قبل أيام أعلنت الحكومة عن استراتيجية قومية لصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة وقال المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية إنها تهدف إلي تطوير هذه الصناعة الإستراتيجية بقطاعاتها الثلاث كما تهدف إلي زيادة صادرات القطاع من 3 مليارات إلي 10 مليارات دولار وقبل تسعة أشهر تعهد رئيس الجمهورية أمام جموع الشعب في ميدان التحرير بالنهوض بالصناعة المصرية وتوفير جميع الإمكانيات لتحقيق ذلك وعلي رأسها صناعة الغزل والنسيج .. فهل يمكن لمثل هذه الاستراتيجية أن تكون طوق نجاة لهذه الصناعة التي عانت الأمرين في ظل العهد البائد وحتي بعد عامين من الثورة! يقول محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسجية إنه سبق تشكيل لجنة من الغرفة لحل مشاكل الصناعات النسجية المتمثلة في تراجع القدرة التنافسية للمصانع مع مكافحة التهريب .. وتنامي ظاهرة الإغراق للسوق المحلية بالأقمشة والملابس الجاهزة إلا أنها لم تنجح في حل هذه المشاكل. عبر المرشدي عن تفاؤله بخطوات الحكومة تجاه حل أزمة تلك الصناعة .. مشيراً إلي أن اتخاذ عدد من الإجراءات الجادة مؤخراً من أجل حل مشاكل التهريب وحماية الصناعة بقطاعها الثلاثة "الملابس الجاهزة والغزل والنسيج والمفروشات المنزلية" وزيادة معدلات نمو جميع حلقات هذه الصناعة الحيوية حتي يتم تشغيل المصانع المتوقفة مع الحد من الواردات. موضحاً أن وزير الاستثمار المهندس أسامة صالح سبق أن أعلن مؤخراً عن دعم الشركة القابضة للغزل والنسيج ب 300 مليون جنيه بهدف صرف أجور العمال وشراء مستلزمات الإنتاج للشركات التابعة وهو ما سيكون له آثار إيجابية علي القطاع مشيراً إلي أن ضرورة الإسراع باستكمال باقي خطط تطوير هذه الصناعة. أكد حمادة القليوبي أحد كبار العاملين بالقطاع أن الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة إذا كانت جادة بالفعل في طرح استراتيجية حقيقية لحماية الصناعة النسجية والنهوض بها فعليها المضي قدماً في تطبيقها وسرعة تنفيذها علي الأرض.. وقال : "شبعنا من المشاريع الإصلاحية الوهمية والوعود الرنانة والدراسات المطروحة لانعاش صناعة الغزل والمنسوجات .. ولم نلبث حتي نكتشف أننا أضعنا المزيد من الوقت في ندوات ومناقشات حول دراسات ومبادرات تحولت إلي سراب ومجرد كلام. بحسب القليوبي فإن أطروحة وزير الصناعة هذه المرة فيما يخص الاستراتيجية الجديدة للصناعات النسيجية سيكون لها مصداقية إذا ما أتيحت لها الفرصة في ظل استقرار سياسي مطلوب لدفع عجلة الإنتاج وتنفيذ الخطط الجادة والعمل علي حل أبرز المعوقات التي أثرت علي صناعة الغزل والنسيج والتي من بينها "الإغراق ورسوم الحماية والتهريب والجمارك" .. ومن ثم يمكنها مساعدة المصانع المتعثرة علي التعافي والعودة للعمل الإنتاج. أشار إلي أن انقاذ تلك الصناعة وتطويرها بعد التدهور الذي مرت به خلال الفترة الماضية نتيجة السياسات الحكومية المتعاقبة التي ساعدت علي تراجعها يتطلب ضرورة الاهتمام بمحصول القطن وتذليل العقبات في سبيل زيادة المساحة المزروعة منه .. بجانب تخفيف القيود علي استيراد بعض المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والماكينات والآلات الحديثة اللازمة لتلك الصناعة بما يتواءم مع مستجدات العصر. أكد د. حمدي عبدالعظيم العميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن الاستراتيجية القومية الجديدة التي أعلن وزير الصناعة والتجارة الخارجية والتي تستهدف إحداث تنمية حقيقية لرفع الصادرات المصرية من الصناعات النسيجية من 3 إلي 10 مليارات دولار لن تؤتي ثمارها إلا إذا تمكنت الحكومة من تقديم دعم حقيقي للصناع بجانب تفعيل قرارات الوزير السابقة والتي تتضمن ضرورة إعادة النظر في معدلات الهالك من خلال تحديث معايير حساب نسب الهالك لكل صناعة من الصناعات النسيجية وفي كل مرحلة منها بما يتماشي مع أوضاع الصناعة المحلية فعلياً .. بالإضافة إلي السماح باستيراد القطن قصير التيلة من المنشأ المعتمد من وزارة الزراعة أو تشجيع المزارعين علي إعادة زراعته في مصر .. مشيراً إلي أن المنتجات المصنعة من الأقطان قصيرة التيلة تستحوذ علي نسبة 96% من حجم الطلب العالمي في حين أن المصنوعة من القطن طويل التيلة لا تتجاوز نسبتها ال 4%. أوضح أن العمل علي تنفيذ تلك القرارات في ظل الاستراتيجية التي تم الإعلان عنها سوف يرفع من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية .. مما يكون له الأثر في إمكانية فتح أسواق عالمية جديدة والاستحواذ علي حصة أكبر من السوق العالمي خاصة مع ترك الأسعار للعرض والطلب والاهتمام بالإنتاج من أجل التصدير للخارج. اشترط عبدالعظيم أن تشمل تلك الاستراتيجية ضرورة إعادة هيكلة العمالة الزائدة للتخلص منها من خلال إنشاء مصانع جديدة لاستيعابهم بالتعاون بين القطاع الخاص والحكومي وليس عن طريق المعاش المبكر .. إلي جانب توفير السيولة اللازمة لشراء مستلزمات الإنتاج وعدم استخدام القطن التالف في عملية التصنيع.