طالبت عدد من المنظمات الحقوقية البرلمان القادم ، بعدم إقرار قانون التظاهر، وإسقاط ما ترتب عليه من ملاحقات وأحكام قضائية، ووقف العمل به لحين إصدار قانون جديد يتماشى مع أحكام الدستور ، معربين عن أسفهم الشديد إزاء ما يتعرض إليه عشرات الآلاف من ملاحقات قضائية واحتجاز، سواء بسبب ممارستهم الحق في التظاهر والتجمع السلمي ، وذلك على خلفية إقرار قانون "تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية في الأماكن العامة" والمعروف باسم قانون التظاهر. وقالت تلك المنظمات في بيان إن ذلك القانون الذي صدر بموجب القرار رقم 107/2013لرئيس الجمهورية، قد يؤدي إلى انتهاكات خطيرة تمس الحق في حرية التجمع السلمي. وشددت على تماسكها بمطلبها المتمثل في إلغاء القانون، والإفراج الفوري عن كافة المحتجزين سواء رهن الحبس الاحتياطي أو صدر بحقهم أحكام قضائية . وطالبت البرلمان القادم حال استمر العمل بالقانون حتى انعقاد البرلمان ، بعدم إقرار القانون، وإسقاط ما ترتب عليه من ملاحقات وأحكام قضائية، ووقف العمل به لحين إصدار قانون جديد يتماشى مع أحكام الدستور، ويمتثل للمعايير الدولية، ويستجيب لتوصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، مع عرضه للنقاش المجتمعي. ودعت المنظمات على ضرورة إلغاء العمل بقانون التظاهر، ومطالبة الرئيس السيسي بإصدار قرارات عفو فورية عن المحكوم عليهم بموجب هذا القانون وقالت في بيانها إنه يجب على البرلمان عدم الموافقة على قانون التظاهر، وأن يخوض مناقشات حول القواعد اللازمة لضمان الحق في التظاهر السلمي وفقًا للدستور والمعايير الدولية، على أن تشارك منظمات حقوق الإنسان في تلك المناقشات. وتضم قائمة المنظمات الموقعة على البيان كلاً من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون ، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ، مركز الحقانية للمحاماة والقانون ، المركز المصري لدراسات السياسات العامة ، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ، مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف ، مركز وسائل الاتصال للملائمة من أجل التنمية ، مصريون ضد التمييز الديني ، المفوضية المصرية للحقوق والحريات ، المنظمة العربية للإصلاح الجنائي مؤسسة المرأة الجديدة ، مؤسسة حرية الفكر والتعبير ،مؤسسة قضايا المرأة المصرية كان الرئيس المؤقت عدلي منصور قد أصدر قانون التظاهر في نوفمبر 2013 ولقي هذا القانون اعتراض العديد من القوي المدنية و السياسية ، لتخوفهم من توظيفه لتجريم كافة أشكال التجمع السلمي، بما في ذلك التظاهرات والاجتماعات العامة، وتقنين استخدام القوة المفرطة في تفريق التجمعات السلمية. جدير بالذكر أن هذا القانون يعد هو الأول في سيل التشريعات التي تتعارض نصًا مع دستور 2014 ، كما اعتبره البعض ، مؤكدين أن سلسلة التشريعات التي لحقت بهذا القانون والتي أصدرها الرئيس السيسي معيبة من بينها: قانون الكيانات الإرهابية وقانون مكافحة الإرهاب والتعديلات على المادة 78 من قانون العقوبات الخاصة بالتمويل الأجنبي. وكانت محكمة القضاء الإداري –دائرة الحقوق والحريات– قد أجازت في يونيو 2014 الطعن على قانون التظاهر أمام المحكمة الدستورية، نظرًا لوجود شبهة عدم توافق بين القانون والدستور.
وفيما بررت الحكومة تمرير قانون التظاهر في وقتها، بغرض مواجهة تظاهرات فصيل سياسي معين وإعادة الاستقرار للشارع المصري، يعتبر الوضع في مصر حاليا أقل استقرارًا مما كان، حيث يجد التطرف العنيف أنصارًا جدد كل يوم، بينما يخشى تحول السجون لساحات للتجنيد لحساب جماعات العنف. وبموجب هذا القانون أيضًا تم اعتقال مئات المتظاهرين بحجة عدم الحصول على تصريحات من الجهات الأمنية المعنية بالتظاهر، في ظل شروط غير منطقية وغير عملية يفرضها القانون على منظمي التجمعات السلمية، من بينها الإبقاء على حق وزارة الداخلية في الاعتراض على "الإخطار" استنادًا لأسباب فضفاضة، كوجود معلومات على ما يهدد "الأمن" أو "السلم". الأمر الذي يجعل تنظيم ممارسة الأفراد للحق في التجمع السلمي محكومًا في واقع الأمر بنظام الترخيص المسبق وهو ما يتعارض مع المادة 73 من الدستور الحالي، والمادة 10 من الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو 2013 والذي صدر القانون إبان العمل به. وبالرغم من حبس المئات على خلفية هذا القانون، لم يتصد القضاء المصري لدعاوى رجال الأمن المكررة في المحاضر، والتي تتمحور حول إلصاق مجموعة من الاتهامات الثابتة للمتظاهرين إلى جانب التظاهر بدون تصريح، ومن بينها التجمهر وتعطيل الطريق العام والاعتداء على رجال الأمن، تلك الاتهامات المكررة والثابتة يعتبرها القضاء حقائق واقعة، حتى وإن لن تتوافر دلائل جادة عليها، بينما يقف عاجزًا أمام شكاوى المتهمين بالتظاهر، والخاصة بتعرضهم لاعتداءات بدنية جسيمة هم وعائلاتهم من رجال الأمن، برغم توافر التوثيق القانوني لهذه الاعتداءات، بل أنه في بعض الأحيان يتعامل مع الشهود المتطوعين باعتبارهم متهمين ويحيلهم للتحقيق والمحاكمة. مؤخرًا ألقت قوات الأمن القبض على 13 متظاهرًا، يوم الخميس 19 نوفمبر الجاري، على خلفية مشاركتهم في مظاهرات إحياءً لذكري أحداث محمد محمود. وجهت النيابة للمتظاهرين تهم التظاهر دون إخطار والتجمهر وقطع الطريق، ورغم أن قاضي معارضات محكمة قصر النيل قد قرر إخلاء سبيل المتهمين بكفالة، إلا أن النيابة العامة طعنت على القرار، فقبلت محكمة جنح مستأنف قصر النيل –المنعقدة بغرفة المشورة يوم 23 نوفمبر– الطعن، الذي بموجبه تجدد حبس المتهمين ل15 يومًا على ذمة القضية.