لغة الحوار مع شعب بورسعيد تتطلب رشدا وحكمة ودبلوماسية خاصة لتفهم الازمة والخروج منها بسلام. فوعود الرئاسة بعودة المنطقة الحرة وبعض الامتيازات من عوائد القناة ليست هي اللغة التي تناسب شعب المدينة الباسلة الذي عاني الامرين خلال مايزيد علي 60 عاما من الحروب وظلم النظام السابق. والمثل الشعبي يقول "لاقيني.. ولاتغديني". المشكلة معنوية في المقام الاول تتطلب حوارا فاعلا مع القوي السياسية والحزبية ومع الشباب الثائر ومنظمات المجتمع المدني هناك. والبدء فورا في زيارات رسمية للمصالحة والاعتذار ان تتطلب الامر. فكثيرون شعروا بالظلم والاستياء وغبن حقوق الشهداء وجرح للكرامة. وهم في النهاية ليسوا شعبا من الملائكة. ولايعني خطأ البعض ان نتجاهل مطالب وتطلعات محافظة بأكملها. كما أن دبلوماسية تكبير الدماغ والطناش.. و "اضربوا دماغكم في الحيط" لن تجدي نفعا وخاصة في زمن الثورة وستقود البلاد إلي مزيد من الاحتقان والضجر ومزيد من النزيف اليومي في مقدرات الشعب البورسعيدي وبطبيعة الحال مزيد من التدهور في الاقتصاد المصري. فجراح الوطن لم تندمل بعد والحوار المزعوم لتجاوز الازمات السياسية أصبح حلما صعب المنال. شعب بورسعيد المناضل لهم تاريخ ناصع البياض وهم "شامة" حسن وفخر في جبين الوطن وهم ايضا ضحية لاخطاء وتراكمات الماضي. فقد فشلت الحكومات المتعاقبة فشلا ذريعا في التعامل الحكيم مع الشعب البورسعيدي وتفهم خصوصيته. والآن جاء دور حكومة قنديل لإدارة تلك الازمة المتفاقمة وتحمل مسئوليتها وإيجاد حلول عملية وعاجلة واستيعاب وتفهم ما يطلبه أهل بورسعيد قبل ان تنتقل عدوي العصيان إلي محافظات أخري. يا سادة.. كل الشواهد تؤكد ان تلك الازمة قابلة للتكرار في الغربية والاسكندرية والاسماعيلية والسويس وغيرها. وقد تقع الكارثة بين عشية وضحاها وتأكل الاخضر واليابس. وينتقل العصيان كالنيران المستعرة في الهشيم. ويحدث ما لا يحمد عقباه. وتتوقف عجلة الحياة في الوطن المريض.. ولله الامر من قبل ومن بعد