طالب د.صفاء الدين محمد الصافي وزير الدولة العراقي لشئون مجلس النواب باقرار خطةً قوميةً لتنميةِ ثقافةِ الوعيِ بالقانونِ للشعوبِ العربيةِ، في صيغةٍ قابلةٍ للتنفيذِ ، تتوحدُ فيها الجهودُ ، ويتعززُ فيها التواصلُ ْ ، مع الاخذ فى الاعتبار حركةِ الشعوبِ العربيةِ في ربيعها الثوري كنماذجَ للوعيِ من اجل التغييرْ . وقال فى كلمته امام اعمال (المؤتمر العربي الأول لتنمية ثقافة الوعي القانوني والوطني) الذى عقد فى بغداد اليوم تحت شعار (بالوعي القانوني والوطني تعمر الاوطان) ،مؤكدا على حرص العراقُ على استضافةِ هذا المؤتمر والإعدادِ له ليكونَ خاتمةَ ترؤّسه لجاَمعة الدول العربية ، وليؤكد حكومةً وشعباً ايمانه من ان تنميةَ ثقافةِ الوعي القِانوني والوطنيِ للحاكم والمحكوم هو السبيلُ لفهم صحيح للديمقراطية والوسيلة الفاعلة للحكم الرشيد . اضاف ان هذا المؤتمُر هو رسالةُ بغداد ، من اجل البناءِ والاعمارِ والتنميةِ لا للدمارِ والخرابِ والتخلفِ ، رسالةٌ للحوار والتآلف والمحبةِ ، وَتشاركِ العيشِ ، التسامح لا للتباغضِ والتنافرِ وإلغاءِ الاخرِ والتهميشِ ، رسالة لتعزيزِ السلمِ الأهليِ لا لزعزعةِ الأمنِ والاستقرارِ . اشار الى ان إحترامَ القانونِ هو جوهَرُ الحضارةِ ، ولمْ تَتَقدمْ بلادٌ وتتخلفْ أُخرى إلا بمقدارِ موقفِها من حُكمِ القانونْ . وتُقاسُ درجةُ نُضجِ ورُقيِّ المجتمعِ بمدى معرفةِ الشعبِ لِحقوِقه ومدى احترامِ الدولةِ لهذهِ الحقوقِ ، وكذلكَ مدى معرفةِ المواطنِ لواجباتِهِ ومدى استعدادِهِ للوفاءِ بهذهِ الواجباتِ وخُضوعهِ الطوعيِ لحكمِ القانونْ . واكد على اهمية وجود آلية لرَفعَ مستوى الوعيِ ونَشَرِ الثقافةِ القانونيةِ بينَ مختلفِ فئاتِ الشعبِ، كما أن تعريفِهَم بحقوقِهم وواجباتِهم يُعدُّ أحدَ أهمِ الأهدافِ التي تَسعى الدولةُ القانونيةُ تحقيقَهُ لشعوبِها ، ولكي لا يُعذَروا بجهلِهمْ للقانون عندما يقعوا تحتَ طائلتهْ،موضحا أَن البناءَ القانونَي السليمْ بقدرِ ما يوفرُ بيئةً اجتماعيةً واقتصاديةً وثقافيةً تؤمَّنُ للمواطنِ حاجاتهِ الماديةَ والمعنوية فإنّه ايضاً يُعززُ الديمقراطيةَ ويَحفَظُ الدولةَ ووحدَتها ، وتتأكدَ أهميتُهُ أكثرُ أثناءَ عملياتِ التحولِ الديمقراطي ، من حيثُ أَن المراحلَ الانتقاليةِ قد يُصاحِبُها في المجتمعاتِ التعدديةِ مخاطرُ الانقسامِ والنزاعاتِ الاهليةِ ، وإنَّ ضَعفَ الدولة وغيابِ القانونِ يُمكنُ أن يؤديَ إلى تدعيمِ الانتماءاتِ الأوليةِ ، القوميةِ والقبليةِ والدينيةِ والطائفيةِ وغيرها ، أي الانتماءاتِ الادنى من الانتماءِ للدولة ، ولاشَكَ أن شيوعَ هذهِ الانتماءاتِ بغيابِ الوعيِ والثقافةِ القانونيةِ بشكلٍ خاص ، يُقلِصُ احتمالاتِ التطورِ الديمقراطيِ والاستقرارُ لأنها ترتَبطُ بثقافةٍ غيرِ ديمقراطيةْ ، تَقومُ على التعصبِ وليسَ على التسامحْ والانغلاقِ لا الأنفتاحِْ والجمودِ بدلاً من المرونةِْ ، والأنانيةِ بدلاً من المواطنةْ. وقال من المهم ان ندركَ أن الثقافةَ القانونيةَ في بعدها السياسي في ظلّ الظروف التي تعيشها مجتمعاتُنا وهي تتحول نحو الديمقراطية ، لها أهميةٌ خاصةٌ ، كونُها تتميز بانها إنسانيةٌ من حيثُ اتجاهُها في توعية الإنسان بحقوقه وواجباته في علاقاته مع افراد مجتمعه واتجاه السلطة التي تحكمه ، وهي تنويريةٌ وعقلانيةٌ من حيثُ تأسيسُها على مفاهيم الحرية والتسامح والاختلاف والكرامة والمساواة والديمقراطية بقصد تنويرِ الأفكارِ والأذهانِ والسلوكياتِ والعلاقاتِْ ، وهي تضمن تفتحَ شخصيةِ المواطنِ على المحيط الذي يعيش فيه افراد ومؤسسات وقوانين ، والتفاعل الايجابي معه . ويؤصلّ القناعةَ بضرورة فصل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وضرورةَ انبثاقِ السلطةِ التشريعية عن انتخابات حرة ونزيهة وتعددية ، تمارس دورَها في تشريع القوانين ومَراقبة ومحاسبة السلٌطة التنفيذًية ، اماً السلطةُ القضائيةُ ، فيجدر باَلثقافة السياسيةَ القانونية آن ترسّخَ استقلآليتَها التامةَ عن أيةِ مؤثراتِ خارجيةٍ عن إطار القانونِ والعدالةِ القضائيةِ . وشدد على ان القانونُ لم يعد رفاهيةً لا يتمتعُ بها الضعفاءُ أو الفقراءُ أو المهمشّونَ من افرادِ المجتمعِ سواءً عرفوه أم لم يعرِفوه وإنما أصبحَ القانونُ الضمانةَ والحمايةَ لادراكِ الحقوق وممارستِها والدفاعِ عنها والمطالبةِ بها لجميعِ مكوناتِ الشعبِ وفئاتهْ . وعليه لما كانتْ تنميةُ ثقافةِ الوعيِ بالقانون تُساعدُ الفردَ للوصولِ لحقوقهِ وتدفَعُه لأداءِ واجباتهِ وتمنعهُ من تجاوزِ القانونِ ، فإنها وبهذه الأهميةِ ؟ يمكنُ ان تَرتقيَ لأن تكونَ حقاً من حقوقِ الإنسانْ ، يفرضُ على الدولةِ النهوضَ بهِ وضمانَ إعمالِه وتعزيزهِ . اضاف قائلا " لقد أكَّد الشعبُ العراقيُ في ديباجةِ دستورهِ ، بعد ان نالَ حريتَهُ وتحرّرَ من التسلطِ والدكتاتورية من ( أن يمضيَ قُدماً لبناءِ دولةِ القانونِ وان يسيرَ معاً لتعزيزِ الوحدةِ الوطنية ، وانتهاجِ سُبلِ التداولِ السلمي للسلطةِ ، وتبني اسلوبَ التوزيعِ العادلِ للثروةِْ ومنحِ تكافؤِ الفرصِ للجميع ، وعقدَ العزمَ على احترامِ قواعدِ القانونِ وتحقيقِ العدلِ والمساواةِ ، ونبذ سياسةِ العدوانْ ، والاهتمامِ بالمرأةِ وحقوقِها والشيخِ وهمومِه والطفل وشؤونهِ ، وإشاعةِ ثقافةِ التنوعِ ونزعِ فتيلِ الإرهابِ ) .