في احتفال مهيب نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الشاعر سعد عبدالرحمن تم تأبين الشاعر الراحل حلمي سالم في ندوة بعنوان "حلمي سالم مدينة الشعر" أقامتها الإدارة العامة للثقافة العامة برئاسة الكاتب فؤاد مرسي علي مسرح قصر ثقافة الجيزة بحضور رئيس الهيئة والشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث ومنيرة صبري رئيس إقليمالقاهرة الكبري والشاعرة عبده الزارع مدير فرع ثقافة القاهرة. ولفيف من المثقفين والنقاد والإعلاميين. في البداية أشار الشاعر سعد عبدالرحمن إلي أنه في هذا اليوم يغيب فارس من فرسان الشعر الذي ينتمي إلي جيله "جيل السعبينيات" مؤكداً أن سالم كان فارساًَ بمعني الكلمة في المجال السياسي والإبداعي واصفاً الشاعر بانه شاعر صاحب بصمة في الشعر المصري وشخصية فريدة تستطيع معرفته من شعره. مشيراً إلي مقولة العقاد عن الشعراء الشاعر الذي لا يعرف من شعره لا يستحق ان يعرف هكذا هو فارسنا حلمي سالم الذي نعرفه من شعره مختتماً حديثه بأن "الشعراء الكبار لا يموتون" حاضرين بقوة إبداعهم وشعرهم.. وأضاف الشاعر مسعود شومان انه ما كان ليتكلم في حضور قامة كبيرة مثل حلمي سالم الذي لم يكن شاعراً عادياً لكنه كان ايقونة شعرية تستطيع قراءة مصر سياسياً واقتصادياً وثقافيا من خلالها إلي جانب مواقفه الإنسانية والإبداعية كما كان ناقداً مهما واستطاع ان يعلن عن مواقفه السياسية من خلال شعره مؤكداً أن حلمي سالم وشعره تجربة مكتملة شعرا ونقدا لابد امامها ان يسقط الكلام وان نبدأ في العمل.. وأوضح الشاعر عيد عبدالحليم ان رحلة حلمي سالم لم تكن رحلة عادية ولكنها رحلة في تطور القصيدة كما انه أكثر شعراء الحداثة المصرية انتاجا فقد اخلص للشعر فاخلص له واعطاه 20 ديوانا أضاف انه موسيقي يعزف اوتاره بيده ويتوحد مع وتره يتداخل في الموسيقي ليصبح هو الموسيقي فقد يملك سالم القدرة علي وصف التشيؤ الذي دخل روح الإنسان وعبر عنه بجرأة وليبرالية وهذا راجع إلي روح المجازفة والمغامرة والتحدي كما ظهر في آخر دواوينه "معجزة التنفس" ويذكرعبد الحليم ان سالم كان يشبه المحارب القديم في آخر لقاءاته في مجلة أدب ونقد وهو يجدد نفسه حين يلقي شعره وهو أشبه بالطفل الفرح الذي يجمع الفراشات فقد كان شاعراً يجمع الشعر كما يجمع الفراشات.. وأكدت الناقدة فريدة النقاش ان هناك علاقة تشابك بين الفني والسياسي في ديوان حلمي الأخير "معجرة التنفس" و"تساءلت" هل قصيدة النثر لا تزال مقصاة وغير شرعية كما فعلوا مع شعراء قصيدة التفعيلة من قبل؟ كما أوضحت ان سالم كان سعيدا بثورة 25 يناير وقد عبر عنها وسط حشد الشباب بالميدان والتقطت النقاش جانبا آخر من حياة سالم مشيرة إلي أن هناك دائماً فجوة بين سلوك الشاعر ومواقفه الحياتية ولكن سالم كان متسقا مع روحه وثقافته وأسلوبه في الحياة وكذلك ابداعه لانه كان يعيش ما يكتب ويكتب ما يعيش فشعره كان تفاصيل حياته اليومية وتعبيرا فوريا عن القيم الإنسانية في قالب إبداعي وجمالي.. أما الناقد أمجد الريان فقد شارك بتقديم سالم من وجهة نظره الخاصة والتي تحمل عنوان سالم واستلهام التجارب الحياتية مؤكداً ان الشعر كان ولا يزال معتمدا علي التجربة الحياتية من العصر الفرعوني للجاهلي للعباسي لعصرنا الحديث غير ان قصيدة النثر لها جذور عميقة في الشعر الصوفي الإسلامي وغيره ذاكرا قصيدة صلاح عبدالصبور التي تحمل عنوان "يا صاحبي إنني حزين".. وقال ريان إن شعر سالم ينتمي إلي القصائد الأسرية فهو يعتمد في ذهنيته علي اختزال الأفكار بداخله لتخرج رويداً في قصائدة معبراً عنها بلغة مميزة تحمل معاني حميمية مختاراً مواقف إنسانية معبرة ليجعل من الأسرة ملاذا ضد العشوائية والتشظي مؤكداً أن السرد في شعر سالم هو بنية أساسية تتوافق مع تيمة رواية الأجيال مثل نجيب محفوظ كما جاء في قصيدتة "يا شقيقتي" فهذا الدافع الذي يكتب به سالم هو الذي جعله يخلق المعاني بمترادفاتها الشعبية التجريدية الذي بدأه جيل السبعينيات وان يجعل هذه الرموز التجريدية المعادلة الصعبة بين الشعر والتجريدي تعبر عن الحياة وأكد ان أسلوبه الشعري كان نابعا من النوستالجيا أي "ذكريات الطفولة" والحنين إلي الماضي.. كما تحدث الشاعر شعبان يوسف عن المسيرة الطويلة لحلمي سالم مستعرضا انجازاته الشعرية ومواقفه السياسية ودوره في تجميع شعراء جيل السبعينيات واصدار مجلة إضاءة وغيره من الانجازات التي تؤكد مكانته الكبري في مسيرة الشعر المصري والعربي.. وفي نهاية الاحتفالية كرم الشاعر عبدالرحمن اسم الشاعر حلمي سالم باهدائه درع الهيئة الذي تسلمته ابنته حنين في حضور زوجته أمل بيضون.