"الفيديوهات الساخرة تقودك إلى السجن".. بهذه الافتتاحية استهل التقرير الذي نشرته وكالة "أسوشيتيد برس" للأنباء تعليقًا منها على واقعة قيام أجهزة الأمن بالقبض على بقية أعضاء جماعة "أطفال الشوارع" التى تسخر بفيديوهاتها من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسى ومؤيديه على شبكة الإنترنت. وأضافت الوكالة فى ثنايا تقريرها المنشور على نسختها الإلكترونية، أمس الثلاثاء، أنَّ الخطوة تعد الحلقة الأحدث فى سيناريو القمع المتصاعد ضد المعارضين فى مصر، ما يعكس عدم تسامح الحكومة مع أية انتقادات من جانب المعارضة. ونقل التقرير عن محمود عثمان، محامى أعضاء "أطفال الشوارع" قوله إن الشرطة ألقت القبض على باقى أعضاء الفريق وهم: "محمد عادل ومحمد جبر ومحمد دسوقي ومحمد يحيى" أمس الاثنين فى القاهرة، وأنهم يواجهون على الأرجح تهمًا تتعلق بالتحريض على التظاهر وإهانة مؤسسات الدولة. وكانت الشرطة قد اعتقلت عز الدين خالد، 19 عامًا، العضو الخامس فى الجماعة السبت الماضى بتهم مماثلة، فى حين لم تلقِ السلطات القبض على العضو الخامس ويٌدعى محمد زين. يذكر أنَّ أطفال شوارع، هى مجموعة من الشباب يصورون مقاطع فيديو غنائية ساخرة من الشوارع وذات صلة بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية، وذاعت شهرتهم فى الآونة الأخيرة، وكان آخر مقطع فيديو نشرته المجموعة، يتحدث عن "المواطنين الشرفاء"، ليتم القبض على الشباب. وتتألف "أطفال شوارع" من 6 شباب يجتمعون فى أى مكان بمصر، يمسك أحدهم بهاتف محمول يصور "فيديو سيلفى" له مع الستة الآخرين، يغنون ويسخرون من واقع المجتمع، ومن ثم ينشرونه عبر صفحتهم على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، ولاقت الفرقة تجاوبًا كبيرًا معها منذ أشهر عبر منصات التواصل الاجتماعي. ونشرت المجموعة مقطع فيديو حديثًا على صفحتهم الرسمية بموقع "فيسبوك" السبت الماضى بعنوان "السيسى رئيسى جابنا لورا" وحاز الفيديو على نسبة مشاهدة عالية بلغت نصف مليون مشاهدة تقريبًا، واتسم الفيديو بانتقاد السيسي، بشكل ساخر. وخصصت المجموعة مؤخرًا أيضا فيديو كاملاً للسخرية من تنازل السلطات المصرية عن جزيرتى " تيران وصنافير" الواقعتين عن مدخل خليج العقبة فى البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية، وطريقة تعامل الحكومة مع معارضى هذا القرار المثير للجدل. ولطالما أكدت الحكومة المصرية أنها تكفل حرية التعبير عن الآراء، وليس لديها معتقلون سياسيون، وتكفل للمتهمين كافة الحقوق، لا سيما الطعن على الأحكام، وذلك ردًا على الانتقادات الحقوقية المحلية والدولية لمصر بعدم احترام حقوق الإنسان وملاحقة الكثير من النشطاء والمعارضين. احتجاز أعضاء " أطفال الشوارع" يأتى فى وقت اعتقلت فيه السلطات المصرية الكثيرين غيره، بينهم صحفيون ونشطاء وحقوقيون تظاهروا ضد حكومة السيسى لأسباب متنوعة من القضايا، بينها حرية التعبير، وما وصفوه ب"بيع الجزيرتين"؛ حيث نظروا إليه باعتباره تفريطًا فى السيادة المصرية". وتوترت الأجواء بين الداخلية والصحفيين مؤخرًا بعد أن أقدمت الأولى على خطوة غير مسبوقة لتقتحم نقابة الصحفيين وتلقى القبض على الصحفيين عمرو بدر رئيس تحرير بوابة يناير ومحمود السقا الصحفى فى نفس البوابة، أثناء اعتصامهما بالنقابة. و من جانبه ،نفى وزير الداخلية مجدى عبد الغفار ارتكاب أى مخالفات فى القضية، مُصرّا على أن الصحفيين اعتصما فى النقابة بشكل غير قانونى لتجنب الاعتقال. جدير بالذكر إن اشتعال الأوضاع زاد بشكل أكبر بعد التسريبات الأمنية التى توضح ملامح خطة أعدتها وزارة الداخلية لمواجهة الحملة الإعلامية التى وصفتها ب " الشريرة" والتى تجيء فى أعقاب قيام ضباط باقتحام مقر نقابة الصحفيين واعتقال اثنين من الصحفيين فى الأول من هذا الشهر فيما اعتدت الخطة على ضرورة تشويه النقابة وأعضاء مجلسها عن طريق التنسيق مع عدد من اللواءات السابقين للظهور على البرامج الإعلامية للدفاع عن موقف الداخلية.