تصاعدت المطالبات الداعية لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد عام ونصف فقط من وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الحكم، في ظل حالة من الاحتقان الشديدة التي تشهدها مصر منذ إطاحة الجيش بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 3يوليو 2013، بالإضافة إلى استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد. وكان آخر تلك الدعوات خرجت على لسان الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز "ابن خلدون" للدراسات الإنمائية، وأحد أبرز الداعمين للحكم، والمعروف بعلاقته القوية بدوائر صنع القرار وجماعات الضغط بالولايات المتحدة. جاء ذلك في سياق تعليقه على دعوة الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادي للرئيس عبدالفتاح السيسي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، معتبرًا أن الخسارات المالية المحتملة لإجرائها اقل من الخسائر المعنوية. وقال إبراهيم في تصريحات صحفية، إن دعوة فاروق جاءت في محلها، مشيرًا إلى أنه يحق لأي شخص دعوة الرئيس لذلك، وتابع: "الخسائر المادية في إجراء الانتخابات الرئاسية، ومن وراءها الانتخابات البرلمانية، ستكون أقل من الخسائر المعنوية". وقال عبدالخالق: "على مدى أكثر من 18شهرًا انتظر المصريون البشارة وبصيصًا من الضوء في نهاية النفق، ولكن المواقف السياسية كانت مخيبة للآمال، والقرارات الاقتصادية متحيزة لطبقة بعينها تماًما، وعجز في الرؤية وخطورة في الاختيارات والمسارات، واللغة غير المفهومة في التعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المصريون". وأضاف رئيس مركز النيل للدراسات الاقتصادية: "على الرغم من وجود استراتيجيات وسياسات موضوعة من جانب بعض فصائل القوى الوطنية المصرية للخروج من حالة التيه والضياع الاقتصادي طوال أربعين عاما، فإن الأمر ازداد سوءًا". وتابع قائلاً: "نظرا للعبء الكبير والثقيل الذي يبدو أنه فوق طاقتك على التحمل، فإنني أدعوك بتنظيم انتخابات رئاسية جديدة في نهاية هذا العام (2016)". وكانت أولى الدعوات لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة صدرت في مايو من العام الماضي، بعد ما يقرب من انتهاء عام كامل على وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الرئاسة. وجاءت الدعوة من الكاتب الصحفي جمال سلطان، رئيس تحرير "المصريون"، والذي أكد أن دعوته تأتي "بسبب فشل السيسي في إدارة شؤون البلاد سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا"، مضيفًا: "أزمات الوطن تحتاج إلى إدارة مدنية جادة". وتابع سلطان في مقال له حمل عنوان "مصر بحاجة لانتخابات رئاسية مبكرة"، أن "الوضع الراهن ينتظر إدارة سياسية يحميها الجيش ويدعمها"، معتبرًا أنه "ليس عيبًا أن يفشل الرئيس، ولكن العيب أن نتجاهل انتكاسات الواقع فتتعقد الأمور أكثر ونصل إلى نقطة اللاعودة". وذكر سلطان بما حدث للرئيس المعزول محمد مرسي حيث مُنح فرصة الحكم عاما واحدا، وقبل نهايته بشهور طالب كثيرون برحيله، وتضامنت أجهزة رسمية وعسكرية وقانونية مع هذا المطلب، رغم أن حقه الدستوري أن يكمل مدته أربع سنوات. بعد دعوة سلطان بأيام قليلة، كرر الدكتور أيمن نور زعيم حزب "غد الثورة" الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، في سياق الجدل الذي أثير وقتها حول تلميحا الرئيس إلى إجراء تعديل على دستور 2014. وقال نور عبر حسابه على موقع "تويتر": "أظن أن من حق السيسي طلب تعديل الدستور، ولكن أدعوه أولاً لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة". وأضاف: "أعتقد أن الشعب المصري وحده صاحب الخيار في تحديد البديل الذي يُعبر عن أهداف ثورة يناير، وأن أحلام الثورة أصبحت كوابيس ورموزها صاروا خونة وأحرارها في السجون..هذا هو عهد السيسي". واستطرد: "لا أستبعد أن يكون تغير لغة الإعلام مؤشر على صراع بين الأجهزة في مصر"، لافتًا إلى أن "القضاء المصري لا يمثله (أحمد) الزند (رئيس نادي القضاة) والجيش لا يمثله السيسي". وفي نوفمبر الماضي، طالب الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب "مصر القوية" بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، باعتبارها "الحل لمواجهة فشل أي نظام سياسي". وقال أبو الفتوح في حوار له مع أحد القنوات الفضائية، أن "الرئيس عبدالفتاح السيسي أسس ما سماه جمهورية الخوف، تتمثل مظاهرها في الاعتقالات ومنع المظاهرات"، معتبرًا أنه لا توجد أي إيجابيات ذات قيمة، قام بها نظام السيسي. ومع بداية العام الحالي، طالبت جبهة "مناهضة أخونة مصر"، والتي أنشأت خلال حكم "الإخوان المسلمين" بهدف عدم توغل الجماعة في مفاصل الدولة، برحيل الرئيس عبدالفتاح السيسي، قائلة إن "هذا هو الحل الوحيد لوقف ما تشهده مصر من انتهاكات وتجاوزات وظلم خلال الفترة السابقة". وقالت الجبهة في بيان لها، إن "مصر تتعرض وبخاصة شبابها لموجة غير مسبوقة في تاريخها من القهر والظلم والتنكيل من النظام الحاكم فلقد أصبح صاحب كل صوت حر مشروع سجين تحت الطلب طالما ينأى بنفسه أن يكون رقم في طابور المتملقين والمنافقين لنظام حكم يتنفس فشلا علي كل المستويات فلم نري إلي الآن من الرئيس السيسي غير موجات فشل وتدني وإخفاق واحدة تلو الأخرى". وتساءلت: "أين نتائج المؤتمر الاقتصادي وأين الشروع في بناء العاصمة الجديدة وأين الوحدات السكنية المصرية الإماراتية التي أعلن عنها، وأين نجاحات التفريعة الجديدة وأين العدالة الاجتماعية وأين انحيازه إلى الفقراء بل العكس تمامًا"؟ وطالبت الجبهة، بانتخابات رئاسية مبكرة بإشراف المجتمع الدولي "فما شاهدنا من تزوير في انتخابات البرلمان المنتهية أخيرا يجعلنا لانثق بالمرة في أي انتخابات تدار من خلال تلك اللجان".