مازالت نظرة البعض للفن ومن يعمل به نظرة متدنية من الناحية الدينية والأخلاقية على اعتبار أنه يقدم أشياء لا تتناسب مع شرقيتنا وعاداتنا وتقاليدنا، وخير دليل على ذلك ما دعا إليه البعض من مقاطعة موائد الرحمن التي يقيمها الفنانون خلال شهر رمضان المبارك، والامتناع حتى عن مجرد التفكير في الاقتراب منها على أساس أن الطعام المقدم بها مصدره مال حرام، وان غرضها ليس خالصاً لوجه الله، حيث تأتي من باب المباراة والتباهي لتحقيق مزيد من الشهرة لهؤلاء الفنانين ، وكسب تعاطف الناس وتحقيق مزيد من الجماهيرية المفقودة، ولكن يبدو أن الأمور قد تتغير بعد الفتوى التي أصدرها مفتى الديار الأسبق نصر فريد واصل والتي أباحت تناول الإفطار على هذه الموائد .
وكان د. نصر فريد واصل قد أصدر فتوى مؤخراً، صرح بها لمجلة "لها"، تنص على أنه لا يجوز مقاطعة هذه الموائد، مشيراً إلى أن الله هو الذي يحاسب على الأعمال والنيات، مطالبا بعدم سؤال صاحب المائدة عن مصدر المال، وذلك بعد تزايد عزوف المواطنين عنها .
البداية مع وحش الشاشة
ويرجع تاريخ إقامة الفنانين لموائد الرحمن إلى الفنان الراحل فريد شوقي صاحب السبق في ذلك، إذ انفرد بتقديم أول مائدة للرحمن ب 8 شارع دسوق في العجوزة ، واستمرت من بعد رحيله إلى الآن، حيث تحرص زوجته سهير ترك وابنته رانيا فريد شوقي التي تقدم الطعام للفقراء بنفسها على إقامتها كل عام .
أما الفنانة شريهان فتحرص منذ 15 عاماً على إقامة مائدة رمضان، ولكن بمواصفات خاصة تجعلها تبدو متميزة حيث تقيمها بديكور خاص يجعل الكثيرين يقبلون عليها، إضافة إلى إشرافها الشخصي على الطعام المعد من قبل أكبر طهاه في فنادق مصر الكبرى .
كُل وأقبض
شوقي وشريهان .. بداية موائد الرحمن وإذا تحدثنا عن أهم ما يميز هذه الموائد سنجد الترف والبذخ والتباهي سمة مميزة في تقديم كل ما لذ وطاب من وجبات "فايف ستارز" ومشروبات "هوت درينك" و"سوفت درينك"، بالإضافة إلى تقديم مبالغ مالية إلى جانب هذه الوجبات لكل فاطر فعلى سبيل المثال نجد موائد الرحمن الخاصة بفيفي عبده ودينا وشيريهان تقدم مبلغ مالي في حدود 50 جنيها لكل فاطر على المائدة.
موائد مينى ستارز
أما الجيل الجديد فقد قرر ترك بصمة مؤثرة في سباق الموائد الرمضانية وجاءت على رأسهم المطربة شيرين "آه يا ليل"، حيث أقامت مائدة في الحي الذي ولدت ونشأت به وهو حي منشية ناصر ، بعدما كلفت والدها سيد محمد عبد الوهاب بالإشراف بنفسه عليها مطالبة إياه بألا يبخل عليها بشيء لأنها كما قالت عاشت أياما عصيبة حيث كانت تمر أمام محلات الجزارة دون أن تمتلك ما تستطيع أن تشتري به كيلو من اللحم .
أما روبي فقد أثبتت أنها "بنت بلد"، حيث أرادت تسطير اسمها في تاريخ موائد الرحمن للفنانين، حيث قررت إقامة مائدة مكان محل ميلادها بحارة الشيخ إبراهيم المتفرعة من شارع الجيش رغم أنها تركتها منذ عامين تقريباً بعد أن وضعت ميزانية مفتوحة جعلتها تحتل جانبا كبيرا من الحارة لإطعام كل الفقراء في حاراتها وفي الحواري المجاورة وذلك تحت إشراف بعض أقاربها الذين مازالوا يقطنون بها .
موائد مثيرة للجدل
ورغم ذلك فقد أثارت بعض الموائد جدلا، خاصة بعدما أفتى بعض رجال الدين والعلماء ببطلان صوم كل من يقترب من موائد الراقصات دينا ولوسي وفيفى عبده، ورغم هذا لم تبالي هؤلاء الفنانات بكل ذلك واستمرت كل منهن في تقديمها، بل اقتحمت المجال وجوه جديدة مثل الراقصة بوسي سمير، والتي حظيت منطقة بولاق الدكرور بمائدتها التي تشرف عليها بنفسها دون الاعتماد علي أي فرد لكونها لا تثق في أحد رغم أن المنطقة لا تمت لها بأى صلة إذ إنها لم تنشأ فيه ولا تنتمي لها . أما الراقصة لوسي فلا يمكن القول أنها حديثة العهد فقد سجلت اسمها منذ ثمانية أعوام بإقامة مائدتين أولها في شارع محمد علي صاحب الفضل الأول عليها ومدرستها الأولي التي تعلمت فيها فنون الرقص الشرقي، والأخرى بشارع الهرم أمام الملهي زوجها سلطان الكاشف ويشرف عليها عمال الملهي . فيفي صاحبة أشهر مائدة رحمن وبالنسبة لمائدة الفنانة دينا فلها استعدادات خاصة، حيث تحرص منذ ستة أعوام على إقامة هذه الموائد، حيث تقوم بإعداد الأطعمة وتجهيزها بأحد الفنادق علي أيدي طباخين مهرة وتحرص علي استقبال ضيوفها مرتين على الأقل خلال أيام الشهر الكريم .
فيفي تكسب
بينما حصلت الفنانة فيفي عبده على لقب المائدة الأكثر شهرة على مستوى العالم العربي، نظرا لما تحتويه هذه الوجبات على أطعمة فاخرة، إضافة إلى الخدمة المتميزة، حيث تحرص على أن استقدام طاقم تخديم وطهاة من فنادق خمس نجوم فى المائدة التى تقيمها بشارع جامعة الدول العربية في المهندسين، والتي تحظى بتغطية إعلامية ضخمة .
