يتساءل بعض الشباب: ما دامت الأخطاء موجودة؛ فكيف نتعامل معها؟ هل نتعامل معها بالتعامى ودفن رؤوسنا فى الرمال؟ أم نتعامل معها برصدها ومجابهتها بالوسيلة المُثلى فى ضوء الشرع؟ طبعًا المسلك الثانى هو الصحيح، وقد أعجبنى قياديي حزب النور الذين شكَّلوا غرف عمليات لرصد ظواهر القصور والتجاوزات فى المرحلة الأولى، والعمل على تلافيها فى المرحلتين الثانية والثالثة؛ وبهذا فقط تُكتسب الخبرات وتعالج الأخطاء. ومعرفتى بإخوانى فى الإخوان المسلمين تجعلنى على ثقة بأنهم يفعلون الشيء نفسه حتى وإن لم يُعلنوا عنه. رصد الأخطاء فى حد ذاته جيِّد ومطلوب سواء كانت أخطاؤك وأخطاء حزبك أو أخطاء الآخرين؛ والآخرون فى حالتنا ينقسمون إلى قسمين، الأول: إخوانٌ لنا فى العمل الإسلامى السياسي؛ وإن اختلفنا فى بعض الرؤى، والثاني: إخوانٌ لنا فى العمل الوطنى وإن اختلفنا فى كثير من الرؤى. بعد رصد هذه الأخطاء يكون التعامل معها بمنطق: (( المؤمن مرآة المؤمن)) وفى لفظ رائع للحديث: (( المؤمن مرآة المؤمن؛ والمؤمن أخو المؤمن يكفُّ عليه ضيعَته ويحوطه من ورائه))، فهل رأيت معى هذه الصورة الرائعة؟ يدُك على ظهر أخيكَ تُحيطه من ورائه وتُغطِّى ظهره حتى لا يُؤتى من الخلف؟ إننا ننظر فى المرآة بقدر ما فينا من عيوب فإن انصلحت العيوب لم نُلقِ بالمرآة على طول ذراعنا وإنما نحتفظ بها جنبًا إلى جنبٍ مع أثمن الأشياء فى الحقائب أو على أوضح الزوايا فى الغرف.. فإن أردنا أن نتأكد من حسن هندامنا ننتحى جانبًا لا يرانا فيه الناس ونُخرج المرآة وننظر فيها..ولكننا لا نمشى فى الشارع كالبلهاء ننظر إليها أمام الناس من آنٍ لآخر.. وهذا هو المطلوب منَّا على كلِّ حالٍ إن كان ولاؤنا لإسلامنا العظيم وليس لحزب كذا أو جماعة كذا.. ارصد عيوب إخوانك هذا مطلوب... انصحهم بشأنها هذا هو الدين كله لأن النبى صلى الله عليه وسلَّم يقول: «الدين النصيحة».. أمَّا أن ننشرها هكذا فهو ما لا نتفق معه ولا نوافق عليه.. وليجعل كلُّّ منَّا شعاره: سأتعاون مع الجميع بقدر ما يُحقق صالح الإسلام والمسلمين وصالح الوطن وسأظلُّ على مناصحتى للجميع بقدر ما أرى منهم من عيوب.. وعلى سبيل التمثيل بقضية التصويت: فإنَّ الحزبى – وخصوصًا المُتعصِّب الذى ربَّما قد يكون أقسم قسم السمع والطاعة أو أعطى البيعة- لن يرى انفكاكًا من أن يُصوِّت لحزبه ومرشحيه.. أما الذى يجعل ولاءه للإسلام فقط فقد يرى من المصلحة أن يُصوِّت لمُرشَّح الحرية والعدالة فى الفئات ومرشح النور فى العمال مثلًا. وهذا هو قمة التجرُّد الذى ننشده. [email protected]