بعد أشهر قليلة من توليه السلطة خلفًا للرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، وجد أنور السادات نفسه محاطا برجال يسعون للتآمر عليه ومنهم من خطط لاغتياله، فخرج على الشعب ثائرًا في 15 مايو 1971 في أحداث أسماها ب"ثورة التصحيح". وفي مثل هذا اليوم، قبل 45 عامًا، قام السادات بحركة للقضاء على نفوذ رجال عبدالناصر، أسماها حينها ب"ثورة التصحيح"، التي لم يتبق من ذكراها سوى كوبري 15 مايو، الممتد من ميدان سفنكس ويعبر فوق نهر النيل وجزيرة الزمالك وأبو العلا وينتهي بحي بولاق، ويمتد بطول 4.5 كم. تبدأ الأحداث حين اختار جمال عبدالناصر، السادات في عام 1969 نائبًا له، ليتولي بعده رئاسة البلاد، في فترة ولاية امتدت 11 عامًا اتخذ خلالها عدة قرارات تاريخية خطيرة هزت مصر، منها قراره إقصاء خصومه في 15 مايو 1971 والذين وصفهم بمراكز القوى. وفي مساء 11 مايو من عام 1971م، حضر ضابط شرطة يعمل في إدارة الرقابة بوزارة الداخلية لمنزل السادات، وقدم له مجموعة تسجيلات من بينها شريط يحمل مكالمة بين اثنين من مراكز القوى يتآمران عليه ويخططان لاغتياله، ليتخذ السادات قراره بالانقلاب على رجال عبدالناصر. واستعان السادات حينها باللواء الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري وقتها، في ثورته. وبعد إقالة السادات، وزير الداخلية شعراوي جمعة، ردت مراكز القوى بمفاجأة الرئيس باستقالات جماعية، بهدف إحداث فراغ دستوري، لكن رد الرئيس جاء سريعًا، وشكل في 14 مايو أول وزارة تخلو من مراكز القوى منذ ثورة يوليو 1952. وفى مساء 15 مايو من عام 1971، فوجئ المواطنون بإذاعة خبر استقالة 5 من أهم الوزراء، على رأسهم وزراء: الحربية والداخلية والإعلام، فى النشرة المسائية، وبعد أقل من 48 ساعة ألقى السادات خطابًا، أعلن فيه اعتقال من أطلق عليهم مراكز القوى، ويسرد تفاصيل المؤامرة التي تعرض لها، ومحاولة الوزراء المستقيلين إحداث فراغ سياسي في البلاد، وقيام أعوانهم بالتجسس عليه لإحراجه والتطاول عليه، وألقى القبض عليهم داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون، واستعان السادات بعدد ممن كان يثق بهم، على رأسهم قائد الحرس الجمهوري الليثي ناصف. وجاء نص خطاب السادات في ذلك اليوم "أنا هسيب لكم كشعب، تفاصيلها كاملة، هسيب لكم كشعب تستنتجون منها ما تستنتجون.. لكن هقرر أمامكم إحقاقًا للحق ولمسئوليتي التاريخية جملة أمور.. أولها أنني لن أفرط في المسئولية إطلاقًا.. لن أسمح بقيام أي مركز من مراكز القوى، مهما كان مكانه، ومهما كانت قوته أبدًا.. وأنا أعيد هذا الكلام الذي قلته في "أنشاص"، أمام نصف القوات المسلحة المصرية، والتهبت أيديهم بالتصفيق. وأقولها علنًا الآن للجيش والشعب، ويسمعني أيضًا من حددت إقامتهم، الذين تصوروا أنهم قادرون على عمل انهيار للجبهة الداخلية، محققين بذلك أهداف أعدائنا بضرب ظهر قواتنا المسلحة.. ولكن بفضل الله لم يحدث ذلك، وقواتنا ما زالت قوية. لن أفرط في الأمانة.. لن أسمح بقيام مراكز قوى أبدًا، سأتقدم للشعب لإجراء انتخابات حرة من القاعدة إلى القمة للاتحاد الاشتراكي، وسأشرف بنفسي ولجنة قضائية في مكتبي، ومستشارون من وزارة العدل، للإشراف على كل صغيرة وكبيرة، بدءًا بتوزيع التذاكر من الوحدة الأساسية، لكي نأتي باتحاد هو الذي يمثل شعبًا صنع هذا التاريخ". وعقب أحداث 15 مايو، انعقدت محكمة استثنائية لمحاكمة أعضاء مراكز القوى بتهمة محاولة قلب نظام الحكم وصدر حكم بالإعدام ضد بعضهم، لكن الرئيس السادات خفف الحكم إلى السجن لمدد متفاوتة، وظل بعضهم المدة كاملة في السجن، وأفرج عن آخرين لأسباب صحية. حاول السادات في ذلك التوقيت أن يطلق على حركته "ثورة التصحيح"، لكًّن كتّابًا وساسة اعتبروها ثورة "تصفية حسابات" أو "انقلاب قصر" أو "مؤامرة دستورية" أو "غباء سياسي". أسفرت ثورة التصحيح التي لم يبق منها سوى اسم الكوبري الشهير عن اعتقال كل الحكومة. اتخذ السادات بعد ما أسماه بثورته التصحيحية، قرار بحرب أكتوبر في عام 1973، ثم كانت قرر الدخول في معاهدة السلام مع الكيان الإسرائيلي، وزار القدسالمحتلة، مما ألب عليه الرأي العام المصري والعربي المناهض للتطبيع مع إسرائيل فضلا عن قراره الاستغناء عن 17000 خبير روسي إلى أن اغتيل في السادس من أكتوبر 1981.