يدور جدل كبير بين القوى السياسية، حول انتخابات رئاسة الجمهورية ووضع دستور جديد للبلاد، أيهما يكون الأول، إذ ترى قوى ليبرالية أن انتخابات الرئاسة لابد أن تجرى قبل كتابة الدستور الجديد، بينما ترفض قوى إسلامية هذا الطرح وتعتبره انتقاصًا لحق البرلمان فى هذا الأمر، بالإضافة إلى أن ذلك قد يخلق ديكتاتورًا جديدًا. وكان المستشار طارق البشرى قد آثار زخمًا سياسيًا كبيرًا عندما صرح بأنه يجوز إجراء انتخاب رئيس الجمهورية قبل وضع الدستور الجديد للبلاد، وقال إن مطالب جماعة الإخوان المسلمين بضرورة وضع الدستور عبر البرلمان قبل انتخابات الرئاسة ينافى التعديلات الدستورية التى استفتى عليها الشعب. ورد صبحى صالح عضو لجنة تعديل الدستور، عضو مجلس الشعب عن الحرية والعدالة، قائلا إن كلام المستشار البشرى، يحتمل جواز الأمرين، الأول هو إجراء انتخاب لرئيس الجمهورية أثناء وضع لجنة المائة التى ستضع الدستور، والثانى هو وضع الدستور قبل انتخاب رئيس الجمهورية. وأضاف أنه يفضل الوضع الثانى لأن انتخاب رئيس قبل وضع الدستور سيؤدى إلى صناعة ديكتاتور جديد، أو رئيس دون صلاحيات فكيف يعمل هذا الرئيس وما اختصاصاته لذلك نقول إنه لابد من إيجاد المؤسسات الدستورية قبل إيجاد الأشخاص، ولابد أن نصبر حتى يونيو ويتم تنصيب رئيس بعد وضع الدستور. ورفض صالح الدعوات التى تستعجل انتخاب رئيس للجمهورية، ورد على بعض المشككين بتدخل الجيش فى وضع الدستور، بأن المجلس لن يستطيع التدخل فى وضع هذه اللجنة وفقا للإعلان الدستورى. وقال الدكتور محمد حبيب، وكيل مؤسسى حزب النهضة والمنشق عن الإخوان، إنه يفضل انتخاب رئيس بعد الانتهاء من إجراء انتخابات مجلس الشعب، على أن يتم إلغاء مجلس الشورى نهائيًا، ولكن للأسف التعديلات الدستورية قد تضمنت إجراء مجلس الشورى قبل وضع دستور، لذلك أنا كنت من الذين عارضوا التعديلات الدستورية، وقلت "لا" فى الاستفتاء عليها، لأنها أحدثت حالة ربكة كبيرة عند الناس، ورأيت حينها أن وضع الدستور لابد أن يسبق كل الانتخابات حتى نعرف كيف نسير، أما الآن فنحن فى ربكة، لذلك سوف يكون مجلس الشعب وكذلك الرئيس القادم مؤقتين. واقترح حبيب، إدخال تعديلات على الإعلان الدستورى الذى وضعه المجلس العسكرى يتضمن إلغاء مجلس الشورى وانتخاب رئيس أثناء وضع الدستور القادم، مثل الذى قاله المستشار البشرى. وقال محمود حسين، أمين عام جماعة الإخوان سابقا، إن الإخوان يؤجلون التفكير فى انتخابات الرئاسة حاليا، ولا تشغلهم إطلاقًا هذه المسألة الآن، مشيرًا إلى أن الإخوان متمسكون بعدم تعجيل انتخابات الرئاسة لأن القضية ليست فى انتخاب الرئيس ولن تنتهى المشاكل لأن هناك أيادى تعبث فى البلاد . وأكد مجدى أحمد حسين، رئيس حزب العمل، أنه لا فائدة مجلس الشورى، وقال إنه يفضل إلغاءه نهائيًا، ولكن المشكلة أن التعديلات الدستورية قد تضمنته بالترتيب بعد مجلس الشعب، فلو تم إجراؤها فلابد من إنهائها فى مرحلة واحدة فقط. وقال إنه لا توجد هناك ضمانات لكى لا يتدخل المجلس العسكرى فى وضع لجنة المائة لذلك من الممكن تعديل الإعلان الدستورى فى سطر واحد، حتى لو لم يستجب المجلس العسكرى لقمنا بإجراء هذا التعديل عن طريق الضغط السياسى أو الإحراج السياسى له. وأضاف أن الدعوات التى يرددها البعض بإجراء انتخابات الرئاسة فى 25 يناير المقبل مستحيلة. وقال الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستورى، إن اللغط الذى تثيره بعض القوى السياسية حول وضع وثيقة حاكمة للدستور ولا تريد أن تسكت عن هذا الطرح ما هو إلا "كلام فارغ" وأوضح أن كل ما يثار حول محاولات الوثائق الدستورية، التفاف وخروج على الديمقراطية والقواعد الدستورية التى وافق عليها الشعب فى الاستفتاء، وأن أى شيء ضد إرادة الشعب هو انقلاب على الديمقراطية. وقالت المستشارة تهانى الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، إن الدستور وثيقة توافقية يجب أن تشارك فى وضعها مختلف التيارات والأفكار، بغض النظر عن الأغلبية العددية فى البرلمان . وأوضحت أن نص التعديلات الدستورية كان مقصورًا على تحديد معايير اللجنة التى يتم اختيارها لوضع الدستور، وهذا القصور هو ما صنع المشكلة.