هل يمثل المشير أمام القضاء ليس بصفته شاهداً هذه المرة في قضيه قتل المتظاهرين بل متهم أسوة برئيسه المخلوع؟ قبل أسابيع مِثل للمرة الأولي في مصر تقريبا ثلاثة من أهم الشهود وهم طنطاوي وعنان والعيسوي أمام القاضي أحمد رفعت في قضية قتل المتظاهرين خلال ثورة يناير، وأجابوا جميعا عن السؤال الذي طالما شغل بال الجميع هل أصدر مبارك أوامر بإطلاق النار علي المتظاهرين؟ وحسب المعلومات التي ترددت من داخل الجلسة ولم ينفها الشهود الثلاثة، فقد شهد الجميع لصالح مبارك. الآن ربما يخضع الثلاثة للتحقيق وتوجيه نفس السؤال الذي وجه لمبارك هل أصدرتم أوامر بإطلاق النار علي المتظاهرين؟ فالمجازر التي ارتكبتها وزارة الداخلية والشرطة العسكرية في التحرير عقب المظاهرات التي اندلعت في التحرير مساء جمعة المطلب الواحد دفعت عدداً من النشطاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدني إلي مقاضاه المجلس العسكري واللواء منصور العيسوي وزير الداخلية امام المحاكم الدولية واتهامهم بإصدار الأوامر بقتل 33 متظاهراً من ثوار التحرير بالرصاص الحي. عدد من الحقوقيين أعلنوا عزمهم توثيق هذه الجريمة عبر شهادات حية من داخل الميدان وحصل معظمهم علي بقايا من الطلقات المطاطية والرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع التي لم تنفجر، وقالوا إنها تابعة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية، وتم استخدامها في الاعتداء علي المتظاهرين أثناء عمليات إخلاء الميدان. وتأتي تلك الخطوة عقب اتهام منظمة العفو الدولية للمجلس العسكري باستخدام أساليب قمعية ووحشية تفوق تلك التي استخدمها مبارك، وقالت المنظمة إن آمال المحتجين جري سحقها في التحرير، وأن حملات القمع التي شنها العسكري علي المحتجين في التحرير أدت الي سقوط قتلي وإصابات كثيرة. وصرح فيليب لوثر نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة بأن «العسكري» واصل ممارسات الحكم القمعي الذي ناضل متظاهرو 25 يناير للتخلص منه. عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أعلن عزمه رفع قضايا دولية ضد المجلس، وقال: حصلت علي بقايا قنابل مسيلة للدموع وطلقات رصاصية ومطاطية ثبت خروجها من مخازن القوات المسلحة وحصلت مع مجموعة من شباب الثورة علي توثيق للجرائم والمجازر التي ارتكبت في التحرير عبر شهادات حية للمصابين نعتزم جمعها تمهيداً لمقاضاة المجلس العسكري والداخلية. وأضاف الأشعل: إن «العسكري» مسئول بشكل مباشر عن الضحايا وكل رصاصة خرجت من ضابط شرطة او جيش يسأل عنها المشير نفسه، وعناد العسكري في التعامل مع مطالب المتظاهرين وعدم استجابته لها في البداية أوصلنا الي ما نحن فيه من مأزق، وهذا العناد أشد خطرا من عناد مبارك نفسه الذي أطاحت به الثورة لكننا الآن لا نعرف أين نقف وأين نسير؟ وأشار إلي أن غباء الأمن المصري وعناده ومحاولته قمع الثوار وقتلهم تدخل في نطاق الجرائم ضد الإنسانية ويستوجب محاكمة دولية سريعة فالجيش الحاكم قتل 33 مواطناً حتي يوم صباح الثلاثاء الماضي والأمن تعامل مع الجثث بمنتهي السخرية والإهانة والمذلة وألقي بهم في صناديق القمامة وكأنهم حيوانات وليسوا بشراً ومصريين لهم مطالب مشروعة يجب تلبيتها. وقال الأشعل لا يجب اتهام مليونية الوثيقة بالمسئولية عما حدث فالمليونية نجحت وكان مشهداً ديموقراطياً رائع لم يتحمله العسكري ولا قادة الداخلية الذين حاولوا استعادة هيبتهم التي فقدوها بعد ثورة يناير علي حساب المتظاهرين الأبرياء وكان عليهم ان