في بداية لطوفان من الدماء وعهود اتسمت بالصدام بين جماعة "الإخوان المسلمين" والنظام المصري المنبعث من رحم الجيش، كان 1954 العام الأسود على جماعة الإخوان، حيث كانت البداية لسلسة اعتقالات وإعدامات، ظلت الأجيال تتحاكى عنها وعن أبطالها، شُكلت بسببها المحاكم العسكرية وأصدرت أحكامها المتداولة حتى اليوم. إلا أن أحكام اليوم بحق أعداد كبيرة من قيادات الإخوان بالإعدام أبرزهم الرئيس المعزول محمد مرسي ومرشد الجماعة محمد بديع والدكتور محمد البلتاجي، أعاد التاريخ من جديد للأذهان محاولة لمعرفة تاريخ الجماعة مع حبال المشانق، بعد إلغاء هذه الأحكام في عهدين سابقين بعد وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والذي كان له السبق في إعلان الحرب على جماعة الإخوان. تعددت المحاكم العسكرية، المشكلة خصيصًا للإخوان على العقود الماضية حتى وصلت إلى ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى تسعة محاكم، ما بين عسكرية وأمن دولة عليا، وكانت أحكامها تصدر على الإخوان بالسجن مدد متفاوتة تصل أحيانًا إلى المؤبد، غير أن عهد عبدالناصر اتسم بالصرامة في قراراته، حيث تم في عهده فقط تنفيذ أحكام الإعدام بحق تسعة من قيادات الجماعة، أبرزهم سيد قطب وعبد القادر عودة، على فترات زمنية مختلفة، نستعرضها كما يلي: "حادث المنشية" بداية إعدام إخوان في عام 1954عقب حادث المنشية الشهير وتعرض الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لمحاولة اغتيال، اتهم النظام المصري جماعة الإخوان بتنفيذها. وفي أعقاب ذلك بدأ النظام في اعتقال العشرات من قيادات الإخوان في 9 نوفمبر 1954، وتم على الفور تشكيل محكمة عسكرية عرفت بمحكمة "الشعب" برئاسة جمال سالم وعضوية حسين الشافعي وأنور السادات، والتي أصدرت أحكامها في الرابع من ديسمبر 1954. أصدرت المحكمة أحكامها بالسجن وصلت إلى حد المؤبد، إلا أن 6 من أبرز قيادات الإخوان المعروفين تم الحكم عليهم بالإعدام وهم "عبد القادر عودة، محمود عبد اللطيف، يوسف طلعت، إبراهيم الطيب، هنداوي دوير، محمد فرغلي". ويعتبر تاريخ التاسع من ديسمبر بداية لإعلان الدولة معاداتها الحقيقية لجماعة الإخوان، وإعلان حبال المشنقة كالمتحدث باسم النظام، حيث تم تنفيذ أول حكم إعدام في الدكتور عبدالقادر عودة والخمسة الآخرين. في عام 1965 واجه الآلاف من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، الاعتقال لعدة اتهامات أبرزها إحياء جماعة الإخوان، وتم تحويل القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا بأمر من صلاح نصر رئيس نيابة امن الدولة العليا. "تنظيم 65" يعيد حبل المشنقة حول رقاب الإخوان أما القضية الثانية فكانت سنة 1965 وعرفت باسم "تنظيم 65"، حيث عمل سيد قطب من خلاله على إعادة فكر الإخوان وجمع حوله عددًا من طلاب وشباب الإخوان كان من بنيهم مرشد الجماعة السابق محمد مهدى عاكف، وهو الأمر الذي أغضب الدولة خاصة أنها اتهمتهم بمحاولة إحياء التنظيم. وواجه المتهمون عدة تهم منها محاولة الانقلاب وتغيير نظام الحكم القائم بالقوة باغتيال رئيس الجمهورية والقائمين على الحكم في البلاد وتخريب المنشآت العامة وإثارة الفتنة في البلاد، وقاموا بتدريب أعضاء التنظيم على استعمال الأسلحة والمفرقعات، وحددوا أشخاصًا مسئولين لاغتيالهم، وعاينوا محطات توليد الكهرباء والمنشآت العامة لتخريبها. وأصدرت المحكمة حكمها بإعدام سبعة من قيادات الإخوان، أبرزهم الكاتب والداعية الإسلامي سيد قطب، ومحمد يوسف الهواش، وعبدالفتاح عبده إسماعيل، ةصبري عرفة الكومي، وأحمد عبد المجيد عبد السميع، وعلي أحمد عبده عشماوي. وتم تخفيف الحكم على أربعة متهمين "علي عبده عشماوي - أحمد عبد المجيد عبد السميع - صبري عرفة الكومي - مجدي عبد العزيز متولي". فيما نفذ الحكم على الثلاثة الآخرين في مقدمتهم الداعية سيد قطب والذي كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت ستين عامًا، ويعتبر أحد أشهر قيادات جماعة الإخوان، وأكثر الشخصيات تأثيرا في الحركات الإسلامية، وتم تنفيذ الحكم في التاسع والعشرين من أغسطس 1966، وسط هتاف مؤيدي النظام "اشنق اشنق يا جمال.. لا رجعية ولا إسلام". مصير الإخوان في عهد السيسي وأخيرًا تأتي قرارات المحاكم في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعدام العشرات من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان آخرهم الرئيس المعزول محمد مرسي ومرشد الجماعة الدكتور محمد بديع.. نسرد كيف وصل من كانوا يومًا في سدة الحكم إلى مصير الموت شنقًا.. كانت أحداث العنف التي شهدتها البلاد عقب فض رابعة والقبض على عدد كبير من قياداتها وشبابها وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع والذي صدر بحقه أكثر من 4 أحكام بالإعدام حتى الآن، ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه فسبق وأن حكم عليه بالإعدام في 65 لكن تم تخفيف الحكم ليعود في 2015 ويحكم عليه بنفس الحكم. ويوم 8 أغسطس 2014، قررت محكمة جنايات الجيزة في جلستها في برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، إرسال أوراق 14 متهمًا من قيادات وأعضاء تنظيمي الإخوان والجماعة الإسلامية، إلى فضيلة مفتي الديار المصرية، لاستطلاع الرأي الشرعي في شأن إصدار حكم بإعدام المتهمين جميعًا، وذلك في قضية اتهامهم بارتكاب وقائع العنف وقتل المواطنين والتحريض عليها والإرهاب والتخريب، التي جرت في محيط مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة في أعقاب مظاهرات 30 يونيو التي أفضت إلى عزل محمد مرسي عن منصبه كرئيس لمصر. وفي 15 سبتمبر 2014، قضت محكمة جنايات الجيزة، المنعقدة في معهد أمناء الشرطة بطرة، في حكم أولي قابل للطعن، بالمؤبد على بديع و14 من قيادات جماعة الإخوان في القضية المعروفة إعلاميًا ب"أحداث البحر الأعظم"، وهي أحداث وقعت خلال مسيرة للإخوان في شارع البحر الأعظم بالجيزة في 16 يوليو 2013، في إطار التظاهرات المطالبة بعودة الرئيس مرسي إلى الحكم، وسقط في هذه الأحداث 7 قتلى وأكثر من 100 جريح. وفي فبراير2015 قضت محكمة جنايات القاهرة، في حكم أولي قابل للطعن، بالسجن 25 عامًا لمرشد الجماعة محمد بديع و13 آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "أحداث مكتب الإرشاد". ويواجه بديع في القضية تهم التحريض على القتل والشروع في القتل تنفيذًا لغرض إرهابي، وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخيرة حية غير مرخصة بواسطة الغير، والانضمام إلى عصابة مسلحة تهدف إلى ترويع الآمنين والتحريض على البلطجة والعنف أمام مقر مكتب الإرشاد، أثناء أحداث 30 يونيو 2013، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 91 آخرين. وفي يوم 20 إبريل 2015، عاقبت محكمة جنايات القاهرة، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و13 آخرين بالإعدام، والمؤبد ل37 متهما، في القضية المعروفة إعلاميًا ب"بغرفة عمليات رابعة وبذلك تكون حصيلة أحكام محمد بديع هي حكم بالإعدام حضوريًا و4 بالمؤبد وحبس لمدة 4 سنوات، بمجموع 104 سنوات حبس، تلك هي حصيلة الأحكام في 6 قضايا فقط، فيما ينتظر أحكاما أخرى في 34 قضية لا تزال تنظر أمام المحاكم.
وفي 5 يوليو 2015، قضت محكمة جنايات شبرا الخيمة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة في طرة، في حكم أولي قابل للطعن، بإعدام 10 من قيادات الإخوان، والسجن المؤبد ل37 آخرين، بينهم بديع، في قضية قطع الطريق الزراعي بمدينة قليوب بمحافظة القليوبية، وهي أحداث وقعت خلال يوليو 2013، وراح ضحيتها قتيلان، فيما أصيب 35 آخرون. وتأتي هذه الأحكام لتثير التساؤل الأبرز حول ماذا لو نفذت الدولة قرار المحكمة؟.. وما مصير الإخوان التي صمدت برغم التنكيل بقيادتها وإعدام رموزها خلال العهود السابقة؟