ارتبط شهر رمضان في مصر بموائد الرحمن، فهي من أبرز مظاهر الخير التي تميز الشهر الكريم، وتساهم في زيادة التلاحم والتكافل الاجتماعي بين المصريين. ويتسابق دائمًا أهل الخير لتقديم أفضل الأطعمة للصائمين للفوز بالأجر والثواب العظيم الذي يمنحه المولى عز وجل لكل من أفطر صائمًا ولكن هذا العام تحالف الثلاثي "سوء الأحوال الاقتصادية، الأوضاع المادية المتدنية، وارتفاع الأسعار" ليحرم المواطنين من الأجر والثواب والفقراء من الإفطار "الشهي" المعتاد كل عام. فأثر الغلاء الفاحش، الذي أصاب جميع السلع الغذائية، على موائد الرحمن من حيث الكم والكيف، لم تعد الأعداد الكبيرة من الموائد التي تقام في الشوارع والميادين وعلى الطرق السريعة، ولم تعد الأطعمة الفاخرة العامرة هي وجبات ضيوف الرحمن على الموائد. وأثرت الظروف السياسية بجانب الاقتصادية على موائد الرحمن، حيث اتضح أن هناك اتجاهًا من الدولة ممثلة في الأجهزة المحلية لمنع جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الأخرى من إقامة موائد الرحمن لمنع التجمعات والتجمهر كنوع من الاحتياطات الأمنية، ومنع محافظا القاهرة والجيزة إقامة الموائد في الشوارع والميادين، مما يحرم الفقراء من الانتفاع بهذا الخير، خاصة أن عددًا كبيرًا من المواطنين قد تخلى عن مبدأ موائد الرحمن تخوفًا من الدخول في صراعات مع المسئولين في الأحياء. وتكتسب الموائد التي تقيمها الفنانات شهرة بين المترددين عليها وأبرزها موائد فيفي عبده ودينا وروبي وبوسي سمير، ودخلت سباق الموائد الرمضانية العام الحالى الراقصة الشابة "صافيناز"، والتي تحظى بشهرة واسعة لما تقدمه من طعام فاخر إضافة إلى مبلغ مالي في حدود 20 جنيها لكل مفطر على المائدة وحرص هؤلاء الفنانات على تقديم الخدمة بأنفسهن لرواد موائد الرحمن هذا العام. ومن تلك الموائد الخاصة بالفنانات والراقصات مائدة "روبى" في حارة الشيخ إبراهيم المتفرعة من شارع الجيش والتي نشأت فيها وترعرعت هي وشقيقتها، ووضعت ميزانية مفتوحة لها بحيث تحتل المائدة جانبًا كبيرًا من الحارة لإطعام كل الفقراء في حارتها وفي الحواري المجاورة. وتتوالى مسابقة الموائد الرمضانية بإعلان الراقصة بوسى سمير، قرارها إقامة مائدة رمضانية بمنطقة "بولاق أبو العلا" ولا نعرف سر اختيارها لهذا الحي تحديدا رغم إنها لم تنشأ فيه ولا تنتمي له، ويختلف الأمر بالنسبة لبوسي في كونها ستقوم بالإشراف على المائدة بنفسها دون الاعتماد على أي فرد. وهكذا انضمت الفنانات السابق ذكرهن لقائمة الفنانات القدامى وتتقدمهن فيفي عبده التي اعتادت على إقامة مائدتها بشارع جامعة الدول العربية بالمهندسين ويشهد المترددون عليها بضخامتها وتنوعها، حيث تحرص فيفي عبده على تناول طعام الإفطار مع ضيوفها ثلاث مرات على الأقل خلال الشهر الكريم، وتقدم بنفسها الأطعمة والمشروبات وتحرص على استقدام "سفرجية وجرسونات" من أكبر الفنادق، ونجد مائدتها تتجاوز مساحتها حاجز ال 200 متر طولاً عامرة بما لذ وطاب بأفخم أنواع الأطعمة والمشروبات. أما الراقصة لوسي، فقد دخلت معركة الموائد الرمضانية منذ ثمانية أعوام بإقامة مائدة في شارع محمد علي الذي تخرجت منه، حيث كان بمثابة المدرسة الأولى التي تعلمت فيها فنون الرقص الشرقي. قبل ستة أعوام انضمت لهن الراقصة "دينا" وحرصت عند الشروع في إقامة مائدتها على أن تكون أكثر قدرة في اجتذاب الضيوف بإعداد الأطعمة وتجهيزها بأحد الفنادق على أيدي طباخين مهرة، وتحرص دينا على استقبال ضيوفها مرتين على الأقل خلال أيام الشهر الكريم.