عضو تشريعية النواب: العدالة الناجزة لا ينبغي أن تأتي على حساب الضمانات الدستورية للمتهم    9 مرشحين بينهم 5 مستقلين في الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر ومرشح عن حلايب وشلاتين    محافظة الجيزة: إصلاح كسر خط المياه بشارع الهرم وبدء عودة الخدمة للمناطق المتأثرة    إصدار ترخيص جامعة مصر العليا في أرمنت بالأقصر    مسئول أممى يشيد بالمساهمة المصرية الكبيرة فى جهود اتفاق وقف إطلاق النار    مستشار حماس السابق: مصر أفشلت مخطط التهجير القسري وحلم إسرائيل الكبرى    التشكيل الرسمى لمباراة الإمارات ضد عمان فى تصفيات كأس العالم 2026    قبل مواجهة الكونفدرالية، الكوكي يدرس الاتحاد الليبي بالفيديو    جماهير النرويج ترفع أعلام فلسطين في مواجهة إسرائيل بتصفيات كأس العالم 2026    إصابة 3 أشخاص فى انقلاب سيارة على طريق أسيوط الصحراوي    أحمد جمال يحتفل بزفافه على فرح الموجي في هذا التوقيت ويكشف عن مفاجأة    أرض المعارك والمعادن والحدود المقدسة.. كيف كانت سيناء في عيون المصريين القدماء؟    المايسترو محمد الموجى يكشف ل«الشروق» كواليس الدورة 33 لمهرجان الموسيقى العربية    ترنيم هاني: أنا صاحبة مايان السيد في «هيبتا 2».. وهي بتحب اللوكيشن ومرحة    القسوة عنوانهم.. 5 أبراج لا تعرف الرحمة وتخطط للتنمر على الآخرين    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    وزير الصحة يبحث مع شركة «دراجر» العالمية تعزيز التعاون لتطوير المنظومة الصحية في مصر    رئيس جامعة قناة السويس يشارك في وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الوطن    استرداد 3 حالات تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في الشرقية    وزير خارجية الصين يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي مع سويسرا    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    رسميًا.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    لامين يامال يغيب عن مواجهة جيرونا استعدادا للكلاسيكو أمام ريال مدريد    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    هل متابعة الأبراج وحظك اليوم حرام أم مجرد تسلية؟.. أمين الفتوى يجيب "فيديو"    وفقًا لتصنيف التايمز 2026.. إدراج جامعة الأزهر ضمن أفضل 1000 جامعة عالميًا    مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية: لا تفشٍ لفيروس كورونا مرة أخرى    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    التوقيت الشتوي.. كيف تستعد قبل أسبوع من تطبيقه لتجنب الأرق والإجهاد؟    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    القسم الثالث .. إعادة مباراة دمياط وبورتو السويس    بتهمة خطف طفل وهتك عرضه,, السجن المؤبد لعامل بقنا    وزارة السياحة تطلق منصة "رحلة" لتنظيم الرحلات المدرسية المجانية إلى المواقع الأثرية والمتاحف    معهد فلسطين لأبحاث الأمن: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    إيهاب فهمي: "اتنين قهوة" يُعرض في ديسمبر | خاص    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في المنيا إلى المفتي    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    القنوات الناقلة لمباراة الإمارات وعُمان مباشر اليوم في ملحق آسيا لتصفيات كأس العالم    غدًا.. محاكمة 60 معلمًا بمدرسة صلاح الدين الإعدادية في قليوب بتهم فساد    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    نائبة وزيرة التضامن تلتقي مدير مشروع تكافؤ الفرص والتنمية الاجتماعية EOSD بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أكسيوس عن مسؤول أميركي: نتنياهو لن يحضر القمة التي سيعقدها ترامب بمصر    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيمة رمضان : خواجات علي موائد الرحمن "ريشة أشرف حمدي"
نشر في صباح الخير يوم 01 - 09 - 2009

أجمل المشاهد التي تراها في مصر وتعبر عن الروح المصرية اثنان.. صلاة العيد في الخلاء.. وموائد الرحمن في رمضان.
وموائد الرحمن منذ عهد أحمد بن طولون وحتي الآن أحد مظاهر التكافل الاجتماعي وإحساس الغني بالفقير وعابر السبيل والمجندين وأفراد الحراسات الخاصة والمنشآت الحكومية في صورة تقديم الطعام للصائمين منهم، ولكن هذا لا يمنع وجود فئة أخري تزاحم الفقراء لقمة العيش.. ندعوك لتناول طعام الإفطار علي إحدي موائد الرحمن ولكن يجب أولاً أن تحدد نوع الوجبة التي تفضلها.
