تباينت العلاقة بين نظام الرئيس عبد الفتاح السيسى والإعلام فى الفترة الأخيرة، فبعد أن كانت علاقة الود هى السمة الرئيسية بين السيسى والإعلام، تحولت لشد وجذب خلال المرحلة الأخيرة بين السيسى والإعلام وبدأها الرئيس السيسى بانتقاده للإعلام وسط توقعات بأن تشهد المرحلة القادمة فتورًا فى العلاقة على شكل ثلاثى الأبعاد وهى إما الخضوع أو التصادم أو الشراكة. فكانت بداية فتور العلاقة بين الإعلام والسيسي، حينما هاجم السيسى الإعلام خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، والتى عاتب خلالها الإعلام وهدد الإعلاميين بأن يشكوهم للشعب قائلاً: "حاشتكى للشعب المصرى منكم". وتحدث السيسى عن حالات بعينها فقال"أحد الإعلاميين انتقدنى أثناء تغطية غرق مدينة الإسكندرية بمياه الأمطار، وقال إن الرئيس قاعد مع شركة سيمنز وسايب الإسكندرية تغرق، ما يصحش كده، هذا أمر لا يليق، إحنا نتجاوز فى كل حاجة.. إيه الشغل ده؟". وتابع السيسى أن"الدولة تضيع بالطريقة دي، إحنا كده ننشر جهل، كأن المسائل بتتحل بضغطة على زرار وخلاص". كما أبدى السيسى استياءه أيضًا من انتقادات إعلاميين له بسبب تكرار رحلاته إلى الخارج، وقال "قال لك يا عم بتسافر كتير ليه؟.. يا عم خليك فى اللى أنت فيه". من جانبهم رد الإعلاميون على موقف السيسى فاستنكر الإعلامى إبراهيم عيسى انتقادات السيسى وهجومه، وقال فى برنامجه إنه "من الواضح أن المطلوب من الإعلام، تطبيل وتصفيق ومبايعة"، وتابع عيسى، لما الرئيس يقول لإعلامى خليك فى نفسك، لا طبعا ما ينفعش يخليه فى نفسه، ده واجب الإعلامى إنه يناقش قرارات الرئيس". لم يتوقف الأمر عند ذلك فقد أحال التليفزيون المصرى المذيعة عزة الحناوى المذيعة بقناة "القاهرة" التابعة للتليفزيون الرسمى للتحقيق وذلك بسبب أنها طالبت فى إحدى الحلقات خلال فترة غرق محافظة الإسكندرية وبعض المحافظات الأسبوع الماضي، بمحاسبة جميع المسئولين عن الفساد فى المحليات، بدءاً من أصغرهم وحتى الرئيس عبد الفتاح السيسي. وطالبت الحناوى، السيسى بتقديم خطته للشعب، قائلة: “فين خطتك؟ يجب إعلانها للشعب وإعلان خطة الحكومة”. وأعلنت إدارة “ماسبيرو” بأنه تم إيقاف المذيعة عن العمل بالإضافة إلى إحالتها للتحقيق، وذلك نظرًا لخروجها عن الحيادية والمهنية. وفى نفس السياق، أحالت النيابة العسكرية بداية الأسبوع الماضى الصحفى حسام بهجت بموقع مدى مصر إلى النيابة العسكرية بتهمة نشر أخبار كاذبة كما تم إلقاء القبض على رجل الإعمال صلاح دياب مالك مؤسسة المصرى اليوم ليصبح هناك فتور فى العلاقة بين الرئيس والإعلام وصلت زروتها مؤخرًا. ويتوقع الخبراء، أن العلاقة بين السلطة والإعلام لن تخرج عن ثلاثة أوجه خلال الفترة القادمة، وهى إما الخضوع للرئيس السيسى أو التصادم مع الرئيس أو الشراكة مع السيسى فى خلق مناخ إعلامى موال للنظام، وأن النظام يريد من الإعلام أن يكون تابعا له لا ينتقده أبدًا فى قراراته ولكن من المهم أن يكون هناك شراكة بين الإعلام والنظام حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان. وفى إطار ذلك ترصد "المصريون"، شكل العلاقة بين الرئيس والإعلام خلال الفترة القادمة بعد الأزمة التى اندلعت بين السيسى والإعلام مؤخرًا. "عبد العزيز": مصر تتعرض لمؤامرة دولية تحتم ضرورة تنظيم الإعلام فى البداية يقول ياسر عبد العزيز أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن هناك خشونة وسوء تفاهم بين الدولة والأجهزة الإعلامية وهو ما ترتب علية إظهار الرئيس السيسى هذا الأمر بشكل واضح فى أحاديثه الأخيرة، ومن ثم فإن هناك ضرورة إلى إصلاح هذا الأمر إذا كنا نريد تلافى الصدام . وأوضح عبد العزيز، أن الدولة ونظامها الحاكم تتعرض لتهديدات خارجية وأن هناك هجمة إرهابية ومؤامرة دولية عليها, وتريد أن يكون هناك أداء إعلامى يتوافق مع هذا التهديد وهذه الرؤية وفق منظورها وهو ما يرفضه الإعلام الذى يرى أنه يجب أن