«لن أفرط في الأمانة.. لن أسمح بقيام مراكز قوى أبدًا، سأتقدم للشعب لإجراء انتخابات حرة من القاعدة إلى القمة للاتحاد الاشتراكي، وسأشرف بنفسي ولجنة قضائية في مكتبي، ومستشارون من وزارة العدل، للإشراف على كل صغيرة وكبيرة، بدءًا بتوزيع التذاكر من الوحدة الأساسية، لكى نأتي باتحاد هو الذي يمثل شعبًا صنع هذا التاريخ»، بهذه الكلمات خرج الرئيس الراحل محمد أنور السادات على الشعب ثائرًا للتصحيح عندما وجد السادات نفسه محاطًا برجال يسعون للتآمر عليه ومنهم من خطط لاغتياله. ورصدت «المصريون» أهم التساؤلات حول أكبر أزمة واجهها الرئيس منذ بداية توليه الرئاسة، بعد وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وما لا تعرفه عن «ثورة التصحيح» في الذكرى ال44 لها، والتي تصادف 15 مايو من كل عام منذ 1971. ما هى «ثورة التصحيح»؟ توفى عبد الناصر، وكان السادات نائبًا له فتولى رئاسة الجمهورية، فوجد الأخير نفسه مُحاطًا بحزمة من رجال عبد الناصر الذين أطلق عليهم اسم مراكز القوى، ومن أهمهم على صبرى نائب رئيس الجمهورية، وشعراوى جمعة وزير الداخلية، ومحمد فايق وزير الإعلام، ومحمد لبيب شقير رئيس البرلمان، وسامى شرف سكرتير رئيس الجمهورية، وقاموا بتقديم استقالات جماعية، محاولة منهم للانقلاب على نظام الحكم ففاجئهم السادات بقبول الاستقالة. ما وراء تفجير الأزمة؟ البداية كانت فى مساء 11 مايو من عام 1971م، عندما حضر ضابط شرطة يعمل فى إدارة الرقابة على الهاتف فى وزارة الداخلية لمنزل الرئيس، وقدم له مجموعة تسجيلات من بينها شريط يحمل مكالمة بين اثنين من مراكز القوى يتآمران على السادات ويخططان لاغتياله. ماذا عن الاستقالات الجماعية؟ أقال السادات وزير الداخلية شعراوى جمعة، فردت مراكز القوى بمفاجأة الرئيس باستقالات جماعية، بهدف إحداث فراغ دستورى، لكن رد الرئيس السادات جاء سريعًا، وشكل فى 14 مايو سنة 1971 أول وزارة تخلو من مراكز القوى منذ ثورة يوليو 1952. وفى مساء 15 مايو من عام 1971، فوجئ المواطنون بإذاعة خبر استقالة 5 من أهم الوزراء، على رأسهم وزراء: الحربية والداخلية والإعلام، فى النشرة المسائية، وبعد أقل من 48 ساعة ألقى السادات خطابًا، أعلن فيه اعتقال من أطلق عليهم مراكز القوى، ويسرد تفاصيل المؤامرة التى تعرض لها، ومحاولة الوزراء المستقيلين إحداث فراغ سياسى فى البلاد، وقيام أعوانهم بالتجسس عليه لإحراجه والتطاول عليه، وألقى القبض عليهم داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون، واستعان السادات بعدد ممن كان يثق بهم، على رأسهم قائد الحرس الجمهورى الليثى ناصف. ماذا قال «السادات» في خطابه؟ «أنا هسيب لكم كشعب، تفاصيلها كاملة، هسيبلكم كشعب تستنتجون منها ما تستنتجون.. لكن هقرر أمامكم إحقاقًا للحق ولمسئوليتى التاريخية جملة أمور.. أولها أنني لن أفرط في المسئولية إطلاقًا.. لن أسمح بقيام أي مركز من مراكز القوى، مهما كان مكانه، ومهما كانت قوته أبدًا.. وأنا أعيد هذا الكلام الذي قلته في "أنشاص"، أمام نصف القوات المسلحة المصرية، والتهبت أيديهم بالتصفيق، وأقولها علنًا الآن للجيش والشعب، ويسمعنى أيضًا من حددت إقامتهم، الذين تصوروا أنهم قادرون على عمل انهيار للجبهة الداخلية، محققين بذلك أهداف أعدائنا بضرب ظهر قواتنا المسلحة.. ولكن بفضل الله لم يحدث ذلك، وقواتنا ما زالت قوية». وتابع: «لن أفرط في الأمانة.. لن أسمح بقيام مراكز قوى أبدًا، سأتقدم للشعب لإجراء انتخابات حرة من القاعدة إلى القمة للاتحاد الاشتراكى، وسأشرف بنفسى ولجنة قضائية في مكتبى، ومستشارون من وزارة العدل، للإشراف على كل صغيرة وكبيرة، بدءًا بتوزيع التذاكر من الوحدة الأساسية، لكى نأتى باتحاد هو الذي يمثل شعبًا صنع هذا التاريخ». ماذا كان مصير «مراكز القوى»؟ انعقدت محكمة استثنائية لمحاكمة أعضاء مراكز القوى بتهمة محاولة قلب نظام الحكم وصدر حكم بالإعدام ضد بعضهم، لكن الرئيس السادات خفف الحكم إلى السجن لمدد متفاوتة، وظل بعضهم المدة كاملة في السجن، وأفرج عن آخرين لأسباب صحية.