الحفناوي وماضي والمصري أبطال النصر.. وداغر وعمران ومنصور عانوا من الجحود!! تضم هيئة قصور الثقافة حوالي 16 ألف موظف. وهي هيئة من هيئات وقطاعات كثيرة تابعة لوزارة الثقافة. التي يعد تقييمها الأخير -بعد عدة عقود من إنشائها- صفراً!!.. بالنظر إلي التأثير في الشعب. وتثقيف الناس. وتوعيتهم.. فلا أثرت. ولا ثقفت !!. ولا وعت حتي أكثرية العاملين فيها!!. بدليل ما نراه الآن مستشرياً من تطرف وإرهاب وعنف وجهل ومتاجرة بالدين. لو أن هيئة قصور الثقافة -وكذلك سائر هيئات هذه الوزارة- قامت بتثقيف العاملين فيها وأسرهم فقط. لكان لدينا الآن شعب مثقف قارئ واع.. أو علي الأقل عدة ملايين من المثقفين -بجهود الوزارة- هم العاملون فيها وأسرهم وعائلاتهم. هذه الحقيقة المأساوية أدركتها الهيئة مؤخراً. خاصة في إقليم شرق الدلتا الثقافي برئاسة محمد عبدالحافظ ناصف. فابتدع الإقليم فكرة "الصالون الثقافي" الذي يعقد مرة كل شهر في كل فرع من فروع الإقليم: الشرقية والدقهلية ودمياط وكفر الشيخ.. وكانت التجربة الأولي بفرع ثقافة الشرقية برئاسة محمد مرعي الذي يقدم نشاطاً غير تقليدي في هذا الصالون. كما كان يكسر هذه التقليدية في أنشطة أخري ثقافية يقدمها في شتي قصور وبيوت الثقافة بمحافظة الشرقية. وقد "كلف" كل موظفي قصر ثقافة الزقازيق بحضور أحداث هذا الصالون. علي سبيل التثقيف. الصالون يعقد يوم أربعاء. ويجسد عملياً فكرة "تراسل الفنون" وتأثرها ببعضها. وتكاملها معاً.. فيبدأ بفقرة موسيقية غنائية من التخت الشرقي. ثم قضية فكرية أو أدبية تثار. ثم قصائد بالفصحي والعامية تلقي. وحول هذا هنالك معرض للفن التشكيلي ومعرض للكتب. مؤخراً أقيم هذا الصالون بقصر ثقافة الزقازيق كختام لاحتفاليات الفرع بانتصارات اكتوبر. وقدمه محمد مرعي. وأداره أحمد سامي خاطر مدير قصر ثقافة الزقازيق. وقد بدأ بالتخت الشرقي الذي يضم الفنانين أحمد حسني ومجدي توفيق وأحمد صلاح ومحمد بكر. وهم جزء من فرقة محمد عبدالوهاب الموسيقية. ومزجت فقرتهم بين الموسيقي وأداء محكم لبعض الأغاني الوطنية الشهيرة. الصالون الذي حضره عدد كبير من رموز الحركة الثقافية بالشرقية. ومنهم: مجدي جعفر وأحمد النحال ونبيل مصيلحي ومحمود أحمد علي وصلاح محمد علي وحسني هداهد ويحيي السيد ونمير أحمد وأحمد جاد وأحمد عثمان وجهاد النجار وأيمن ثابت وشوقي السيد وعزت ابراهيم.. طرحت فيه قضية طريفة تتمثل في هذا الجحود الذي يعانيه الكثيرون من أبطالنا وجنودنا المجهولين في شتي مجالات الحياة. ومنها -بهذه المناسبة انتصار اكتوبر الذي ظل الحديث فيه حكراً علي وسائل الإعلام والحكومة التي أطلقت اسم "بطل الحرب والسلام" علي السادات- ثم اختفت هذه الجملة فور وفاته ليظهر لنا تعبير جديد هو "صاحب الضربة الجوية الأولي" كصفة ملاصقة للحاكم المخلوع. بينما تناسي الجميع -مع سبق الإصرار- البطل العسكري الفذ والرجل الثاني في هذه المعركة -بعد السادات- وهو سعد الدين الشاذلي. ليس الشاذلي وحده الذي أنكر فضله وجحدت جهوده كما يؤكد محمود بطوش في حديثه بالصالون. وكما قال عدة متحدثين بل إن هناك أبطالاً آخرين في شتي المواقع والأسلحة. فمثلاً في الطيران هناك البطل الأسطوري "ضياء يحيي الحفناوي" الذي كان رائداً طياراً حينذاك وضرب رقماً قياسياً في البطولة. فقد أسقط سبع طائرات فانتوم وسكاي هوك بطائرته الميج السوفيتية الأقل كفاءة.. ولم ينل أي تكريم ملائم ولا رآه الشعب كل عام في احتفاليات التليفزيون الحكومي بهذه المناسبة وحتي الآن!! من هؤلاء الأبطال كذلك الذين ظلموا -كما يذكر بطوش- هو محمد المصري صاحب أعلي عدد من الدبابات التي دمرت للصهاينة. وقد تفوق علي بطل آخر هو عبدالعاطي. لكن لا أحد يلتفت إليه.. هنالك أيضا ضابط الاحتياط المهندس أحمد ماضي أول من شق ثغرة في خط بارليف.. وروي بعد ذلك حكاية هذه الثغرة بشكل شفهي. فنشرتها له جماعة الجيل الجديد كرواية تحمل اسم "الممر" لتكون أول عمل أدبي له. هؤلاء الجنود المجهولون ظاهرة منتشرة في كل مناحي الحياة. ففي الإبداع مثلاً نسي الناس صاحب أجمل أغاني النصر "عبدالرحيم منصور" ومن أغانيه "بسم الله.. الله أكبر". كما أن منشداً دينياً عبقرياً قصفه الموت ولم ينل حقه حياً أو ميتاً هو الشيخ محمد عمران. وقد كان صديقاً لمبدع آخر "عالمي" يجهله أكثر الناس هو الفنان عبده داغر عازف الكمان والمؤلف الموسيقي الذي يعيش مجهولاً بيننا ويعرفه الغربيون أكثر منا وينتجون مؤلفاته الموسيقية. الصالون اختتم بأمسية شعرية تعدت فيها الأصوات ما بين كتابات تجديدية وأخري تقليدية. وكذلك من الكتابات الوطنية والوجدانية.