ابتليت الأمة الإسلامية فى بدايات القرن العشرين، بمجموعة من الشعراء والأدباء والسياسيين، شكلوا جمعيات ومنتديات وروابط داخل وخارج الوطن العربى، اختلفت فى الشكل والأسلوب لكنها توحدت فى هدف واحد، هو "القومية العربية"، فأطلق عليهم القوميون، وكانت دعاواهم مدعمة بمعسول الكلام من نظم وشعر، تمشيا مع معطيات ذاك الزمان، وطالب القوميون باستقلال دولهم عن دولة الخلافة، وزين الغرب هذه الدعاوى الانفصالية، وأرسل رجال مخابرات فى صفة مستشرقين وعلماء آثار، فأكدوا للمصريين أن مصر فرعونية وآثارها تؤكد أنها غير عربية بل فرعونية، وفى العراق قالوا إن حضارة بابل وسومر تؤكد أن العراقيين نسيج مختلف، وكذا كان الحال فى بعلبك وفى تدمر لفصل سوريا ولبنان عن الأمة العربية، ثم لفصل الكل عن دولة الخلافة، وهكذا .. ثم انتهى الحال بإسقاط الخلافة الإسلامية فى الثالث من مارس عام 1924. ها هو الغرب الصليبى يعود من جديد فى بدايات القرن الحادى والعشرين، يؤسس لجمعيات ومراكز ، تعمل على هدم مصر، التى هى عامود الخيمة بالنسبة للأمة العربية، فانتشرت الجمعيات والمراكز الحقوقية فى مصر انتشار النار فى الهشيم، وكلها تعمل من خلال منظومة واحدة، تهدف إلى هدم مصر، بنشر الفتن والقلائل فيها، لاندلاع حرب أهلية تحرقها حرقا. الحملة الأمنية التى قامت بها النيابة العامة على هذه المراكز منذ أيام أسفرت عن مفاجآت رهيبة، فقد تم ضبط أكثر من خمسة ملايين جنيه كأموال سائلة فى 10 مراكز بخلاف الشيكات ومستندات التحويل عبر البنوك، وتم ضبط مخدرات فى أحدها، وفى كل المراكز التى تم تفتيشها تم ضبط وثائق ومستندات فى غاية الخطورة، تثبت بشكل يقينى أن أصحاب هذه المراكز يعملون ضمن مخطط شيطانى لتدمير مصر أم الحضارة والتاريخ، وقلعة الإسلام وحارسه، وسوف يتم إعلان ذلك قريبا أمام العالم كله، وعقب هذا الإجراء انتفض أصحاب هذه المراكز يبرقون لسادتهم فى أمريكا وبعض بلدان أوربا بما جرى، فتتحرك الإدارة الأمريكية ممثلة فى وزارة الخارجية، لتدين ما حدث، وتقوم سفيرة أمريكا بالقاهرة بالذهاب إلى وزير العدل لتقف على ما جرى وما من شأنه أن يتم، وتقوم الحكومة الألمانية باستدعاء السفير المصرى فى ألمانيا لإبلاغه رسميا بإدانة الحكومة الألمانية لما جرى بشأن المراكز الحقوقية. هذه المراكز الحقوقية استمرأت الخيانة وتريد إقناعنا بأنها تؤدى رسالة سامية، لكن بأموال أمريكية وأوربية، هذه الرسالة السامية تبرز من خلال ما تؤديه فى المجتمع المدنى من أدوار مهمة، منها الدفاع عن حقوق الشواذ (!!)، والمطالبة بتغيير قواعد الميراث التى تجرى طبقا للشريعة الإسلامية، والمطالبة بمنع تعدد الزوجات، ووضع قيود شديدة أمام الطلاق. لقد انتشرت هذه المراكز السرطانية فى ربوع مصر كالورم الخبيث، خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع الفاسد، للدرجة التى أصبح تطهير البلاد منها يحتاج لعملية جراحية كبيرة، سوف يكون لها آثار، لكن لا مفر من استئصالها مهما كانت النتائج، فهى بؤر خبيثة، تعمل تحت غطاء إعلامى مشبوه، وكلاهما (المنظمات المدنية والفضائيات) يجمعهما وحدة مصدر التمويل، وبالتالى فقد كان من الطبيعى أن تنبرى هذه الفضائيات فى الدفاع عن هؤلاء، وتصورهم على أنهم أبطال مغاوير حققوا لمصر ما لم يحققه جيشها المظفر فى أكتوبر 73. ماذا قدم هؤلاء لمصر؟، ظلوا لسنوات فى عهد النظام البائد يتشدقون بأنهم يدافعون عن الحريات، ويتصدون لعمليات التعذيب، ومع ذلك فشلوا فى تحقيق أى شىء مفيد، فقد مات الآلاف من التعذيب فى سجون مبارك، وسجن عشرات الآلاف دون محاكمة، وكلهم كانوا من المنتمين للتيارات الإسلامية، ولم نكن نسمع لهم صوتا، إلا إذا رمى صبى أو مختل كنيسة بحجر، وقتها كانوا يعمرون مدافعهم ويطلقون قذائفهم من الضلال والبهتان، دون وازع من ضمير، أو ذرة حياء. [email protected]