في الثقافات الشعبية يشكل الموت عنصرا أساسيا وفي حكايات الأفلام يحتل مساحات تكبر أو تتضاءل.. وفي نسبة كبيرة من الإنتاج السينمائي الروائي بأنواعه المختلفة يحوم شبح الموت. نجده في أفلام الكوارث. أو أفلام الرعب وأفلام الخيال العلمي. وفي الملاحم الشعبية والحروب والحكايات الرومانسية. وأفلام المغامرات.. والأفلام الواقعية.. الخ.. حياة الإنسان تشكل مصدرا أساسيا يستمد منه الكتاب والشعراء والروائوين وكتاب المسرح أفكارهم ورؤاهم وفلسفتهم وإلخ.. ولا يوجد أقوي من الموت موضوعا للتأمل.. بعض الأفلام الجيدة تطرح اسئلة جدلية حول "النهايات" الخاصة تجاه الإنسان.. ومنها: هل يمكن أن يتصالح الإنسان مع فكرة الموت لو قدر له أن يصاب بمرض لا فكاك منه؟ وسؤال آخر أكثر قيمة: هل قيمة الحياة في طولها أم في مضمونها؟ بقول آخر: الكم أم الكيف؟؟.. فماذا يفيد المرء لو عاش طويلا ومات من دون أن يترك أثرا فيمن حوله. وبالنسبة لأعضاء أسرته. أو في مجال عمله؟ وما قيمة الحياة نفسها إذا لم تتحقق فيها أحلامه وعاش ومات كريشة في الهواء تتقاذفها الريح لا يراها ولا يشعر بها أحد.. فحياة قصيرة تجديه. نافعة مثمرة أقوي واطول أثرا. في الأفلام يمنح الموت خلودا لبعض الشخصيات ببساطة لانها تركت في أعماقنا حزنا دفينا. تأثرنا وبكينا وشعرنا بالخسارة وفداحة الفقدان. العلاقة العاطفية النبيلة التي جمعت بين اثنين فرقهما الموت أو الرباط المقدس الذي ربط حياة اثنين لم تستمر طويلا ولكن أماً وابنها. أو والدا وولده. وصديق وصديقه كلها موضوعات اثيرت وان كانت حزينة! ولو بحثنا عن الأفلام التي ناقشت فكرة الموت سنجد أن القليل منها فقط هو الذي يخلو من هذه الحقيقة الوحيدة المطلقة حقيقة أن الفراق قدر والموت حق. بعض الأفلام تجد نفسك مشدودا للفرجة عليها حتي لو كنت شاهدتها عشرات المرات ولو سألت نفسك لماذا؟ ثم دققت في الإجابة ستجد انك كنت اسيرا لفكرة يطرحها الفيلم في ثنايا الحكاية واكثر الافكار إثارة للحزن والفراق. أفلام مثل "أيامنا الحلوة" ومثل "قصة حب" أو مثل "تايتانك" أو "جسور ماريسون كاونتي" أو حتي "الأب الروحي" و "غادة الكاميليا" و "نهر الحب" ستجد الموت كامنا وفيه الكثير من العات. هناك أعداد مذهلة من الأفلام الجادة التي تتأمل فكرة نهاية الحياة. ومنها ما يدور حول نهاية الحياة البشرية إذا ما استمرت عدوانية الإنسان بالارهاب. بالإنتاج المتزايد لأسلحة الدمار الشامل بالعنف الدموي. بالموت الجماعي المجاني من اجل الانتصار لايدولوجية دينية سياسية سلطوية.. إلخ.. ومن اجل شهوة الحياة. بعض الأفلام صورت الموت كشيء قبيح وقاس وأخري عالجت هذه النهاية الحتمية للإنسان كأمل جميل وبعيد المنال إذا كان المكتوب علي المرء حياة طويلة ولكنها شقية ومليئة بالعذاب. وتتنوع أشكال النهايات وطرائق الموت وتختلف ردود الأفعال من حيث الحدة ومقدار الحزن ولا تختلف إذا جاء الموت في غير أوانه لان اللوعة والاسي ووجع القلب مشاعر لا مفر منها. في ثقافتنا العربية لا يوجد ما يسمي "موت مبكر" أو في غير أوانه لانه لا أحد يموت قبل الأوان فلكل أجل كتاب حتي لو جاءت النهاية في عز الشباب وفي ذروة العطاء ومن دون إنذار ولا مقدمات!! في ثقافتنا العربية بصورة خاصة يسكن الموت مكانا جليلا وله قداسة ورهبة. وفي لحات نهاية الحياة تهر علامات يؤمن بها الناس تشير إلي حيث يسكن في جنة الله والنعيم المقيم.. وقد يهر هذا ليس فقط في الأفلام وإنما في الأشعار وفي الروايات وفي الذاكرة الجمعية للناس.