أكدت المهندسة عنان هلال نائب رئيس جهاز حماية المستهلك أن عودة التسعيرة كما يطالب البعض ليست الحل الأمثل لمواجهة الغلاء لأننا نعمل في ظل سياسة السوق الحر وآليات العرض والطلب وانما الحل في زيادة الإنتاج المحلي والحد من الاستيراد لزيادة المعروض وضمان عدم التأثر بالتقلبات في الأسواق العالمية. اعترفت في حوارها ل"المساء" أن جمعيات حماية المستهلك فشلت في مواجهة ارتفاع الأسعار بسبب افتقاد المواطن لثقافة المقاطعة وعدم التزامه بالاستهلاك الرشيد كما يحدث في الخارج. طالبت المواطن بالإبلاغ فوراً عن أي سلع تموينية ليست علي مستوي جيد حتي تستطيع الجمعيات الأهلية والجهات الرقابية التحرك ومواجهة المخالفين وضمان ألا تتسرب أموال الدعم الطائلة إلي غير مستحقيها من التجار والموردين. أوضحت أن التجربة أثبتت الحاجة لتعديل قانون عمل الجهاز لمنع الإعلانات المضللة وزيادة الغرامات علي المخالفين والزام التاجر أو المورد بالفاتورة سواء طلب المستهلك أم لا. تخطيط الأسعار * قلنا للمهندسة عنان هلال.. طالبت بعض الأصوات من خبراء الاقتصاد مؤخراً بعودة جهاز تخطيط الأسعار لمواجهة الارتفاع الكبير في سعر معظم المنتجات فما رأيك؟ ** طالما أننا نعيش في ظل سوق حر وآليات العرض والطلب فلا يمكن أن تعود سياسة التسعير لأن ذلك يناقض هذا التوجه الذي نتبعه من الأساس ومن ثم فإنني أرفض ذلك ولكن في نفس الوقت من الممكن أن يكون للجهاز دور مختلف وهو اجراء دراسات حول أسعار المنتجات من خلال حساب التكلفة الفعلية وهامش الربح لكل أطراف المنظومة التجارية ثم الإعلان عن سعر استرشادي يعرفه المواطن حتي يستطيع أن ما إذا كان التاجر يغالي في الأسعار أم أنها تعبر عن التكلفة الحقيقية وبصفة عامة أعتقد أن عودة التسعيرة ليست الحل لضبط الأسعار ومواجهة الارتفاع المتواصل فيها ولكن الإتاحة هي الحل بمعني زيادة حجم المعروض من السلع من خلال زيادة الإنتاج المحلي من خلال أسلوب واضح بتعديل السياسة الزراعية وليس من خلال الاعتماد علي الاستيراد في توفير الاحتياجات فنحن نستورد ما يزيد علي 50% من غذائنا من الأسواق العالمية وهو ما يجعلنا نتأثر بشدة بأي تقلبات في الأسعار العالمية خاصة في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم وتراجع الإنتاج بشكل كبير بسببها أيضاً يجب أن يتواكب ذلك مع تقليل الفاقد من المنتج وخلق منظومة للتصنيع الزراعي بجوار أماكن الانتاج لتقليل الفاقد الكبير أثناءعملية النقل. حركة الأسواق * وما ردك علي ما يقال من أن جمعيات حماية المستهلك لم تنجح في المساهمة في ضبط إيقاع الأسواق وتنظيم حركتها والحد من الغلاء؟ ** لدي الشجاعة لأن أعترف بأننا كجمعيات أهلية لم ننجح في ذلك حتي الآن لسبب بسيط وهو أن الناس لدينا مازالت تفتقد لثقافة المقاطعة عندما ترتفع أسعار سلعة معينة مثلما يحدث في الخارج ولهذا نجحت جمعيات حماية المستهلك في الخارج في دورها وأصبحت أحد أهم عناصر ضبط الأسواق اضافة إلي جزئية هامة وهي عدم قدرتنا كمواطنين علي ترشيد الأستهلاك أو اتباع ما يعرف بسياسة الاستهلاك الرشيد الذي يجعل الشخص يحصل علي احتياجاته الفعلية فقط وهو ما يؤدي إلي توفير في موارده من ناحية وانخفاض في الطلب علي السلع من جهة أخري ومن ثم لا ترتفع الأسعار بالاضافة إلي أن ذلك يقلل الفاقد من الغذاء فكلنا نري حجم الغذاء الذي يلقي به في سلة القمامة لأنه اما غير جيد أو لأنه يزيد علي احتياجات الأسرة. مشاكل السلع * بمناسبة حديثك عن الفاقد من السلع أين أنتم كجمعيات وجهاز من تدني مستوي بعض السلع التي تصرف علي البطاقات التموينية؟ * للأسف المواطن أيضا يتحمل جزءاً كبيرا من المسئولية عن هذا الأمر فالمفروض أنه عندما يجد سلعة علي البطاقة ليست علي درجة جيدة أن يبلغنا كجمعيات أو يبلغ الأجهزة الرقابية حتي تتحرك فالدولة تقدم دعما هائلا للسلع التموينية ومن حق المواطن أن يحصل نتيجة هذا الدعم إلي من يستحقه بالفعل ولا يتسلل إلي المورد أو البقال التمويني الذي يقدم سلعة غير مناسبة للمواطن تكون نتيجتها الا يستخدمها وتتحول في النهاية إلي فاقد رغم ما ينفق عليها من موارد وموازنة للدولة. التجارة الداخلية * بدأت وزارة التجارة الداخلية والصناعة خطوات جادة من أجل تطوير منظومة التجارة الداخلية فهل يمكن أن يساهم ذلك في ضبط الأسواق؟ ** بكل تأكيد فإقامة مناطق تجارية في الأقاليم وأسواق للجملة والتجزئة وقد بدأت بالفعل في 7 محافظات علي مستوي الجمهورية سيحقق مصلحة المستهلك في أن تتوافر لديه سلعة جيدة بسعرمعقول حيث ستقل تكلفة النقل بشكل كبير مما ينعكس علي سعر المنتج النهائي بالإضافة إلي الفاقد خلال النقل سيقل بصورة كبيرة وهو ما يؤدي تباعاً إلي انخفاض الأسعار وأعتقد أنه يجب ان تتلازم مع ذلك كما قلت سياسات زراعية اكثر انضباطا وزيادة في الانتاج خاصة في المحاصيل التي نعاني من أزمات بها كالسكر والقمح ونحن لدينا مناطق واعدة يمكن ان نفي بهذا الغرض كالساحل الشمالي.. أيضا يجب الاهتمام بتحسين جودة رغيف الخبز وتطوير مستوي المخابز التي رأيت بنفسي مدي التدهور التي تعاني منه وتردي مستواها وهو ما يؤدي في النهاية إلي زيادة الفاقد من رغيف الخبز بصورة كبيرة واستخدامه في النهاية كعلف حيواني. حماية المستهلك * من المتوقع أن تشهد الدورة الحالية لمجلس الشعب تعديلاً في قانون حماية المستهلك فما هي الضرورة إلي ذلك رغم حداثة عهد الجهاز؟ ** نحن كجهاز مضي عليه 4 سنوات وقد أثبتت التجربة والممارسة العملية إلي أننا في حاجة إلي تعديل بعض نصوص القانون 97 لسنة 2006 الذي نعمل في ظله حالياً وتنحصر التعديلات في مجموعة من النقاط. الأولي خاصة بالفاتورة فالقانون الحالي ينص علي أن المورد أو البائع يقدم الفاتورة للمستهلك بناءً علي طلبه ونحن كجمعيات وجهاز نحاول أن نوعي المستهلك بذلك وأنه بدون وجود الفاتورة لن تقبل شكواه حول أي سلعة ولكن ذلك لم يجد كثيراً ولهذا فاقتراح التعديل يتضمن الزامية أن يقدم التاجر أو المورد الفاتورة سواء طلبها المستهلك أم لا وهذا أيضاً يتوافق مع قانون الضرائب الجديد.. والنقطة الثانية في التعديل خاصة بالإعلانات ففي القانون الحالي هناك فقرة حول الاعلانات المضللة أو الضارة وضرورة منها وبالفعل تخاطب الجهات المختلفة لتنفيذ ذلك ولكن في معظم الأحيان لا يستجاب لنا لأننا لا نمتلك آلية واضحة للتنفيذ ولهذا تقرر أن ينص التعديل المقترح علي حق مجلس ادارة الجهاز في إصدار قرار ملزم بمنع الاعلانات المضللة خاصة وأن كثيرا من وسائل الاعلام لا يهمها من قريب أو بعيد مصلحة المستهلك وكل ما يهمها تحقيق حصيلة اعلانية ضخمة ولذلك لا تهتم بمراجعة الإعلان والتأكد من مصداقيته..والتعديل الثالث مرتبط بالاعلانات أيضاً وهو خاص بأن تضمن رقابتنا اعلانات العقارات حيث لوحظ أن هناك حالات غش وتدليس في الكثير منها يجب التصدي لها والنقطة الرابعة والأخيرة في التعديلات هي مضاعفة الغرامات من 5 إلي 10آلاف كحد أدني ومن 100 ألف إلي 200 ألف كحد أقصي ويمكن أن تتضاعف في حالة العودة وارتكاب المخالفة مرة أخري. سلامة الغذاء * وما رأيك في تأخر صدور قانون سلامة الغذاء حتي الآن رغم أهميته في ضبط ايقاع الأسواق والتصدي للمخالفات في هذا لمجال؟ ** قد يكون هناك اختلاف حول تبعية الجهاز ومن المسئول عنه ولكن هذا لا يهمنا كمواطنين ومختصين فالمهم هو أن يتم الإسراع باصداره لأنه يتعلق بشيء هام وهو سلامة غذائنا وليس منطقيا أن يكون لدينا 17 جهة رقابية يحدث في كثير من الأحيان تضارب في اختصاصاتها وضياع للمسئولية وفي النهاية يكون المواطن الضحية ولذلك يجب أن نتخلص من أي خلافات ونعجل بالقانون لأنه سيلعب دورا كبيراً في حماية المواطن وضمان سلامة غذائه.