دربالة ومرجان والسلاموني والمغربي وإسماعيل والغندور دفعوا حياتهم نتيجة افتقاد الرعاية الطبية والآلاف ينتظرون مصيرهم أصبح الدكتور عصام دربالة رئيس مجلس شورى "الجماعة الإسلامية"، أحدث المنضمين إلى قائمة المتوفين في سجون النظام، بعد أن توفي بمحبسه بسجن "العقرب" اليوم، بسبب "منع العلاج عنه". وكان دربالة، القيادي في "التحالف الوطني لدعم الشرعية" المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، معتقلاً بسجن العقرب بتهمة "الانضمام إلى جماعة محظورة". وهو ليس الحالة الأولى لمسجون يتوفى داخل مقرات الاحتجاز الشرطي، فبحسب بيان للمنظمة العربية لحقوق الإنسان (دولية غير حكومية) صادر في الثاني من أغسطس الجاري، يصل عدد المحتجزين الذين توفوا أو قتلوا داخل مقار الاحتجاز المصرية منذ الثالث من يوليو 2013 حتى الآن، إلى 262 محتجزًا على الأقل من المحتجزين على خلفية قضايا معارضة السلطات أو قضايا جنائية على السواء، بينهم 71 شخصا خلال عام 2015. ومن أشهر القيادات الإسلامية التي توفيت داخل السجون نتيجة ما قاله ذووهم بأنه سبب "الإهمال الطبي"، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين فريد إسماعيل الذي توفي في مايو الماضي، وأقدم سجين سياسي في مصر الشيخ نبيل المغربي الذي توفي في يونيو الماضي، والشيخ مرجان سالم الجوهري، عضو "مجلس شورى تنظيم الجهاد في مصر" سابقًا. ومنذ بداية أغسطس الجاري؛ توفي 4محبوسين سياسيًا بالسجون المصرية، وهم: الشيخ عزت السلاموني، وأحمد غزلان، والشيخ مرجان سالم الجوهري، ومحمود حنفي بجماعة الإخوان المسلمين.
"المصريون" ترصد أبرز الأسماء التي توفت داخل السجون: دربالة.. رافض للعنف والتكفير
دربالة هو من مواليد محافظة المنيا عام 1957، حصل علي ليسانس الآداب وليسانس التاريخ من جامعة المنيا، أكمل دراسته العليا فحصل علي دبلوم الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية ودبلوم في القانون العام من جامعة عين شمس وكان من أبرز الداعمين لتأسيس الجماعة الإسلامية في مصر. وعقب اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات تم القبض عليه واتهم بالاشتراك في أحداث مدينة أسيوط الشهيرة وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد لمدة خمسة وعشرين عاماً قضاها كاملة قبل أن يتم الإفراج عنه أواخر عام 2006 . وعاد "دربالة" ليمكث خلف القضبان الحديدة من جديد بعد اعتقاله يوم الإثنين 12 مايو 2015 من منزله بمحافظة المنيا، لاتهامه بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون، وتولي قياداتها وسعي أفرادها لممارسة العنف. وبعد مرور 3 شهور أشهر كاملة على اعتقاله، أعلنت، اليوم، وزارة الداخلية في بيان لها، وفاة دربالة عن عمر ناهز 58 عامًا، إثر شعوره بحالة إعياء عقب عودته من إحدى جلسات محاكمته على ذمة القضية رقم 408 لسنة 2015. اشترك دربالة في المراجعات الفكرية الشهيرة للجماعة الإسلامية ويعتبر من أبرز منظريها ومفكريها واشتهر بالرد على أفكار تنظيم القاعدة في كتاب حمل اسم "استراتيجية القاعدة الأخطاء والأخطار"، كما ساهم في الرد على الأفكار التكفيرية وله مصنف ضخم فند فيه هذه الأفكار لم يطبع حتى الآن. تولى دربالة رئاسة مجلس شورى الجماعة الإسلامية عقب أول انتخابات تشهدها الجماعة عام 2011 عقب الإطاحة بمبارك واستطاع دربالة إعادة ترتيب الجماعة كما سعى في إعادة تقديمها للرأي العام بعيدًا عن الصورة النمطية للجماعة التي تولدت بسبب الصدام بينها وبين النظام الحاكم في التسعينات . اشتهر دربالة بحرصه على التوصل لحل سياسي للأزمة الحالية ورفضه إدخال مصر دوامة الفوضى ورفع لاءات ثلاثة "لا للتكفير .. لا للتفجير .. لا لقتل المتظاهرين " كما عقد العديد من الندوات واللقاءات للتحذير من الفكر الداعشي وبالرغم من ذلك تم القبض عليه وإيداعه سجن العقرب بطره حتى وافته المنية نتيجة الإهمال الطبي.
