في فبراير الماضي أوصي مجلس الشعب قبيل حله بقيام الحكومة بتسويق محصول القطن واستلامه من الفلاحين بسعر 1200 جنيه للقنطار وتشكيل مجلس أعلي للقطن لحل المشكلات التي تواجه مزارعيه ومع عدم تنفيذ هذه التوصيات وتصاعد مشكلة تسويق القطن أعلنت الحكومة عن أسعار توريد لمحصول القطن تتراوح بين 1000 و1400 جنيه وفقاً للنوع. إلا ان أسعار الحكومة ظلت علي الورق فقط ليستغل التجار الفرصة ولتتصاعد مشكلة مزارعي القطن لتهدد بانصراف جانب كبير منهم عن زراعة أشهر المحاصيل الزراعية المصرية وهو ما يزيد من المشاكل التاريخية لصناعة الغزل والنسيج علي الرغم من اعلان الحكومة الحالية علي دعم هذه الصناعة. يقول د. شريف فياض استاذ الاقتصاد الزراعي ان الحكومة عجزت عن تسويق مليونين و100 ألف قنطار في حين لم تتعد الكميات التي تم تسويقها حتي الآن 400 ألف وذلك بسبب عدم وجود الموارد المالية اللازمة مما يضطر الفلاح للاستسلام للتجار وأسعارهم المتدنية وأبدي تخوفه من ان يمتنع المزارعون عن زراعة القطن الموسم القادم لما واجههم من عقبات هذا الموسم.. وفي المقابل يؤكد محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات ان تطوير صناعة الغزل والنسيج يبدأ بتغير الخارطة الزراعية للقطن وزراعة الأصناف التي تحتاجها الصناعة المصرية خاص ان القطن طويل التيلة لا يستخدم سوي بنسبة لا تزيد علي 3% علي مستوي العالم ليصبح القطن قصير ومتوسط التيلة هو مستقبل الصناعة حالياً وطالب بتشكيل لجنة تتولي دراسة مستقبل القطن المصري علي أساس النهوض بصناعة الغزل وانتاج أصناف متوسطة التيلة في المناطق المعزولة لتوفيرها للمغازل المحلية. يري المرشدي ان أبرز المعوقات الحالية أمام تلك الصناعة هي غياب الأمن والاضرابات العمالية- علي الرغم من قلة حدتها عن العام السابق- والتي كان لخصخصة المصانع والشركات دور كبير فيها.. موضحاً ان قانون العمل والتأمينات الاجتماعية الحاليين لم يضمنا للعاملين حقوقهم القانونية أمام صاحب العمل اذا ما أعلن إفلاسه أو فر هاربا بعد تصفية أعماله مستغلاً التمتع بأصول الشركات التي تكون قيمتها أعلي من قيمتها الانتاجية.. وطالب بضرورة الاهتمام بالعمالة عن طريق إحداث ثورة في التعليم الفني لربط التعليم بالصناعة نظرا لوجود نقص في العمالة الفنية المدربة. ويقدر حمادة القليوبي رئيس جمعية مستثمري ومصدري مدينة المحلة الكبري ورئيس غرفة الصناعات النسجية سابقاً خسائر هذا القطاع بنحو 2 مليار جنيه سنوياً.. مشدداً علي ضرورة دعم زراعة القطن المصري من خلال ضمان الحكومة لشراء المحصول من القطن بأسعار مجزية ومناسبة.. وذلك لتشجيعهم علي زيادة الانتاج خلال السنوات القادمة إلي جانب ضرورة تطوير المعدات ورفع كفاءتها مع الاهتمام بعنصري التسويق والارتقاء بالمستوي الفني للعاملين بالمهنة من ناحية. طالب القليوبي بسرعة وقف استيراد المنتجات النسجية وإعطاء الفرصة للمنتج المحلي الجيد والمتميز في التوسع في تلبية احتياجات السوق المحلية والعالمية خاصة في افريقيا وآسيا مؤكداً ضرورة اهتمام الدولة بالتوسع في زراعة القطن اللازم لعملية الصناعة إلي جانب استخدام ماكينات تعتمد علي القطن طويل التيلة الذي كانت مصر تشتهر بزراعته. وبحسب القليوبي فإن أبرز التحديات التي تواجه صناعة الغزول تكمن فيما أطلق عليه "عشوائية الأسواق" والتهريب مشيراً إلي ان الأخير ساعد علي إغراق الأسواق ببضائع مهربة وصلت قيمتها إلي 15 مليار جنيه أي ما يعادل نصف تجارة الغزل والنسيج في السوق والتي تقدر بنحو 30 مليار جنيه. أضاف ان معظم البضائع التي تتسبب في إغراق الأسواق تأتي من الصين والهند وتركيا وباكستان وبنجلاديش ويتم تسريبها عبر المناطق الحدودية ضعيفة الحماية مثل الحدود الليبية المصرية والسودانية ومن خلال التهريب من الجمارك الرسمية للدولة نظرا لوجود ما يسمي بسرطان الفساد الاداري وغياب ضمير بعض الموظفين في الجمارك. أكد القليوبي ان الحكومة ضخت منذ عامين نحو 18 مليار جنيه لمساندة هذه الصناعة في القطاع العام لسداد جزء كبير من مديونياتها ويجب استكمال خطة التطوير من خلال ضخ استثمارات جديدة لتنهض هذه الصناعة من جديد. بدوره يري محمود الداعور رئيس شعبة الملابس الجاهزة ضرورة وضع خطة لزراعة القطن بمساحات تكفي احتياجات المصانع وضخ استثمارات جديدة في الشركات واصلاح هياكلها المالية والادارية. شدد الداعور علي ضرورة تدخل اتحاد الصناعات ووزارة الصناعة بجدية باتخاذ قرارات حاسمة للحد من تهريب الأقمشة الجاهزة داخل البلاد بوضع أسعار استرشادية في الجمارك لتحديد الأشعار الحقيقية للأقمشة المستوردة وتحديد نسبة الهالك لانتاج المصانع المحلية ب 14% فقط بدلاً من 60% مشيراً إلي ان صناعة الغزل والنسيج قادرة علي تعويض العجز في ميزانية الدولة في فترة جيزة اذ تعافت من كبوتها مؤكداً ان دعم هذه الصناعة فضلاً عن دعم الفلاحين سيعود بفائدة كبيرة علي الاقتصاد المصري.