عاوز تاكل رومي ولحم مدخن يبقي مائدة فيفي عبده في جامعة الدول، عاوز تاكل وتاخد فلوس يبقي عند شريهان في الزمالك والمنصورية، عاوز سمك علي أعلي مستوي يبقي دينا في المهندسين، عاوز تاكل مشاوي فايف ستارز من عند أحسن الفنادق في مصر تبقي خيم أصحاب السياسة. عاوز تاخد الأكل معاك وتفطر مع الأولاد في البيت يبقي جامع مصطفي محمود، عاوز تاكل حسب التساهيل وسط الناس الغلابة يبقي باقي الموائد في مختلف أحياء القاهرة.. الجمالية وشبرا والحدايق والزيتون.. مش عاوز تاكل خالص.. اتفرج معانا علي بعض هذه الموائد.
في حي بولاق أحد الأحياء الشعبية في القاهرة امتدت موائد يفوق عددها السبعين تكفي لإطعام ثلاثمائة شخص تقريباً، ورغم نظافة الموائد إلا أن الإقبال عليها لم يتعد النصف!! حتي هذا النصف جاء في اللحظات الأخيرة، جاءوا فرادي، بعضهم عمال أو عاملو نظافة أو عابرو سبيل- يعني مضطرين- ولم تكن هناك عائلات كما في باقي الموائد أسرة واحدة هي التي تطوعت بالمجيء.. سيدة سمينة في الخمسينيات معها ابنها وزوجته وأحفادها الثلاثة.. كان واضحا من جرأتهم في الدخول أنها ليست المرة الأولي وما أن وضع الطعام أمامهم حتي صرخت: بيض- حد يفطر الصايمين بيض-
ثم نظرت إلي ابنها وأكملت: ما أنا قلت لك يا مايل تعالي نروح خيمة بوسي سمير في الميدان عملت لي فيها شيخ-!
وفي دقائق انتهوا من أكل المكرونة وانتظروا حتي بدأ الناس في الرحيل فنظرت لزوجة ابنها وقالت:
"قومي يابت لمي البيض الباقي وحطيه في الكيس ولما نروح ندحرجه في حتة سمنة للسحور"!! فقامت زوجة الابن وعادت بكيس مليء بالبيض والعيش والمخلل وانصرفوا!! الغريب أنها ليست وحدها فلقد لمحت سيدات غيرها يفعلن ما تفعل حيث يقمن ببيع البيض للمطاعم والخبز لتجار الطيور!!
الأجانب لازم ترحل
في ميدان رمسيس واحدة من أكبر الموائد في مصر وتستوعب 0071 صائم يومياً، كنت محظوظة بأن وجدت لي مكاناً قبل المدفع بدقائق علي المائدة التي كانت تشبه "مجلس الأمن"، حيث تضم العديد من الأجانب من مختلف الجنسيات وعرب وأفارقة وصينيين وفلبينيين وهنود.. جاءوا قبل الإفطار بنصف ساعة، ورغم أن وجودهم كان ملفتاً للنظر والدهشة، إلا أنهم ظلوا صامتين وحين نطق الأذان أخذوا يحركون شفاههم وكأنهم ينطقون الشهادة أو يدعون الله!!
وهذه الحيلة قد تنطلي علي البعض ولكن ليس علي المعلم "حسونة" تاجر الغلال الذي وصل تواً من الصعيد لشراء بعض الأغراض، والذي انتابته موجة غضب مؤكداً أن موائد الرحمن للمسلمين فقط "والأجانب لازم ترحل"، وهم أن يطردهم أكثر من مرة إلا أن بعض الصائمين حاولوا تهدئته متعللين بأنهم مسلمون أفارقة أو من بلدان أخري.. ولكنه ظل متمسكا برأيه وصمم أن يكشفهم بعد الإفطار وقت الصلاة.. وظل يتابعهم بنظراته حتي انتهوا من الأكل، وعندما جاء وقت الصلاة تتبعهم حيث توجه الجميع نحو المسجد بينما توجهوا نحو الميدان "فانكشف الملعوب" فجري ناحيتهم واستوقفهم وعلا صوتهم بالشجار "وكل بلغته".
وفي النهاية اتضح أنهم طلبة بإحدي الجامعات المصرية اعتادوا الذهاب لموائد الرحمن ليس لأنها مجانية فقط، ولكن للشعور بجو روح الأسرة وسط المصريين حيث تعوضهم عن الأهل والأحباب.
