من بين ردود الأفعال الكثيرة التي توالت عقب انفجار الانتفاضة الشعبية في تونس وهروب الرئيس زين العابدين بن علي كان لافتاً للنظر التصريحات النارية التي أطلقتها الفنانة هند صبري التونسية الأصل ونشرتها بعض الصحف والمجلات.. فقد بدت الفنانة الناعمة قيادة ثورية خطيرة.. وأعطت نموذجاً للكيفية التي يتعامل بها الصامتون طويلاً للتحول السريع.. والقفز المبكر من السفينة الغارقة إلي السفينة الجديدة.. سفينة الثورة والعهد الثوري. كل الدول الكبري والصغري والمتوسطة تناولت الحدث في حجمه الطبيعي وسياقه الطبيعي.. وركزت في بيانات وتصريحات رسمية علي احترامها لإرادة الشعب التونسي واختياراته في هذه اللحظة التاريخية المفصلية.. وأعربت عن انحيازها لكل ما فيه مصلحة الشعب التونسي. وقالت مصر في بيان صدر عن وزارة الخارجية "إنها تابعت باهتمام كبير التطورات المتلاحقة في تونس إثر تنامي الاحتجاجات الشعبية.. وإنها إذ تؤكد علي احترامها لخيارات الشعب في تونس الشقيقة فإنها تثق في حكمة الإخوة التونسيين وقدرتهم علي ضبط الوضع وتفادي سقوط تونس في الفوضي". وقد كان من الممكن أن تتعامل الفنانة هند صبري وأمثالها مع الوضع الجديد في تونس باعتبارها مواطنة تونسية مع أو ضد الثورة.. لكنها من خلال التصريحات النارية التي أطلقتها أرادت أن تظهر كشخصية ثورية تفاعلت مع الانتفاضة وتحولت إلي زعيمة بين عشية وضحاها.. رغم أنه لم يعرف عنها من قبل أنها صاحبة اهتمامات سياسية.. فضلاً عن أن تكون لها اتجاهات ثورية. قالت هند صبري في تصريحاتها: "طوال 23 عاماً مضت أرغمنا علي الصمت.. وعشنا في خوف بسبب النظام الأمني الذي لم يعط الفرصة لتقول رأيك لأنه كان من أبشع الأنظمة القمعية علي مستوي العالم". وأضافت: "الحرية لها ثمن ونحن نعلم ذلك ومستعدون لتحمل أي نتائج خلال هذه الفترة.. ودم الشهداء لن يذهب هباءً.. ولن أترك حق هؤلاء الشهداء الأبطال.. وسوف أتبرع من أجل بناء هذا البلد مرة أخري". وقالت أيضاً: "الشعب التونسي لم يعش الحرية من قبل.. ولا يعرف ماذا تعني "المعارضة أو مرشح في مواجهة مرشح آخر أو تعددية حزبية".. والمعارضة التي كانت موجودة كانت مجرد ديكور للنظام وتعيش في تمثيلية.. وكان لدينا إحساس بأننا شعب مختطف..وواجبنا أن نحافظ علي ما حققناه لأنه لا يجوز أن يأتي شخص الآن ويخطف ما حققناه أو ما فعله "بوعزيزي". حين تقرأ هذا الكلام لابد أن تشعر مباشرة أنك أمام زعيمة راديكالية ثورية كانت تحرك الأحداث عن بعد.. وكانت جزءاً من المعارضة المرفوضة والمستبعدة التي دفعت الثمن غالياً في معتقلات بن علي وتستعد الآن لدور في القيادة الجديدة. لكن هند صبري لم تكن كذلك في الواقع.. ويبدو أنها اكتشفت مواهبها وقدرتها الثورية متأخراً حين بدأ نجم بن علي في الأفول ليبزغ نجم عهد جديد. وعلينا أن نعترف بأن ما فعلته هند صبري ليس جديداً علينا.. هذه سنة غير حميدة في عالمنا العربي عرفنا بها وعرفت بنا.. فما أكثر الذين يهرولون في اللحظات الأخيرة