خبراء: حبس الصحفيين طبيعى فى «بلاد الزند»... وحرية الإعلام تعيش أسوأ أيامها فى مصر وكأن ثورة لم تقم وتنادى ب"عيش حرية عدالة اجتماعية"، ثورة كانت إحدى ركائزها الأساسية الإعلام، والذي يحارب الآن من أجل إخراسه، من خلال وسائل عدة تتراوح بين التضييق والاعتقال وملاحقة الأصوات التي تجهر بمواقفها أو تكشف عن الفساد الذي يعشش في أركان الدولة. الفترة الحالية وصفت بأنها الأسوأ في تاريخ حرية الإعلام بعد موجة الانتهاكات والتعدي على الحريات، خاصة مع رفع دعاوى قضائية ضد الإعلاميين من جانب النظام، فيما اعتبرت أحدث الطرق لكبت حرية الإعلاميين والصحفيين والتضييق عليهم، خاصة بعدما تم تحويل عدد من الصحفيين إلى المحاكمات الجنائية بسبب هذه البلاغات. المستشار أحمد الزند، صاحب نصيب الأسد في تقديم بلاغات ضد الإعلاميين والصحفيين، حيث تقدم ب11 بلاغًا ضد صحفيين في قضايا نشر، منذ أن كان رئيسًا لنادي القضاة وحتى بعدما أصبح وزيرًا للعدل. بعض هذه البلاغات تم تحويل الصحفيين فيها إلى محكمة الجنايات وبعضها تم تغريمهم فيها. فلم يكن البلاغ الذي تقدم به الزند، ضد جمال سلطان رئيس تحرير جريدة "المصريون"، ومحمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي، وإيمان يحيى الصحفية بالجريدة، وهشام يونس رئيس تحرير بوابة "الأهرام"، وأحمد عبدالعظيم، الصحفي ب "بوابة الأهرام"، وعبدالحليم قنديل رئيس تحرير "صوت الأمة" أول المعارك التي خاضها الزند ضد الصحفيين، على خلفية نشر تحقيق عن ببيعه أرض نادي قضاة بورسعيد لقريب زوجته ب 18 ألف جنيه رغم ملكيتها للدولة خلال توليه رئاسة نادي قضاة مصر. وقرر المستشار فتحي بيومي قاضي التحقيق المنتدب من قبل رئيس محكمة الاستئناف المستشار نبيل عباس، إحالة المذكورين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة لاتهامهم بنشر أخبار كاذبة. كما تقدم الزند ببلاغ ضد الصحفية بجريدة "المصري اليوم"، شيرين مصطفى، ورئيس التحرير وقتها محمد سمير، بتهم نشر أخبار كاذبة على لسان المحامي عصام سلطان. أيضًا تسبب بلاغ تقدم به الزند ضد الصحفي محمد السنهوري، الصحفي بجريدة "المصري اليوم" في القضية نفسها بتغريم الأخير 15 ألف جنيه. وتقدم "الزند" ببلاغ حمل رقم 17585 لعام 2014 ضد جريدة "صوت الأمة"، اتهم فيها رئيس التحرير عبد الحليم قنديل، ومستشار التحرير محمد سعد خطاب، بنشر أخبار كاذبة، تحت عنوان "الزند فشل في تربيح صهره من بيع أرض نادي القضاة في بور سعيد". كما تقدم الزند، ببلاغ ضد المستشار زكريا شلش، الرئيس بمحكمة الاستئناف، ومحمود سلطان، رئيس التحرير التنفيذي لجريدة "المصريون" والمحررة الصحفية رانيا طلحة، متهمًا إياهم بارتكاب جريمة السب والقذف العلني. أيضًا تقدم الزند ببلاغ يتهم فيه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات حينها المستشار هشام جنينة، والإعلامي وائل الإبراشي، ومدير قنوات دريم، وأسامة عز الدين، بالسب والقذف وإهانة السلطة القضائية، على خلفية تصريحات لجنينة، في حوار معه أداره الإبراشي. وقدم الزند بلاغًا ضد إبراهيم منصور، رئيس تحرير جريدة التحرير، والصحفيين إسماعيل الوسيمي وهدى أبو بكر، بتهمة نشر أخبار كاذبة، عبر حوار صحفي بعنوان "القضاة مخترقون". وقال خالد البلشي، رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، "إننا أمام مسؤول يعادي الصحافة"، موضحًا أن "حق الزند في اللجوء إلى