يكون الإعلام منفتحا ويمارس دور الرقابة وانتقاد ممارسات الحكومة بصفة مستمرة . وأشار أستاذ الإعلام، إلى أنه بالرغم من وجوبية حيادية الإعلام إلا أن هناك ممارسات إعلامية حادة ومنفلتة أدت إلى هذه العلاقة السيئة بين النظام والإعلام ككل, سببه عدم تنظيم للإعلام ومن ثم يمكن للدولة أن تلجأ لوسائل غير الشكوى للشعب من الإعلام والتى اقترحها الرئيس السيسى خلال خطابه القبل الأخير, تتمثل فى إصدار القوانين المنظمة وإنشاء الهيئات المعنية بإدارة المجال الإعلامى ومن ثم نضمن عدم حدوث أزمة جديدة بين النظام وأجهزة الإعلام . وأوضح عبد العزيز، أن الصدام بين الرئيس والإعلام لن يكون مفيدا لمصر خلال الفترة الحالية لا سيما وأننا نعانى من الإرهاب وعدم الاستقرار، لذلك يجب أن يتم تنفيذ الاستحقاقات الدستورية التى تنظم عمل المؤسسات الإعلامية وتضمن عملية محاسبتها . وتابع عبد العزيز، عدم تنظيم المجال الإعلامى سيدفع به إلى السير فى الطريق التصادمى مع النظام الحالية خاصة بعد ملاحقة الأجهزة الأمنية لأبرز رجاله والقبض على مؤسس جريدة المصرى اليوم رجل الأعمال حسام دياب, وهل ستكون الصحيفة قادرة على نشر المقالات المعارضة أم أنه سيكون ضغطا لإثنائها وغيرها من الصحف والمنابر الإعلامية عن توجيه النقد للنظام. "صادق": الصدام مع الإعلام قادم وبقوة وفى سياق متصل يرى سعيد صادق المحلل السياسى، أن الإعلام الذى يشاهده المصريون هو الإعلام الخاص وهو مملوك لرجال الأعمال وغالبيتهم تابعون لنظام مبارك, وهناك صراع جار الآن بين السيسى ورجال الأعمال الذين يسعون للسيطرة على البرلمان لضمان حمايتهم من نظام السيسى الذى يلاحق من لم يمتثل لأوامره ومساندته اقتصاديا من خلال التبرع بجزء من أمواله للحكومة . وأضاف صادق، أنه رغم الانتقاد الأخير الذى أظهره الإعلام للرئيس, فأن هناك تعليمات أمنية منذ فترة كبيرة بالابتعاد عن الحديث فى السياسة، إلا أن الوضع لم يستمر بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية التى أخرجت بعض الإعلاميين عن صمتهم, كما أن التمويل الحكومى للقنوات الفضائية عبر الإعلانات توقف وسط أزمات اقتصادية مما يدعم زيادة التصادم خلال الفترة المقبلة, عبر اتجاه الدولة إلى زيادة القمع الأمنى وإغلاق المنابر الإعلامية. وتابع المحلل السياسي، أن السيسى أخطأ عندما انتقد الإعلام صراحة، لأنه بذلك يخلق عدوًا لن يستطيع مجاراته فى المستقبل, ومن ثم سيواجه انتقادات كبيرة فى ظل ما يعانيه من أزمات قد تؤدى إلى غضب الشعب. وتوقع صادق، أن الحكومة لن تستطيع تكميم الإعلام فى ظل انتشار القنوات العالمية ووسائل التواصل الاجتماعى التى يمكنها نشر الخبر فى غضون دقائق، بالإضافة إلى مراقبة المنظمات الحكومية لمدى حرية الإعلام فى مصر. "متولى": العلاقة ستسوء بين النظام والإعلام الفترة القادمة من جانبه قال الدكتور خالد متولى عضو مؤسس بحزب الدستور: إن العلاقة بين الرئيس والإعلام أخذت منحنيا خطيرا فى الفترة الأخيرة فمنذ 30 يونيو 2013 وكان الإعلام مساندا قويا للنظام المصرى الذى تخلص من حكم جماعة الإخوان المسلمين من مصر وكان مساندا قويًا للرئيس عبد الفتاح السيسى وأوصله إلى كرسى الرئاسة من خلال تمجيد قوى له . وأضاف متولي، أنه فى الفترة الأخيرة وجدنا انتقادات تظهر من بعض الإعلاميين إلى النظام والحكومة وذلك لعدة أسباب منها سوء الحالة الاقتصادية التى تمر بها مصر فى الفترة الحالية، بالإضافة إلى حبس عدد من المحسوبين على ثورة 25 يناير واضطهادهم الواضح من الدولة فى الفترة الأخيرة. وأوضح عضو حزب الدستور، أن العلاقة بين النظام والإعلام ستسوء خلال المرحلة القادمة نظرًا لأن الإعلام بدأ ينتقد تصرفات النظام مما اضطر إلى النظام لاضطهاد الإعلام وهذا ظهر من خلال القبض على حسام دياب مالك جريدة المصرى اليوم وإحالة حسام بهجت الصحفى بمدى مصر، وإحالة مذيعة بالتليفزيون المصرى إلى التحقيق بسبب انتقادها للسيسى.
