الجمهور تحمس للصحافة الإقليمية والموسيقي والمعارض التشكيلية بالمنصورة التفكير غير النمطي وراء اقامة "الصالون الثقافي" الذي ابتدعه إقليم شرق الدلتا الثقافي. وراح ينتقل به بين فروعه في الشرقية والدقهلية ودمياط وكفر الشيخ. في محاولة لجذب جمهور عادي وكبير انقطعت العلاقة تقريبا بينه وبين قصور الثقافة وأصبح طوال سنين- يحس برهبة في الاقتراب منها وكأنها سجون ومعتقلات!! الصالون الثقافي الذي أنشأه محمد عبد الحافظ ناصف رئيس الإقليم يعتمد علي إرضاء كل الأذواق. والتعامل مع كل المستويات في التلقي.. فهو يقيم ليلة كاملة متنوعة. ما بين قضية فكرية أو ادبية يتم مناقشتها كمحور أساسي للصالون. وافتتاح معرض للفن التشكيلي. وتقديم فقرة للشعر وأخري للموسيقي. أحدث هذه الصالونات استضافها قصر ثقافة المنصورة. وبدأ بافتتاح معرض تشكيلي جماعي جاء نتيجة لورشة فنية أقامها الفنان حمدي الزيني. ودرب خلالها عددا من التشكيليين الشباب. منهم شاهيناز طارق وأحمد زكي ورانيا جاد ورامي ربيع ورحاب تغيان ورامي عبد الحميد وسالي العطار ومني كمال وهامر أيوب وسارة حوريه وسارة سليمان والشيماء ربيع وعمر الزيني وآية الزيني وسعد باغا.. وقد أنجز هؤلاء الفنانون الشباب ابداعا تشكيليا نابضا بالحيوية. ومشتبكا بقوة مع الواقع. سواء أكان واقعا سياسيا أم اجتماعيا أو حتي كان تعبيرا عن سمات الطبيعة وكنوزها الدفينة. ومع طزاجة التعبير التشكيلي لهؤلاء الشباب الموهوبين. شارك حمدي الزيني بعدد من لوحاته المشحونة بخبرات الحياة. كوسيلة للتواصل بين الأجيال وتشجيع هؤلاء المبدعين الجدد. بعد المعرض احتشد الجمهور من أدباء ومثقفين ومواطنين عاديين في قاعة الندوات لمناقشة قضية الصحافة الإقليمية والنشر الإقليمي بصفة عامة.. وقد أدار الحوار محمد عبد الحافظ ناصف مؤكدا علي فكرة تواصل الفنون وتراسلها هذه بتقديم فقرات وفنون مختلفة. وكذلك مقدما فكرة طريفة للتثقيف "الإجباري" لبعض موظفي الثقافة!! فبعض هؤلاء الموظفون يدخل العمل ويخرج منه الي المعاش ولا يتأثر بمعني الشعر والنثر والفن بأجناسه!! وكثيرون منهم دفعت بهم القوي العاملة طوال السنوات الماضية الي قصور الثقافة. بدون تخصص ولا رغبة منهم.. فرأي ناصف أن يتدارك هذا الخلل وأن يكلف الموظفين الجدد ومازال الأمل فيهم كبيرا!! بحضور هذا الصالون ومناقشاته. بل ويوجه اليهم بعض الأسئلة المستقاة من فكرة الندوة المحورية. هذه الندوة أعادت الحاضرين الي الجذور الأولي للصحافة الإقليمية منذ أول صحيفة صدرت بمصر خارج القاهرة. وكانت هي "الكوكب الشرقي" عام 1873 . وأصدرها بالإسكندرية سليم حموي.. ثم صدرت الأهرام بالإسكندرية كذلك أسبوعيا عام 1876 من خلال سليم خليل تقلا. وتحولت الي يومية. ومازالت بالثغر في 3 يناير 1981 .. وتلتها اصدارات أخري أثناء ذلك. منها "صدي الأهرام" و "الوقت" و"حقيقة الأخبار" و"المنارة" .. حتي صدرت صحيفة تحمل اسم "الإسكندرية" عام 1878 في 11 يوليه. وبعدها أصدر سليم نقاش عام 1880 جريدتي "العصر الجديد" الأسبوعية و"المحروسة" اليومية .. مما يؤكد أن اقاليم مصر كانت حاضنة دافئة وقوية للصحافة بمعناها العام.. ولا يعني أبدا أن الصحافة الإقليمية .. أي الصادرة خارج القاهرة ينبغي أن تكون درجة ثانية. بل هي الأساس وهي النقلة الكبري لصحافتنا بصفة عامة.. وعلي مبدعي الأقاليم ومثقفيها كما أكد المتحدثون ألا ينظرون لأعمالهم واجتهاداتهم بأنه دون مستوي ما يصدر في القاهرة.. جاء هذا الكلام في الندوة علي هامش الحديث عن نشرة جديدة أصدرها الإقليم باسم "اخبار الشرق" بجهود كبيرة من محمد ناصف في التحرير. ومعه وليد فؤاد وشريف صلاح الدين وعبد الناصر الجوهري وشيماء القصبي وإخراج فني لطارق العوضي.. والنشرة تستحق التشجيع. لأنها صدرت في عددين منها في ظروف غير مواتية ماليا ولا فنيا. بإمكانات شديدة التواضع.. ورغم ذلك بدأ التحسن واضحا في العدد الثاني الذي تدارك كثيرا من قصور العدد الأول.. والمحصلة للعددين أنهما يعبران عن الواقع الثقافي والنشاط الحقيقي لإقليم شرق الدلتا. ويلقيان أضواء مبهرة حول هذا النشاط ويقيمان خيوط تواصل مع بعض رموزنا أمثال الراحل خيري شلبي وكل من يسري الجندي ومحمد أبوالعلا السلاموني.. كما تعد النشرة همزة وصل بين رئيس الهيئة سعد عبد الرحمن وكل الموظفين والمثقفين في هذا الإقليم الزاخر بالحركة. الندوة تعرضت كذلك للإصدارات المهمة من الكتب التي جسدت الحركة الأدبية للكبار والأطفال معا في الاقليم. كمجموعات قصصية ودواوين شعر. مع كتاب تذكاري لتخليد رواد المنطقة من الأدباء . بدأ بالراحل مصطفي الأسمر. الصالون الذي حضره عدد كبير من رموز الحركة الثقافية بالدقهلية. ومنهم: محمد خليل وسمير بسيوني وفرج مجاهد وفاطمة الزهراء فلا وطارق العوضي وفتحي هاشم وعلي عبد العزيز وعبد الخالق السيد ووليد فؤاد وشريف صلاح وشيماء عزت ود. أشرف حسن وحسام حشيش وجيهان سلام وعطية العدل. شهد فقرة طريفة وممتعة. تدخل في سياق التثقيف الموسيقي. فمع غناء للمطربة "منة" استعرضت د. أمل سعد بعض الألحان لمحمد عبد الوهاب بصوت نجاة الصغيرة. وبرعت في تحليلها موسيقيا . ونجحت في تقريبها الي المتلقين وكشف بعض كنوز موسيقانا العربية الأصيلة.. وتأكد نجاح هذا الصالون كذلك بصوت شعري عربي أصيل هو الشاعرة التونسية فاطمة الشريف التي ألقت بعض قصائدها فتواصل معها الجمهور. وذكر رئيس الأقليم في نهاية الصالون أن سعد عبد الرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة وافق علي فكرة طرح ما لدي الإقليم من إصدارات سابقة مكدسة في المخازن. علي القراء بأسعار رمزية 20 كتابا بخمسة جنيهات وأقبل طلاب الجامعات علي اقتناء هذه المجموعات.