إذا أراد المسلمون أن يثأروا لنبيهم من الطالب الثانوى المسيحى الذى وضع الرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) على صفحته فى الفيس بوك .. فعليهم ألا يخالفوا فى ذلك هدى نبيهم الكريم الذى انتقضوا للدفاع عنه. فتعميم العقاب على أسرة الشاب المسيحى ومحاولة حرق منازل المسيحيين فى القرية يأباها النبى (صلى الله عليه وسلم) ولا تقرها شريعة الإسلام وليست من هديه (صلى الله عليه وسلم) الذى حرم تعميم العقوبة على أقارب أو أسر أو جيران مرتكب أى جريمة. فالإسلام جاء بشخصية العقوبة .. وذلك فى قوله تعالى " أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إِلّاَ مَا سَعَى ".. قبل أن تعرف القوانين الحديثة هذا المبدأ بأكثر من ألف عام . إن أسوأ جريمة على وجه الأرض بعد شتم الأنبياء هو تعميم العقاب على أهل دين أو عرق أو جماعة معينة لخطأ أو جرم بعض أفرادها. لقد خضت تجارب صعبة فى حياتى كلها خرجت منها بأن أسوأ شرور الحياة كلها هو مبدأ تعميم العقاب.. لأنه ينافى أبسط قواعد العدل والإنصاف . لقد عانى الصعيد كله والإسلاميون خاصة من تعميم الشرطة للعقاب فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك.. فكان يتم القبض على أهالى المطلوبين وأسرهم وزوجاتهم وأمهاتهم. وكانت القوات تحطم كل ما تجده فى البيت وتسكب المنظفات على السمن والزيت والسكر والدقيق حتى لا يصلح أحدها للاستخدام بعد ذلك .. وتروع الآمنين من الأطفال والنساء تطبيقاً لتعميم العقاب .. بل كانت الشرطة تدمر بعض البيوت تاركة أهلها من النساء والأطفال يتسولون المكان والمبيت أو يهجرون بلادهم بالكلية.. لأن الجميع أصبح يخاف منهم ومن الأمن .. حتى أن كثيرًا من أطفال هذه الأسر أصيبوا بالتبول اللا إرادى من كثرة هجمات الشرطة على بيوتهم. فهل يكرر هؤلاء ما حدث معهم قبل ذلك ورفضوه واستنكروه؟. لقد قبض على 40 فردًا من أسرتى حينما كنت مطلوبًا للقبض على .. تطبيقًا لمبدأ تعميم العقاب . وحينما كنت فى المعتقل وهرب ثلاثة إخوة من عنابرنا من تنظيم الجهاد .. قامت الشرطة بجمع جميع متعلقاتنا وحرقتها فى فناء العنابر أمام أعيننا .. واستولت على كل شيء رغم علمها بأننا كنا دوما ً ضد سياسية هروب المعتقلين من السجن لأنه سيؤدى إلى مفاسد عظيمة .. ورغم ذلك نالنا هذا العقاب ثلاث سنوات كاملة تعرضنا فيها لويلات جسام يطول شرحها. فهل سأل هؤلاء الأهالى الذين يريدون حرق هذه البيوت أنفسهم سؤالاً مهماً: ما علاقة هذه الأسر المسيحية بهذا الطالب .. ألا يمكن أن تكون كل هذه الأسر لا علاقة أو معرفة لها بالأمر برمته؟ .. فكيف نعاقبهم جميعاً بذنب واحد منهم؟ وهل أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) بحرق بيوت الذين كانوا يسبونه فى مكة.. أو حتى بعد التمكين وقيام الدولة فى المدينة؟ ألم تكن أم أبى هريرة تشتم الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع أن ابنها كان من أهم أصحابه وأحبابه .. فساسها بالحسنى وجعل الرسول يدعو لها حتى أسلمت .. هل قام بحرق منزلها؟!! . وهل هناك أكثر من رأس الكفر عبد الله بن أبى الذى قال : ليخرجن الأعز منها الأذل.. وفعل وفعل .. ورغم ذلك كان ابنه صالحاً وصحابيًا راشدًا .. وعفا عنه الرسول ( صلى الله عليه وسلم) وهو قادر عليه إكراماً لابنه . ثم أين الدولة فى كل ذلك إذا كانت كل طائفة ستحرق بيوت الآخرين وتهدمها عليهم؟ أين دولة القانون والمؤسسات التى تعاقب بقوة وحسم من يسيء إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويجب أن تغلظ العقوبة حتى لا نترك الفرصة أمام شباب صغير السن قد يحرق بلدا بأكمله، وأيضا من يعطى نفسه سلطة الحرق والتدمير والقتل دون محاكمة أو دفاع أو سماع شهود .. وكأنه هو الخصم والحكم والمنقذ فى الوقت نفسه وليس الدولة!!! [email protected]