شاركت أمس مع عدد من رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة في اجتماع لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشعب برئاسة د. أمين مبارك "للنظر في التجاوزات التي نشرتها بعض الصحف فساهمت في احتقان الرأي العام متناسية المسئولية الاجتماعية وعدم التزامها بميثاق الشرف المهني".. كما جاء نصاً في متن الدعوة الموجهة لنا. وقد كان اجتماعاً مثمراً وموضوعياً ومهماً للغاية سواء من حيث الموضوع المطروح للمناقشة أو التوقيت.. كما اتسم بالصراحة الشديدة وعدم ترك الباب "موارباً" مثلما اعتدنا في كثير من الأمور. *** بداية.. أكدنا علي أمرين: الأول.. أن الاجتماع ليس محاكمة للصحف بل هو نقاش لتحديد المسئوليات والأخطاء وتلافيها في المستقبل خاصة أن كل الصحفيين علي اختلاف انتماءاتهم الصحفية وطنيون ولا مجال للتشكيك في ذلك. والثاني.. أن بعض الصحف وإن كانت قد تجاوزت في النشر فإنها ليست المتهم الوحيد في احتقان الشارع. لذا.. فقد مارسنا نقداً ذاتياً صريحاً وشجاعاً. ونقداًَ مشابهاً لعورات المجتمع والتي أفرزت في النهاية حالة الاحتقان التي نراها الآن. *** نعم.. بعض الصحف - وقد حددتها أمس في كلمتي بالاسم وقدمت نماذج لما نشرته وبالتواريخ - قد ساهمت في زيادة الاحتقان بنشر موضوعات ومقالات تثير الأقباط مثل تشويه صورة البابا شنودة ورجال الدين والنيل من مكانتهم وتناول موضوع كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين بشكل فج ومثير للفتنة. أو بإضفاء صفات مرفوضة عليهم مثل أنهم أقلية أو مدللون وتحريض الأمن عليهم. أو بتصنيف المجتمع وتقسيمه إلي مسلم وقبطي مثلما نري في وصف كاتب أو باحث أو متهم أو مجني عليه بأنه قبطي. لكن.. رغم هذا.. فإن ما تم نشره - وإن كان خطأ جسيماً - لم يكن السبب في خلق الاحتقان بل إن هناك أسباباً أخري في مقدمتها التمييز بين أفراد المجتمع سواء كانوا مسلمين أو أقباطاً وبطء إجراءات التقاضي خاصة في القضايا التي يكون طرفاها مسلماًَ وقبطياً أو في الجرائم التي تحمل شبهة طائفية مثل نجع حمادي وفرشوط أو في عدم صدور قانون ينظم بناء دور العبادة.. وغيرها كثير. *** أنا مع الرأي المطالب بأن يتعامل الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع مع قضايا المجتمع علي أساس "المواطنة" كما نصت عليها المادة الأولي من الدستور.. وأن تقوم نقابة الصحفيين بمحاسبة أعضائها الخارجين علي هذا الإطار الذي يحفظ للمجتمع تماسكه وأمانه وسلامه. لكني أيضاً مع ضرورة مناقشة كل مسببات الاحتقان دفعة واحدة داخل لجان البرلمان بمجلسيه. إنني أشيد بعمق فكر هيئة مكتب لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشعب التي بادرت بفتح هذا الملف.. واتمني فتحه في باقي اللجان كل فيما يخصه. التعليم مثلاً أحد الأسباب القوية ولابد من مناقشته داخل لجنته المختصة. التوظيف سبب هو الآخر ولابد أن تناقشه لجنة القوي العاملة. الخطاب الديني.. كارثة الكوارث.. وأعتقد أنه أولي بالمناقشة الآن في لجنة الشئون الدينية من موضوع زواج القاصرات الذي يمكن تأجيله أسبوعاً مثلاً. العلاج والتمييز فيه بين غني وفقير ولا أقول بين مسلم وقبطي هو أحد أسباب احتقان المجتمع وحان وقت مناقشته في لجنة الصحة. السكن والتمييز فيه أيضاً بين عامة الناس والديناصورات. سبب آخر في الاحتقان ويجب مناقشته في لجنة الإسكان. عموماً.. لقد وضعنا أيدينا علي أول "حبة" في السبحة.. وننتظر باقي "الحبات".