15 سنة هي كل سنوات عمرها ولكنها عندما تتحدث إليك تشعر أنها في خريف العمر ذبلت ابتسامتها وماتت أحلامها فرض عليها أن تعطي كل شيء وهي محرومة من كل شيء لا تجد حتي من يسمع شكواها فتبكي لله وتحكي له همومها وتدعوه ليل نهار أن يخففها عنها. اسمها "هبة ربيع فخري" كانت قبل خمس سنوات تعيش حياة طبيعية والدها يعمل حارس عمارة في طائفة المعمار ليوفر لها وشقيقها كل احتياجاتهم فكانت تحلم بأن تكمل تعليمها وتحصل علي أعلي الشهادات ولكن حدث ما غير مسار حياتها. سقط والدها أثناء عمله من سقالة مرتفعة ليصاب بكسر بالعمود الفقري وقطع بالنخاع الشوكي أدي إلي شلل نصفي سفلي. أجريت له الإسعافات الأولية وأكد الأطباء أنه لا أمل في شفائه وعليه أن يتكيف مع إعاقته. تحمله ملاك العمارة عدة شهور ثم اضطروا لطردهم ليستعينوا ببواب جديد فعادوا جميعاً إلي قريتهم بني سويف وأصرت أمها علي طلب الطلاق حتي حصلت عليه. هنا بدأت رحلة هبه مع العذاب فأصبح عليها أن ترعي والدها المريض الذي يحتاج لمعيدن في كل أموره وباتت مطالبه بالقيام بكل شئون البيت فضلاً عن رعاية شقيقيها. حاولت الجمع بين كل هذا و بين دراستها ولكنها فشلت فأصر والدها علي أن تترك دراستها. دفنت الصغيرة حلمها رغماً عنها ودخلت دوامة مسئولية أكبر بكثير منها خاصة بعد أن بدأ والدها يصاب بقروح فراش ويحتاج لرعاية مضاعفة ونفقات إضافية حيث أجريت له عملية تغيير مجري البراز.. الأمر الذي يتطلب أكياساً ومستلزمات تكلف أسبوعياً أكثر من مائة جنيه في الوقت الذي لم يعد لهم أي دخل سوي معاش الضمان 300 جنيه. جاءتني هبه والدموع تملأ عينيها تبكي حلمها الضائع وآلام والدها التي حرمت عليهم النوم وجحود أمها التي تزوجت من آخر وتنكرت لهم لدرجة أنها تتهرب منها وشقيقها إذا قابلتهم في الطريق. لم تحدد "هبه" طلباتها بل تركت لنا تدبير أمورها بعد أن تعبت من التفكير فهل تجد من يتكفل بها وأسرتها ويقف معها حتي تستأنف دراستها وتعيش حياتها مثل باقي أقرانها؟!