القضاء مرهون باستيفاء الخطوات القانونية، ومنها حق الرد، وهو ما لم يلجأ إليه المستشار الزند سواء وقت رئاسته لنادى القضاة أو خلال توليه لوزارة العدل". وأضاف البلشي ل"المصريون"، أن "استخدام حق التقاضى بهذه الكثافة من وزير العدل في مواجهة الصحفيين يعبر عن ضيق السلطة من الصحافة وتضييق على حريتها برغم من أن الصحافة منوط بها كشف الحقيقة". وتساءل: "كيف تتواكب هذه البلاغات مع إعلان الحكومة عن البدء في مناقشة التشريعات المكملة للدستور في مجال الصحافة والإعلام، والتي يتعلق جانب كبير منها بتنظيم قواعد المهنة وحق الرد وإلغاء العقوبات السالبة للحرية في مجال النشر وهو ما يشكك حول مصير هذه التشريعات، خاصة أن وزارة العدل منوط بها مناقشة هذه التشريعات وإقرارها". من جانبها، تساءلت حنان فكري، عضو مجلس نقابة الصحفيين: "كيف تتم محاكمة الصحفيين جنائيًا وحبسهم على ذمة قضايا نشر ثم نتحدث بعد ذلك عن الحريات؟" قائلة: "نعيش حاليا حالة من الفوضى الإعلامية والقانونية ونوع من الترويع يمارسه المسؤولون على الصحفيين". وأضافت: "خلينا نقفل الجرايد أحسن، مفيش بلد في الدنيا يعاقب فيها الصحفيون بالحبس على نشر أخبار، حتى وإن كانت كاذبة"، مشيرة إلى أن هناك عقوبات تنص عليها اللوائح المنظمة لعمل نقابة الصحفيين بعيدًا عن الحبس، مشددة على أهمية الإسراع في إصدار قانون الصحفيين. "هجمة شرسة على الإعلام"، هكذا وصف الخبراء ما يحدث. إذ قال الخبير الإعلامي هشام قاسم، إن الإعلام في مصر يعيش أسوأ عصور الحرية، مشيرًا إلى أن الرئيس نفسه قالها صراحة إنه لا يريد هجومًا من الإعلام أو انتقادًا له. وأضاف قاسم ل"المصريون"، أن هناك هجمة واسعة من النظام المصري على الإعلام في الفترة الأخيرة لتقييد حريته، خاصة أن النظام يرى أن من واجبات الإعلام التطبيل له، على حسب قوله، وعدم التعرض له من أي اتجاه. وأشار إلى ضرورة سؤال الرئيس عما يحدث من تجاوزات في حق الإعلاميين حتى لا يحدث تماديًا في التجاوزات أكثر من التي نعيشها الآن، قائلا: "إن هناك تراثا من المطبلاتية وهناك اعتقاد لدى الرئيس بأن الإعلام يجب أن يسانده". وقال أبوالسعود محمد، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن النقابة ستتحرك من خلال اجتماع عاجل مع خالد البلشي رئيس لجنة الحريات بالنقابة، لبحث الإجراءات المتبعة لحل المشكلة، مؤكدين التضامن الكامل مع الصحفيين المحالين للقضاء في قضايا النشر ومواصلة التصدى للهجوم ضد الصحفيين. من جانبه، قال خالد ميري، رئيس لجنة القيد بالنقابة الصحفيين، إن النقابة تعلن تضامنها مع الصحفيين الذين تمت إحالتهم للجنايات بتهمة سب وقذف وزير العدل أحمد الزند في إحدى قضايا النشر، مؤكدًا قيام النقابة بالدفاع عنهم. الناشط الحقوقي، محمد أبو ذكرى، ومدير مركز المناضل، قال إن قرار تحويل صحفيين إلى محكمة الجنايات بتهمة سب وقذف وزير العدل، لمجرد نشرهم حقائق تورط فيها المستشار أحمد الزند أمر متوقع. وأضاف أبو ذكري ل"المصريون": "هذا أمر متوقع من دولة وزير عدلها أحمد الزند، الدولة تريد من ينافقها ويطبل لها حتى تستمر، وأي شخص يخرج عن هذا النطاق يتم اعتقاله أو تلفيق التهم إليه". وأضح أبوذكرى، أنه "من المفترض أن يكون هناك حرية للرأى والتعبير وأن يستطيع القلم الصحفي كتابة ما يشاء طالما يقدم الحقيقة للمواطن، لكن ما يحدث العكس وهو اتباع سياسة تدمير كل صحفي يكتب عن الحقيقة".