عفو.. اعتقال.. فوفاة! مرجان سالم الجوهري والذي يعرف في أوساط الجهاديين باسم الشيخ عبدالحكيم حسان تم اعتقاله في نوفمبر 2013، بعد عام واحد على إطلاق سراحه، بناء على "عفو صحي". انضم إلى "جماعة الجهاد" ضمن المجموعة الخاصة بالدكتور أيمن الظواهري، بزعيم "القاعدة"، وهو أحد قياديي ومؤسسي "السلفية الجهادية" في مصر، وسافر إلى أفغانستان مرتين، الأولى إبان الحرب الروسية الأفغانستانية والثانية في عهد "الإمارة الإسلامية" في أفغانستان، التي أسست من قبل حركة "طالبان" عام 1996. ونسبت تقارير إعلامية إلى الجوهري أنه صاحب فتوى هدم الأهرامات وأبوالهول، وأنه كان أحد المشاركين في تفجير تمثال بوذا الشهير في أفغانستان. وصدرت ضد الجوهري أحكام بالحبس غيابيًا في قضية "العائدين من ألبانيا"، القضية رقم 8 لسنة 98 بالسجن المؤبد، وهي نفس القضية الصادر فيها حكم بالإعدام ضد أيمن الظواهري، فضلاً عن الحبس في قضية والمعروفة ب"تنظيم طلائع الفتح" التي واجه فيها عددًا من الشباب الإسلامي العائد من أفغانستان، حيث وجهت له تهمة إعادة إحياء تنظيم الجهاد في مصر للقيام بعمليات إرهابية. وعاد الجوهري إلى مصر بعد أن ألقت المخابرات السورية القبض عليه عام 2007 وتم تسليمه إلى مصر وبقي في السجن حتى عام 2011، إلى أن صدر قرار بالعفو الصحي عنه ضمن مجموعات من أعضاء "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد". وخلال العامين التاليين شارك الجوهري في تأسيس "السلفية الجهادية"، حتى ألقى القبض عليه بعد أشهر من الإطاحة بالرئيس الدكتور محمد مرسي. وأسندت إليه النيابة العامة تهمة الانضمام لتنظيم محظور والتحريض على الشرطة والجيش، حيث أمضى ما يقرب من عامين في السجن حتى لقي مصرعه، كما أكد المحامي خالد المصري جراء الإهمال الطبي داخل سجون طره.
شاعر الجماعة الإسلامية وسبق الجوهري بأيام إلى جوار ربه عزت السلاموني القيادي ب "الجماعة الإسلامية" الذي أمضى أكثر من 15عامًا في السجن إبان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك دون صدور أي حكم يدينه، بعد أن ألقت قوات الأمن القبض عليه بتهمة التورط في قضية الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الأسبق وهي التهم التي برأه القضاء منها، إلا أنه تم الإبقاء عليه داخل السجون بقرارات اعتقال متتالية حتى أفرج عنه في عام 2006بعد الإفراج عن الآلاف من أبناء "الجماعة الإسلامية". وكان السلاموني لفترة طويلة من أكبر الداعمين لمبادرة وقف العنف التي أطلقتها الجماعة، وكان يدافع بشدة عن سلمية العمل السياسي حتى بعد إطاحة الجيش بالرئيس المعزول محمد مرسي، إلى أن تم إلقاء القبض عليه في شهر مايو الماضي بعد خروجه من عمله، حيث اشتبه فيه أحد الأكمنة وألقي القبض عليه بدون معرفة هويته في أول الأمر حتى تعرف عليه ضابط الأمن الوطني وجرى احتجازه وتوجيه الاتهام له بالانضمام إلى "التحالف الوطني لدعم الشرعية". وكان السلاموني قد تعرض في 27يوليو الماضي لإصابة بانسداد معوي، ولم يجد إلا الإهمال الطبي من مصلحة السجون على الرغم من نقله مستشفى قصر العيني الفرنساوي، حيث عاد إدراجه دون أن يجد أي اهتمام ليلقي ربه ضحية القتل بالإهمال الطبي، دون أن تصدر مصلحة السجون ردًا شافيًا على اتهامات الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب "البناء والتنمية"، الذراع السياسية ل "الجماعة الإسلامية" بالتورط في قتله بعدم رعايته طبيًا. المغربي.. أقدم سجين سياسي وسبق كل من الجوهري والسلاموني إلى لقاء ربه نبيل المغربي، أحد أبرز رموز جماعة الجهاد، وأول من ألقى القبض عليه في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات لدى رده على سائق أحد التاكسيات عن أسباب جمع هذه الكمية من السلاح فرد