يعلم أنه يمثل نظاما فاسدا في مجلس الشعب.. ورغم أنه لم يكن في حاجة مادية للاستمرار في منصبه فضل أن يبقي فيه حيث يملي عليه أحمد عز مطالب الإدارة ليتم اقرارها في المجلس عن طريقه. الدكتور سرور لم يكن مجرد موظف ينتظر راتبه آخر الشهر ليسد به احتياجاته المعيشية ويخاف ان ينطق بكلمة حق حتي لا يتم فصله من العمل فيتشرد هو وأسرته.. انه رجل لديه ما يكفيه وزيادة.. لكن حب الأضواء والشهرة والأبهة والفخامة كل ذلك جعله يفضل بل ويحرص علي أن يظل رئيسا للمجلس حتي لو كانت رئاسته شرفية كما فهمنا من كلامه. الرجل الحر خصوصا إذا كان قد تجاوز سن الشباب والكهولة ووصل إلي فترة الشيخوخة يجب أن يعيد حساباته ويتذكر أن موعد الحساب الإلهي قد دنا فيتصرف بما يمليه عليه ضميره وواجبه.. فهل فعل الدكتور سرور ذلك؟! ومع كل هذا فان الدكتور سرور غاضب أو عاتب مما أسماه حملة التشنيعات التي تنصب علي رموز النظام بمن فيهم هو!!! ثم نفي أن يكون من رموز النظام الفاسد قائلا: كنت رئيسا لسلطة من سلطات الدولة مثل رئيس السلطة القضائية. ولكنك يا دكتور سرور كنت رئيسا لسلطة اعترفت بأنها جاءت بالتزوير واستمرأت أن تبقي رئيسا لسلطة غير شرعية. وكان أولي بك ان تنسحب بهدوء تاركا الجمل بما حمل كما يقولون. ثم نأتي للدكتور زكريا عزمي وقد سبق أن أشدت بمواقفه البرلمانية أكثر من مرة وحربه علي الفساد وخاصة في المحليات وقوله المأثور انه وصل إلي الركب لكن السؤال يادكتور عزمي: هل كان الفساد في المحليات فقط؟! أم أنه قد طال كل شيء في حياتنا؟! أنت بالذات كنت علي علم بكل صغيرة وكبيرة تجري في الكواليس ولم يكن أي شيء خافيا عليك.. بل ربما كنت معبرا أو جسرا لارسال واستقبال كل ما يجري من أمور مشروعة وغير مشروعة.. وفي مقدمتها احكام الترتيبات لنقل السلطة إلي جمال مبارك بالاشتراك مع آخرين. أنا أصدقك يا دكتور عزمي عندما تقول انني لا أملك أي سنتيمتر في أراضي الخريجين ولم أحصل علي شيء من أمين أباظة.. وأوافقك تماما بأن المتهم بريء حتي تثبت إدانته. ولكن أرجو أن تسأل نفسك وتكون صادقا معها فلا مجال في هذه السن لمحاولات التبرير غير المقنعة: اسألها يا دكتور عزمي ألم تكن هناك تجاوزات خطيرة تمر عليك وتعلم بها؟! هل حقيقة كنت تجهل أن الانتخابات تم تزويرها بشكل فاضح وكنتم جميعا كرموز للنظام في منتهي السعادة لما تم واعتبرتم انكم ضربتم الإخوان وكل المعارضين في مقتل؟! "بالمناسبة لست من الإخوان ولا أنتمي إليهم لا فكرا ولا تنظيما ولكني احترمهم وأقدر تضحياتهم". أشكرك يادكتور عزمي علي شيئين: خدمتك لأهالي حي الزيتون الذين كنت تمثلهم في مجلس الشعب.. ثم علي تهنئتك وتحيتك لثورة 25 يناير وأنك تشارك الكل بلا نقاش في هذه التحية لأن الثورة كما تقول نقلة في تاريخ مصر والتاريخ سيحاسب كل شخص عما فعله.. فعلا التاريخ سيحاسب المحسن والمسيء علي حد سواء. ويحيرني سؤال قبل أن أختم هذا المقال هو: أين ذهبت تبرعات الذين تقدموا للترشيح لانتخابات مجلس الشعب من أعضاء الحزب الوطني؟! سواء الذين تم اختيارهم أو الذين تم استبعادهم لأن من استبعدوا لم ترد إليهم أموالهم. لقد كان الاختيار يقع علي من يدفع أكثر وقيل أن البعض كان يدفع مئات الآلاف.. بل قيل أن البعض دفع الملايين.. فما هو المقابل الذي كان سيأخذه هؤلاء المتبرعون؟! ومرة أخري.. أين ذهبت هذه الأموال؟!