سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الذكرى ال43 ل "ثورة التصحيح".. السادات يقيل وزير الداخلية بعد كشف مؤامرة الحرس القديم.. مراكز القوى تسعى لإحداث "فراغ دستورى" في البلاد.. والشعب يستقبل التغييرات بحماس كبير
مع منتصف شهر مايو من كل عام يتذكر المصريون أحداث ثورة التصحيح التي جرت وقائعها عام 1971 في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، لتأتى على غرار "خطوة التصحيح" في "تشيكو سلوفاكيا" عام 1968 ضد الجمود العقائدى والتزمت الرجعية. ثورة التصحيح تسير في خطين ويتضح للمراقبين أن "ثورة التصحيح" سارت في خطين واضحين منذ البداية أحدهما خط يهدم كل سلبيات المرحلة التي قادت مصر إلى نكسة 1967، وما أعقبها من مرارة، وخط آخر يستهدف تعميق الإيجابيات والسير بها إلى آفاق رحبة. ففي 11 مايو عام 1971 وصل إلى بيت السادات ضابط شرطة يعمل في إدارة الرقابة على الهاتف في وزارة الداخلية، وكان يحمل مجموعة من الأشرطة المسجلة من بينها شريط عليه تسجيل لمكالمة بين اثنين من مراكز القوى يتضح فيها تآمرهما على السادات وبها مخطط لاغتياله. استقالة مراكز القوى بدأ السادات بإقالة وزير الداخلية شعراوى جمعة، وقررت مراكز القوى مفاجأة الرئيس باستقالات جماعية، بما يهدد بإحداث فراغ دستورى في البلاد، الأمر الذي تداركه السادات بحنكة شديدة، فقبل استقالاتهم وشكل في 14 مايو سنة 1971 أول وزارة تخلو من مراكز القوى منذ ثورة يوليو 1952. السادات يفضح المؤامرة ومن خلال خطبة شهيرة أعلن السادات عن المؤامرة التي كانت تدبر ضد البلد ومحاولة مراكز القوى لإحراقها عن طريق انهيار الجبهة الداخلية، قال السادات: "أنا هسيب لكم كشعب، تفاصيلها كاملة، هسيبلكم كشعب تستنتجون منها ما تستنتجون.. لكن هقرر أمامكم إحقاقًا للحق ولمسئوليتى التاريخية جملة أمور.. أولها أنني لن أفرط في المسئولية إطلاقًا.. لن أسمح بقيام أي مركز من مراكز القوى، مهما كان مكانه، ومهما كانت قوته أبدًا.. وأنا أعيد هذا الكلام الذي قلته في "أنشاص"، أمام نصف القوات المسلحة المصرية، والتهبت أيديهم بالتصفيق، وأقولها علنًا الآن للجيش والشعب، ويسمعنى أيضًا من حددت إقامتهم، الذين تصوروا أنهم قادرون على عمل انهيار للجبهة الداخلية، محققين بذلك أهداف أعدائنا بضرب ظهر قواتنا المسلحة.. ولكن بفضل الله لم يحدث ذلك، وقواتنا ما زالت قوية". وأضاف "لن أفرط في الأمانة.. لن أسمح بقيام مراكز قوى أبدًا.. سأتقدم للشعب لإجراء انتخابات حرة من القاعدة إلى القمة للاتحاد الاشتراكى، وسأشرف بنفسى ولجنة قضائية في مكتبى، ومستشارون من وزارة العدل، للإشراف على كل صغيرة وكبيرة، بدءًا بتوزيع التذاكر من الوحدة الأساسية، لكى نأتى باتحاد هو الذي يمثل شعبا صنع هذا التاريخ". أبعاد الثورة وكما ورد في كتب التاريخ فإن الرئيس الأسبق كشف أبعاد ثورة التصحيح التي بدأت في مايو 1971، وإن كانت قد عجلت بها مؤامرات مراكز القوى، فإنها كانت في جوهرها أمرًا ضروريًا، حتى يصبح الشعب أكثر استعدادا لتحمل أعباء المعركة والمساهمة في إحراز النصر، فقد كشفت هزيمة يونيو 1967 عن سلبيات كثيرة في حياتنا، كانت تشوه وجه تجربتنا الناصع، ومنذ آفاق الشعب من صدمة النكسة، بدأ يطالب بالتغيير والتصحيح في الكثير من مجالات حياته، وكانت الرغبة الشعبية العارمة من أجل التصحيح تقاوم من بعض مراكز القوى، التي كان من الصعب عليها أن تتخلى عن سلطاتها، أو تغير أساليبها في العمل، أو أن تقبل العلاقات الجديدة التي يطالب بها الشعب بين الحاكم والمحكوم". ووفقا لما روي فقد كان رئيس المخابرات العامة يمثل أحد مراكز القوى، وكذلك شعراوى جمعة وزير الداخلية، وعلى صبرى، نائب رئيس الجمهورية، وجميعهم كانوا ضد التغيير، لأنهم كانوا مراكز القوى الأساسية التي كانت تفرض القهر والضغوط. ولكن السادات برؤيته السياسية الخلاقة وحكمته العظيمة تبين أنه لا انتصار ولا تجاوز للهزيمة، إلا بالتخلص من مراكز القوى، ومن المناخ الفاسد الذي لا يكفل الحركة للجماهير لتسير في اطمئنان، ولكن بإعلان السادات قيام ثورة التصحيح، تلك الثورة التي عندما قامت استقبلها الشعب بحماس هائل، لأن الجماهير في مختلف مواقعها أحست أنها تعبر عن متطلبات المرحلة، وتعبر عن آمالها وأحلامها.