للهروب من السفينة الغارقة ليلحقوا بالسفينة الجديدة في لحظة التدشين.. دون أن يكون لهم سابق عهد بالمعارضة والنضال الثوري. وليس أغرب من موقف الفنانة هند صبري إلا موقف رئيس الوزراء القديم الجديد محمد الغنوشي الذي فاجأ الجميع بتصريحات أكد فيها ان "ليلي الطرابلسي" زوجة بن علي كانت هي الحاكم الفعلي للبلاد في الفترة الأخيرة.. وتعهد بتقديم عائلتها للمحاكمة بطريقة عادلة.. مشدداً علي أن "جميع الذين كانوا خلف القمع الدامي للتحركات الاحتجاجية التي أدت إلي سقوط بن علي سيحاسبون أمام القضاء". لو جاء هذا الكلام من زعيم سابق للمعارضة أو من معتقل سياسي سابق لكان مقبولاً.. ولكن أن يأتي من رئيس وزراء بن علي الذي أصبح رئيساً للوزراء في عهد الثورة فذلك ما يدعو للعجب. فالواضح أن الرجل يريد أن يغسل يديه من كل ما نسب إلي نظام بن علي من ديكتاتورية واستبداد.. بل إنه استخدم مصطلحات ثورية مثل "القمع الدامي".. ويريد أن يحجز له مكاناً مضموناً ومستمراً في السفينة الجديدة.. لا يكتفي بأن يكون مواطناً عادياً في ظل الثورة وإنما يسعي لأن يقفز إلي موقع القيادة فيها. ولنا هنا أن نتساءل: إذا كان ما يقوله الغنوشي صحيحاً وصادراً عن قناعة وليس للاستهلاك الثوري فلماذا لم يعلنه من قبل.. ولماذا لم يترك منصبه الرفيع.. وساعتها كان سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه بكل احترام وتقدير.. وسيسجل له أنه الوزير الأول الذي وقف ضد الطغيان واعترض علي الأوضاع السيئة التي كشفتها وثائق ويكيليكس للعالم أجمع حين جاء فيها أن نظام بن علي أحاط نفسه بمجموعات من المافيا والمنتفعين من أجل السيطرة علي مقدرات البلاد وثرواتها.. ومعظم هذه المجموعات من أقارب زوجته الثانية ليلي الطرابلسي الكوافيرة السابقة التي أصبحت ليلي بن علي بعد زواجها من الرئيس المخلوع. المثير للدهشة في المشهد التونسي الآن.. ويدعو إلي التأمل.. أن المنتفعين من نظام بن علي هم الذين يهرولون اليوم ليس ليقفزوا إلي سفينة الثورة وإنما ليقفزوا عليها.. وليسيطروا علي عجلة القيادة فيها.. وما محمد الغنوشي بالنموذج الوحيد فهناك 4 وزراء في الحكومة المشكلة خلال اليومين السابقين استقالوا من حزب بن علي العتيد.. حزب التجمع الدستوري.. لكي يحجزوا مقاعدهم في العهد الجديد.. وهناك كثيرون غيرهم يشمرون الآن عن سواعدهم. إنها لعبة القفز علي الثورة لإفسادها.. وإفراغها من مضمونها الشعبي البرئ والنقي. إشارات * الاتحاد العام للعمال يطالب الحكومة بعدم رفع الأسعار أو فرض ضرائب جديدة. * أخيراً أصبح لاتحاد العمال صوت.. طيب يا ريت الحكومة تعقل وتفهم وتستجيب. * تجميد الحوار بين الأزهر والفاتيكان إنهاء لتمثيلية بايخة وماسخة ولم تحقق أي نتائج إيجابية. * غير معقول.. سعر المتر في الأراضي الصحراوية المطروحة للبيع أعلي من سعر البناء في أجود الأراضي الزراعية بالدلتا.. الناس ستفضل طبعاً البناء في قراها ولن تنتقل إلي المدن الجديدة. هل هذا هو المطلوب.