كشفت مصادر حكومية مطلعة عن كواليس وتفاصيل استقالة هشام رامز كمحافظا للبنك المركزى بالأمس لافتة إلى أن رامز كان دائم الهجوم في الفترة الأخيرة على الحكومة، واتهمها بعدم مساعدته في سياساته لخنق السوق السوداء، فيما أشارت في أحد النقاشات بأن رامز هاجم وزراء المالية والداخلية والتموين وانتقدهم لعدم تعاونهم معه، بالإضافة إلى تركه اجتماع مجلس الوزراء غاضباً. وأضافت المصادر إن رامز طلب من السيسي الاستقالة رسمياً منذ أسبوعين، وطلب منه السيسي استكمال فترته لنهايتها، وذلك بعد أن وصلت العلاقة بينه وبين وزراء المجموعة الاقتصادية في حكومة شريف إسماعيل إلى طريق مسدود، بسبب الخلافات حول إدارة أزمة ارتفاع سعر الدولار وضعف الاحتياطي النقدي لدى الدولة بحسب ما ذكرت جريدة العربى الجديد. وأوضحت المصادر بأن رامز يطلب دائماً من وزير المالية هاني قدري إصدار قرارات بزيادة الجمارك والرسوم على استيراد عدد من السلع الأكثر رفاهية والتي ذكر أنها تكبد الاقتصاد المصري خسائر هائلة من العملة الصعبة نتيجة عدم احتياج السوق لها لوجود بديل أو لعدم أهميتها. واعتبرت المصادر الحكومية تعيين طارق عامر تحديداً خلفاً لرامز انتصاراً لرجال الأعمال، متوقعة صدور قرار بإلغاء الحد الأقصى للإيداع قريباً، دون المساس بقرارات أخرى لرامز بشأن الدولار لافتة إلى أن رامز كان يطمح لتولي منصب رئيس الوزراء ودخل دائرة الترشيحات النهائية عدة مرات . من جانبه ، توقع مصدر بوزارة الاستثمار أن يصل سعر الدولار في السوق المحلية الرسمية إلى أكثر من 10 جنيهات بحلول نهاية العام، وذلك وفقاً لدراسة رسمية أجراها البنك المركزي وقدمها لمجلس الوزراء الشهر الماضي. وأوضح المصدر أن سياسات عامر مقاربة بشدة لسياسات رامز، غير أنهما ليسا مقربين من بعضهما، ما يرجح أن اختيار عامر كان بتوصية من رئيس الوزراء ووزراء المجموعة الاقتصادية وليس رامز. كانت مؤسسة الرئاسة قد أعلنت أمس أن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي "قبل استقالة رامز نظراً لقرب نهاية فترة رئاسته للبنك المركزي، وكلف طارق عامر برئاسة البنك من 27 نوفمبر القادم". وعامر هو أحد رموز مجموعة المصرفيين النيوليبراليين الذين برزوا في نهاية عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو صديق وزميل سابق لنجله جمال، حيث عملا معاً في "بنك أوف أميركا" فرع مصر، وهو يميل لسياسات من نوعية تعويم الجنيه وخفض الدعم عن السلع الأساسية ويشجع الاقتراض من صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى اشتهاره بالعلاقات الوطيدة مع رجال الأعمال، وترأس لسنوات اتحاد البنوك والبنك الأهلي المصري. وذكر رامز في آخر تصريحاته الصحافية أن "فاتورة الواردات والخدمات كلفت مصر في العام الماضي أكثر من 80 مليار دولار في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من تراجع كبير في مواردها من النقد الأجنبي" فيما انتقد أيضاً عدم استفادة الحكومة من سياساته النقدية بتخفيض سعر الجنيه أمام الدولار وتثبيته ووضع حد أقصى للإيداع الدولاري بالبنوك، مشيراً إلى أن الأسعار العالمية انخفضت 50% نتيجة ركود الاقتصاد الأميركي والأوروبي، بينما ترتفع الأسعار في مصر باطراد. ودخل رامز في مشكلة أخرى مع وزير التجارة والصناعة نتيجة عدم استجابة الأخير لنصائحه بغلق باب الاستيراد في بعض السلع وتشجيع الصادرات التي توفر عملة صعبة للدولة، وفسر الوزير قابيل رفضه بأنه يهدف لحماية الاستثمار وجذب المستثمرين. وتحول رامز من مسئول أول عن الاقتصاد القومي في عهد حكومة إبراهيم محلب، وموجه لوزراء المجموعة الاقتصادية، إلى مجرد محافظ للبنك المركزي بعد تولي شريف إسماعيل المسؤولية وقد كان وزيراً للبترول، واستمرار هاني قدري في منصبه وزيراً للمالية. وكان محافظ البنك المركزي المستقيل هشام رامز، أكد في مداخلة تلفزيونية، يوم السبت الماضي أن الاحتياطي النقدي انخفض بسبب مشروع قناة السويس الجديدة واستنزافه لموارد النقد الأجنبي، بالإضافة إلى سداد حصة الشريك الأجنبي لشركات البترول الأجنبية. وكان وزراء المجموعة الاقتصادية يداً بيد مع رجال الأعمال الذين تضرروا من قرار الحد الأقصى للإيداع الدولاري، وهاجموا سياسات رامز النقدية مراراً، ومنهم ممثلون لمستثمرين عرب وأجانب أيضاً.