فطار فيجيتيريان
هذه المائدة للمحظوظين حيث إن مستوي الأكل والخدمة فيها "سبع نجوم"، فهي مائدة أحد "أبناء الذوات" أو بمعني أدق "أبناء السياسة"، فالأكل تم إحضاره من أكبر الفنادق ويتكون من "لحم ستيك وخضار سوتيه وأرز بالخلطة وسلطات وعصائر ومياه معدنية وزبادي وحلويات شرقية وكل ما يخطر لك ببال تجده هنا.. أما الخدمة فهي ممتازة حيث تم إحضار جرسونات شياكة، لابسين بدل فخمة شكلهم ولا حسين فهمي في مهرجان السينما!! وبالطبع كان رواد المائدة علي مستوي الأكل، وكأن الفقراء وعابري السبيل خجلوا من الدخول إلي هذا المكان الفخم وحل محلهم مجموعة من الأجانب ستيف هيدمان.. مهندس بإحدي الشركات الأجنبية بمصر.. جاء مع صديقته "جوانا" وبمجرد اقترابه من المكان قام عدد من الأفراد للترحيب به وأحضروا له الأكل الذي طلبه والذي يتكون من خضروات فقط لأنه "فيجيتيريان"- أي نباتي- لا يأكل اللحوم.
خواجات صايمين
في "الحسين" وجود السياح والأجانب علي موائد الرحمن عادي جداً، ماري- فرنسية- جاءت مع زوجها وصديقتها وجلسوا علي إحدي الموائد رافضين البدء في الطعام إلا بعد الأذان!! كنت أحسب ذلك حسن أدب منهم ومراعاة مشاعر المصريين ولكنها صدمتني بقولها: إحنا كمان صايمين!!.. كنت أقوم بعمل ريجيم قاس، فلا أتناول سوي السوائل وطبق سلطة طوال النهار، ومع ذلك أتعب كثيراً في البحث عن مطعم مفتوح قبل المساء، حتي إن وجدت فكل العاملين به صائمون، وكنا نجد حرجاً في الأكل أمامهم، ولذلك كنا ننتظر المساء حتي نتناول الطعام فقمنا بالصوم علي طريقة المصريين كي نشاركهم إحساسهم بهذه المناسبة، ولم نجد مكاناً أفضل من هذه المطاعم المفتوحة لتناول الطعام.
مهرجان.. شيرتي
فرانشسكا- ألمانية- تقول: قبل أن أحضر إلي مصر كنت أعتقد أن الصوم نوع من الطقوس المقصود به تعذيب النفس، ولكن صديقتي المصرية شرحت لي معني الصيام والهدف منه ثم رأيت "موائد الطعام" في الشوارع ووجدتها شبيهة بفكرة "الشيرتي"- أي المساعدة- الموجودة في أوروبا إلا أنني تعجبت من كمية الطعام خاصة وأنه "فورفري" فعزمت نفسي ولم يمانع أحد بل رحبوا بي وصارت الموائد جزءاً من نزهتي اليومية في القاهرة، ففي كل مساء أذهب لتناول الطعام في حي "الأزهر" مع بعض الأصدقاء المصريين أو الأجانب ثم نذهب إلي "الحفلات الليلية" تقصد الخيام الرمضانية- حيث نقضي وقتاً ممتعاً.
شباب فانكي
في شارع جامعة الدول حيث امتدت مائدة الراقصة "...." أكثر من مائتي متر وانتشر السفرجية الذين جاءوا من أفخم الفنادق حول الموائد يوزعون وجبات "المكس جريل"- أي المشاوي- والسلطات مما جعل الأمر يبدو وكأنه "باربيكيو" وعلي رائحة المشاوي جاء الزبائن.. لابسين هدوم العيد.. كاجوال وجينز.. وكوتشيهات من اللي بتنور معظمهم من طلبة الجامعة "الروشين" من بين هؤلاء شريف وشلته- أولاد وبنات- والذين جاءوا من الفيوم بسيارة فخمة واحتلوا إحدي الموائد ثم استدعوا أحد الجرسونات وسألوه: لو سمحت معندكش أكل لبناني أو سوري-!
سألته: لماذا لا يذهب لأحد المطاعم ويترك الوجبات المجانية للفقراء فقال: الحكاية مش أكل مجاني وبس.. احنا بنعتبرها جزء من رحلتنا السنوية للقاهرة حيث تعودنا علي المجيء لهذه الخيمة كل عام حيث رمضان له طعم يختلف تماماً عن باقي المحافظات.. وحتي لو ذهبنا إلي مطعم فلن نجد لنا مكاناً وربما نضطر للأكل في الشارع، أما هنا فالمكان لطيف والأكل ممتاز، وكمان بيوزعوا شنط بعد الإفطار.. أحياناً تكون فيها لحوم وبقالة وأحياناً ياميش رمضان.. كل واحد وحظه.. أما أنا فأحضر كل عام علي أمل أن أري الفنانة "...." وأسلم عليها.
حسب الدراسة الميدانية التي أجرتها جامعة الأزهر، فإن موائد الرحمن يستفيد منها 5,3 مليون مواطن يمثلون 5٪ من سكان مصر، وينفق عليها 01٪ من السكان أي 7 ملايين مواطن.. منهم من يجعلها خالصة لوجه الله.. ومنهم من له فيها مآرب أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.