يستعيدوا كرامتهم علي البلطجية الذين حولوا الأمن الي فريضة غائبة يبحث عنها الجميع. وقال محمد زارع مدير مركز الديمقراطية لحقوق الإنسان إن تحالف عدد من المنظمات الحقوقية المصرية أعلن عن عزمه مقاضاة المجلس العسكري خاصة المشير وسامي عنان ووزارة الداخلية ممثلة في اللواء منصور العيسوي وقيادات الداخلية، التي كانت تنتمي إلي النظام السابق أمام القضاء المصري وتقديم بلاغات موثقة الي النائب العام للتحقيق فيما حدث في التحرير. وأضاف زارع: لو لم نجد في القضاء المصري طريقاً لتحقيق الهدف المنشود سنلجأ الي القضاء الدولي وكل الطرق الدولية لإعادة حقوق الشهداء ولكننا سنلجأ في البداية الي القضاء المصري الذي نثق فيه حتي هذه اللحظة، ولكن كل الخيارات مفتوحة وكل الطرق أمامنا حتي لو سنلجأ الي المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة العسكري والداخلية ودماء شهداء التحرير أمانة في قلوبنا. وأشار زارع الي سهولة توثيق تلك الجرائم، التي وصفها بأنها تفوق جرائم مبارك من التفنن في قتل المتظاهرين وقمعهم رغم ادعاءات حماية الثورة، ولكنه في الحقيقة لم يكن ذلك بل حاول تدميرها وكل ما فعله هو أنه أنهي فقط سيناريو التوريث الذي كان اعترض عليه قادة العسكر. ومضي يقول: الحكومة المصرية وقعت علي اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة ومن حقنا ان نرفع قضية دولية، وعلي العيسوي والمشير أن يحميا أنفسهم أمام التاريخ ويعتذرا ويبحثا عن صيغة ترضية للثوار وأن يقوما بإصلاحات جدية، مضيفا: لكن حتي لو حدث ذلك لن نتراجع وسنستمر في الدعاوي لمعرفة المتسبب الحقيقي في مجزرة التحرير.. وأشار الي أنه محام عن 500 شهيد قتلهم مبارك كلهم لديهم إصرار علي القصاص ممن حاولوا العودة بالثورة إلي الخلف. وقال بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إن المركز متضامن مع المنظمات الحقوقية لرفع قضايا أمام القضاء المصري والدولي ضد المتورطين في مجزرة التحرير، مشيراً إلي أن الثوار في التحرير لم يعتدوا علي الشرطة كما يقول البعض ولدينا شهادات موثقة سنقوم بضمها لملف القضية، حتي نقدم كل الأدلة التي تثبت تورط المسئولين في السلطة عما حدث. المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض الأسبق يقف ضد تدويل قضية اعتداءات التحرير قائلاً: نحن كفيلون بالمجلس العسكري والمجرمين من ضباط الداخلية، والبلاغات التي قدمت الي النائب العام كفيلة بمعرفة ما حدث وكشف المتورطين، وأشار إلي أن التعامل المفرط من الشرطة مع أهالي الشهداء هو الذي أشعل التحرير ويجب معاقبة رجال الداخلية ومحاسبتهم لأن اهالي الشهداء لن يقبلوا أن يتم التفريط في حقوقهم. فيما أكد محمد سالم النجدي أستاذ القانون الدولي أن رفع قضايا ضد العسكري والداخلية دوليا لن يفيد في الحساب، والأفضل هو تقديم بلاغات الي النائب العام ورفع قضايا أمام المحاكم المصرية لأن المجتمع الدولي لن يتحرك طالما أن العسكر في السلطة كما ان الضغوط التي ستمارس عليه من قبل المستفيدين من الأوضاع في مصر ستجمد القضايا. وقال إن القضاء المصري والنيابة العامة قادران علي كشف الحقائق وتقديم المتورطين إلي العدالة، وأعتقد أن الشعب لن يسمح بالتدخل في شؤونه، وإلا كنا حاكمنا مبارك نفسه أمام القضاء الدولي، ولكن البلاغات التي قدمت إلي النائب العام وعددها كبير والقضايا التي سيتم رفعها من الممكن أن تحقق الهدف منها، خاصة أن عنان وطنطاوي خضعا لهذا القضاء بالإدلاء بشهادتهما ومن الممكن ان يمثلا متهمين.