عليه المغربي، بالقول إن "أول طلقة من هذا السلاح ستسكن صدر السادات"، وهو ما دفع السائق لنقل شكوكه لأجهزة الأمن التي لاحقت المغربي وكان القبض عليه أول حلقة في كشف هوية قادة الجماعة قبل أيام من اغتيال السادات، واستمر في السجن لمدة 31عامًا. وتخرج في كلية الألسن قسم إسباني عام 1972والتحق فور تخرجه بجهاز المخابرات الحربية كضابط احتياطي وشارك في حرب 1973وصدرت ضده عدة أحكام منها المؤبد في قضية اغتيال السادات وبالسجن 15عامًا لاتهامه بالتورط في قضية محاولة اغتيال مبارك بمحافظة الإسماعيلية في منتصف التسعينيات حتى تم الإفراج عنه بالعفو الصحي في يوليو عام 2011. وقبل مرور عام ونصف على العفو عنه جرى القبض عليه بعد اتهامه بالتورط في محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم نهاية عام 2013 لصلاته بالضابط المتقاعد وليد بدر الذي فجر نفسه في العملية بعد أشهر من استشهاد نجله محمد في أحداث رمسيس قبل أن يشكل ركنًا أساسيًا في قائمة المتهمين فى القضية المعروفة إعلاميًا ب"خلية الظواهري". واستمرت محاكمة المغربي بعد إصابته - أصيب بوعكة صحية قبل بدء جلسة محاكمته ضمن 68 متهماً آخرين "54 حضورياً، و14 غيابياً" -، فى مقدمتهم المهندس محمد الظواهري، شقيق أيمن الظواهري، زعيم تنظيم "القاعدة"، لاتهامهم بإنشاء وإدارة تنظيم إرهابي يرتبط بتنظيم القاعدة، يستهدف منشآت الدولة وقواتها المسلحة. وبعدها بعدة أشهر توفي المغربي في مستشفى المنيل الجامعي، حيث تم نقله إلى المستشفى بعد تدهور صحته نتيجة إصابته بالسرطان وأمراض الكبد والشيخوخة.
فريد إسماعيل.. البرلماني السابق البرلماني السابق فريد إسماعيل، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي في برلمان 2012 والقيادي في جماعة الإخوان، والأستاذ في كلية الصيدلة جامعة الزقازيق كان أحد ضحايا الموت إهمالاً في سجون وزارة الداخلية. ولقي إسماعيل مصرعه نهاية مايو الماضي بعد تدهور شديد في صحته بسجن "العقرب" شديد الحراسة بعد رفض نقله إلى مستشفى خارج السجن لتلقي العلاج، رغم علمها بالتدهور الذي أصابه في أواخر أيامه جراء إصابته بمرض السكري والتهاب الكبد الوبائي "فيروس سي"، ما أدى إلى إصابة الرجل بغيبوبة كبدية تامة وساءت الحالة إلى أن وصلت لإصابته بجلطة في المخ، وسط تعنت من إدارة مصلحة السجون. وعلى الرغم من علم سلطات السجن بإصابة الرجل بغيبوبة إلا أنها أصرت على نقله من سجن العقرب في القاهرة إلى الزقازيق لحضور جلسة محكمة خاصة به، ونظرًا للتدهور الشديد في الحالة الصحية للرجل، فقد اضطرت السلطات إلى وضعه في مستشفى سجن الزقازيق العمومي، ولعدم معرفة أطباء مستشفى السجن بالحالة فإنهم وقفوا أمام حالته متفرجين لا أكثر، مع مطالبات بنقله إلى أقرب مستشفى جامعي للوقوف على حالته ولكن إدارة سجن الزقازيق رفضت هي الأخرى، وأعادته إلى القاهرة ليتم وضعه في مستشفى ليمان طره قبل أن يلقي ربه.
الغندور.. الطبيب الإنسان الدكتور طارق الغندور، أستاذ الطب بجامعة عين شمس، والقيادي بجماعة الإخوان الذي كان معروفًا بأخلاقه الرفيعة وبدفاعه عن الطلاب المعتقلين، ذهب هو الآخر ضحية للإهمال الطبي، إذ تعرض لنزيف حاد استمر لمدة ثماني ساعات دون إغاثة حتى وافته المنية، ليخرج أخوه متهمًا السلطات المصرية بقتله عمدًا، لتقوم بعدها السلطات بعملية "شرعنة للجريمة" على حد وصفه، عبر تركيب أجهزة تنفس صناعي، والتقاط صورة له وكأنه توفي وهو تحت الرعاية الطبية، رغم أن هذه الأجهزة ركبت بعد وفاته بالسجن، في مشهد يهدف لتغطية ما حدث، هذا فضلًا عن رصد المنظمات الحقوقية في مصر لأكثر من 5000 حالة مريضة بأمراض مزمنة معرضة لمواجهة مصير الغندور نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون المصرية.