"القمع في مصر يزداد مع اعتقال محامى حقوقي بارز".. تحت هذا العنوان أفردت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سي" تقريرا حول واقعة اعتقال مالك عدلى المحامى الحقوقى بتهم قلب نظام الحكم ونشر أخبار كاذبة. وأضافت ال"بى بى سى" أنه الإجراء الأحدث للحكومة المصرية ضد منتقدى قرارها بالتنازل عن تبعية جزيرتى "تيران وصنافير" للسعودية تزامنا مع موجة من الاعتقالات التى تشهدها مصر فى الوقت الذى تسعى فيه قوات الأمن إلى إخماد نار الاحتجاجات ضد قرار الحكومة المتعلق بالجزيرتين.
وأوضحت هيئة الإذاعة البريطانية أن عدلي، وهو عضو في حركة 6 أبريل التي كانت من بين العوامل الرئيسية التي أشعلت ثورة ال25 من يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسنى مبارك بعد 30 عامًا قضاها في سدة الحكم، قد حل مؤخرًا ضيفًا في عديد من برامج "توك شو"، معربًا عن معارضته الصريحة لقرار الحكومة التنازل عن "تيران وصنافير". وأشارت البى بى سى إلى إن عدلي أيضًا من بين مجموعة من المحامين الذين حركوا دعوى قضائية بخصوص الجزيرتين. أزمة الجزيرتين أشعلت موجة غضب شعبى تجسدت فى تظاهر قرابة 3 آلاف شخص فى ال15 من أبريل المنصرم ضد قرار الحكومة بتسليم "تيران وصنافير" إلى السعودية، فى واحدة من أكبر التجمعات العامة التى تشهدها مصر منذ العام 2013 الذى أشرف فيه السيسى آنذاك، بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة على تمرير قانون يجرم التظاهر فى الشوارع بدون ترخيص مسبق من الأجهزة الأمنية. وقبل عدلي، اعتقلت قوات الأمن أيضًا اثنين من الصحفيين على خلفية احتجاجات الجزيرتين، أثناء تواجدهما داخل مقر نقابة الصحفيين واقتيادهما إلى جهة غير معلومة، ما أشعل غضب الجماعة الصحفية التى طالبت مؤسسة الرئاسة بتقديم اعتذار رسمى وإقالة وزير الداخلية. وتوترت الأجواء بين الداخلية والصحفيين مؤخرا بعد أن أقدمت الأولى على خطوة غير مسبوقة لتقتحم نقابة الصحفيين وتلقى القبض على الصحفيين عمرو بدر رئيس تحرير بوابة يناير ومحمود السقا الصحفى فى نفس البوابة، أثناء اعتصامهما بالنقابة. وقرر بدر والسقا الاعتصام داخل مقر نقابة الصحفيين، للتنديد بمداهمة قوات الأمن لمنزليهما، بعد إصدار نيابة أمن الدولة العليا قرارًا بضبطهما وإحضارهما، بتهمة "التحريض على التظاهر فى جمعة الأرض." ونفى وزير الداخلية ارتكاب أى مخالفات فى القضية، مصرًا على أن الصحفيين اعتصما فى النقابة بشكل غير قانونى لتجنب الاعتقال. واشتعلت الأوضاع بشكل أكبر بعد التسريبات الأمنية التى توضح ملامح خطة أعدتها وزارة الداخلية لمواجهة الحملة الإعلامية التى وصفتها ب " الشريرة" والتى تجيء فى أعقاب قيام ضباط باقتحام مقر نقابة الصحفيين واعتقال اثنين من الصحفيين مساء الأحد الماضي. واعتمدت الخطة على ضرورة تشويه النقابة وأعضاء مجلسها عن طريق التنسيق مع عدد من اللواءات السابقين للظهور على البرامج الإعلامية للدفاع عن موقف الداخلية. وأشعل قرار التنازل عن "تيران وصنافير" موجة من الغضب الوطنى ضد حكومة السيسي، واستخدم كذريعة للمصريين للتعبير عن سخطهم حيال نطاق واسع من القضايا، بما فى ذلك تعامل النظام مع الملف الاقتصادي، والانتهاكات الحقوقية المستمرة على أيدي القوات الأمنية. وتصر الحكومة على أن الجزيرتين سعوديتين، وكانتا تحت الإشراف المصري بموجب اتفاق مع المملكة يعود لخمسينيات القرن المنصرم. الاتفاق المصري السعودي الخاص بالجزيرتين الذي كشفت الحكومة المصرية النقاب عنه خلال الزيارة التي قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة الشهر الماضي، وضع أيضًا القيادة السياسية فى مرمى الانتقادات. يذكر أن النظام المصري قد تعرض في الآونة الأخيرة لموجة انتقادات غير مسبوقة بسبب طريقة إدارته لعدد من الملفات المهمة، من بينها أزمة الاحتياطي الأجنبي لمصر والاعتقالات الواسعة للناشطين والصحفيين. وجدير بالذكر أيضًا أن السيسى قد أكد أن مصر لم تفرط فى حقوقها عندما وقعت اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع السعودية الذى تضمن أن جزيرتى "تيران وصنافير" فى البحر الأحمر سعوديتان.