عندما تلقى حزب التجمع اليساري هزيمة مهينة و مذلة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، عبرت بعض القيادات اليسارية الكبيرة ، مثل عبد الغفار شكر عن غضبها ، مما آل إليه حال "اليسار" على يد التجمع ، و رئيسه د. رفعت السعيد . عبد الغفار شكر قال إن السعيد ، أحال التجمع من حزب معارض للنظام ، إلى حزب معارض للإخوان .. و عزا هزيمة القيادي اليساري الكبير خالد محي الدين المهينة على يد مرشح إخواني إلى هذا "العداء" الذي صنعه السعيد و دفع ثمنه خالد محي الدين في أخريات حياته ! على إثرهذه الفضيحة التي جلبها السعيد على الحزب و على التيار اليساري كله ، خرجت أصوات يسارية ، تنادي بضرورة مراجعة اليسار المصري لمجمل مواقفه و التي تبناها خلال الخمسين عاما الماضية ، فيما تبرأ البعض الآخر من السعيد و من التجمع و اعتبرهما غير معبرين عن اليسار المصري أو عن كامل الطيف المكون له . المهم أن المحصلة النهائية لكل هذه الجهود التي تصدرت المنصات لإعادة تنظيم اليسار المصري من جديد و اصطفافه خلف قيادات جديدة تكون اكثر شفافية و استقامة من رفعت السعيد ، كانت تتجه نحو مراجعة الموقف من جماعة الإخوان المسلمين ، التي تعمدت "تأديب" اليسار " و إهانته" في الانتخابات الأخيرة ، و كشف حجمه ووزنه الحقيقيين في الشارع المصري ، و التي كانت بحق فضيحة بجلاجل ، جلبت العار على كل من ينتمي لليسار .. و ذلك عقابا لرفعت السعيد الذي أدار معاركه الخاصة او معارك بالوكالة عن السلطة مع الاسلاميين بإسم اليسار و "القوى التقدمية" ! . كانت كل توقعاتنا تتجه نحو تصور "مصالحة اعتذارية" من اليسار للإسلاميين عموما و للإخوان خصوصا ، و البحث عن أجندة وطنية مشتركة تجمع بينمها ، في إدارة الخلافات مع النظام أو في صوغ رؤية مشتركة للاصلاح السياسي . كانت هذه.. توقعاتنا فعلا !.. سيما بعد ما سمعناه من العقلاء منهم بشأن ضرورة مثل هذه المصالحة ، لاصلاح ما أفسده السعيد و حزبه . المثير و المدهش بل و المضحك أيضا أن الرؤوس الكبيرة من اليسار المصري التقت يوم الاثنين 15/1/2006 في "مركز الدراسات الاشتراكية" ، في ندوة حول "مستقبل اليسار في مصر" .. شنوا بالطبع هجوما ضاريا على التجمع و تخاذله و فصله ما بين مؤسسة الرئاسة و الحكومة لشئ في "نفس السعيد و مصالحه الشخصية" . و توقعنا أن تكون هذه "لحظة إفاقة" طال انتظارها .. و سيخرج اللقاء بالتوصيات التي توقعها الجميع .. بالدعوة إلى التطهر من "إرث السعيد " المعادي للتيار الإسلامي .. غير أن المفاجأة كانت أكثر من مدوية إذ دعت القيادات المجتمعة و فيها أسماء كبيرة نحترمها .. إلى توحيد قوى اليسار و تشكيل تحالف يساري يضم الماركسيين و الشيوعيين و الناصريين و القوميين في حزب واحد لمواجهة الصعود المتنامي و السياسي و التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين .. و التصدي للقوى "اليمينية الرجعية" ! و المقصود ب" اليمين الرجعي" في الادبيات الماركسية معروف و ثابت .. و هم الإسلامييون و التيار الديني على وجه العموم ! يعني لفوا و داروا .. ثم عادوا إلى "عباءة رفعت السعيد" .. ! يعني مفيش فائدة .. فاليسار يسار .. حتى و إن ولوا عليه .. عبد الغفار ! [email protected]