وزير الخارجية: إغلاق جزء كبير من المجال الجوي العراقي ألحق أضراراً اقتصادية جسيمة    الحوثيون يهددون باستهداف السفن الأميركية إذا دعمت إسرائيل    لاوتارو مارتينيز بعد فوز إنتر على أوراوا:التركيز كان على الفوز وليس الأداء    مكي: تواجد جون إدوارد في الزمالك خطوة على الطريق الصحيح    مصدر ب بيراميدز: نرفض بيع مصطفى فتحي.. ويورتشيتش مستمر مع الفريق لمدة موسم    بسبب حكم غيابي.. احتجاز زوجة مدرب منتخب مصر في الإسكندرية    تصل للمؤبد.. احذر عقوبات صارمة لبيع المنتجات المغشوشة    مريم نعوم: كان هناك حيرة كبيرة على نهاية «لام شمسية» ومصير «وسام»    الوقت وحده سيخبرنا.. ترامب يعلق مجددا على ضرب إيران    عاجل- السيسي لبزشكيان: مصر ترفض التصعيد الإسرائيلي ضد إيران وتؤكد أن لا حل للأزمة إلا بوقف النار ودولة فلسطينية مستقلة    وزارة التضامن الاجتماعي بكفر الشيخ يشهد فاعليات ختام البرنامج التدريبي    تنسيقية شباب الأحزاب تعقد صالونًا حول مرور 7 سنوات على تأسيسها    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات من شوارع عاصمة البحيرة.. صور    كأس العالم للأندية| التشكيل الرسمي ل فلومينينسي وأولسان في الجولة الثانية    الملاعب الضخمة والمقاعد الفارغة: كأس العالم للأندية تواجه أزمة جماهيرية في أمريكا    ماتيرازي: محمد صلاح أسطورة رغم عدم فوزه بالكرة الذهبية    وزير الشباب والرياضة يشهد انطلاق مهرجان الألعاب الشعبية والتراثية.. صور    المصري يتواصل مع نبيل الكوكي لتولي القيادة الفنية للقلعة الخضراء    إعلام عبري: صفارات الإنذار تدوي شمال إسرائيل بسبب اشتباه في تسلل مسيرات    الوكالة الدولية للطاقة الذرية: استهداف مجمع نووي في أصفهان للمرة الثانية    إنطلاق امتحانات المواد الأساسية لطلاب الثانوية العامة بأداء اللغة العربية اليوم    انتشال جثة من أسفل أنقاض عقارات حدائق القبة.. وارتفاع عدد الضحايا ل12 شخصًا    نتيجة الشهادة الإعدادية بمطروح: الفتيات يتفوقن على البنين والمدارس الحكومية تتفوق على الخاصة    وزير الخارجية الإندونيسي: 97 مواطنا على استعداد للعودة من إيران    صبحي موسى ومأزق التنوير العربي    د.حماد عبدالله يكتب: السينما المصرية!!    نقابة الأطباء تنعى الدكتورة نشوى بدوي شهيدة الواجب: رحلت وبقيت رسالتها تحيا بيننا    كيف تحافظ على برودة منزلك أثناء الصيف    البحيرة: قافلة طبية مجانية لتقديم الرعاية الصحية المتكاملة للمواطنين بقرية الغلالبة    ننشر حيثيات وقف القضاء الإداري لعمومية نقابة المحامين اليوم    ارتفاع عدد المتوفين بعقار حدائق القبة المنهار ل 10 أشخاص    ضبط متهمين بسرقة موتور مياه من داخل عقار بالقاهرة    الرئيس السيسى يؤكد لنظيره الإيرانى رفض مصر الكامل للتصعيد الإسرائيلي الجاري ضد إيران    أكاديمية الشرطة تستقبل الملتقى الثانى للمواطنة الرقمية بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة    أسعار الدواجن البيضاء وكرتونة البيض غدًا بدمياط    حكاية خلاف دام 5 سنوات بين عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وانتهى بقبلة على اليد    صناع "لام شمسية " في ندوة خاصة بالمركز الكاثوليكي الليلة في السابعة مساء    حماقى وزياد برجي نجما الليلة الثانية من مهرجان موازين    جاهزين لأسواء السيناريوهات.. خلية أزمات ومراقبة المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية وتوفير احتياجات الدولة من المواد البترولية والغاز الطبيعي    لإيمانها بأهمية دعم الاقتصاد الوطني.. طلعت مصطفى أبرز المكرمين من وزارة المالية لدعم تحديث منظومة الضرائب    وزير الإسكان ومحافظ المنيا يتفقدان محطة معالجة صرف صحي برطباط بمركز مغاغة ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    بسمة تطلب الطلاق.. نهاية مثيرة لأحداث الحلقة السادسة من "فات الميعاد"    باحث في الأمن الإقليمي: ضربات إسرائيل لإيران مقدمة لحرب أكبر ونطاق أوسع    إدراج جامعة بدر في تصنيف التايمز لعام 2025 لمساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    مصروفات المدارس الرسمية والرسمية للغات في مصر للعام الدراسي الجديد 2025    معاً نحو مستقبل دوائي ذكي ومستدام.. صحة المنوفية تقيم مؤتمر لأهمية الدواء    خوفًا من شقيق زوجها.. أم تلقي بنفسها ورضيعتها من شرفة المنزل بدار السلام بسوهاج    الفريق أسامة ربيع:"تعاملنا بشكل فوري واحترافي مع حادث جنوح سفينة الغطس RED ZED1"    وزير الصحة يتفقد مستشفى مدينة نصر للتأمين الصحي ويوجه بزيادة القوى البشرية    «للرجال أيضًا إجازة وضع».. إجازات قانون العمل الجديد تصل ل45 يومًا | تعرف عليها    يسرا ومصطفى شعبان في طليعة نجوم الفن العائدين.. هل سيكون النجاح حليفهم؟    وزير العمل ومحافظ كفر الشيخ يمنحان خريجات البرامج التدريبية 11 ماكينة خياطة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم اتمنى القرب منك سيدى ودون فراق?!    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفي والإعلامى (4)    طب قصر العيني" تعتمد تقليص المناهج وتطلق برنامج بكالوريوس الطب بالجامعة الأهلية العام المقبل    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باكستان.. مغادرة بيت الطاعة الأمريكي
نشر في المصريون يوم 19 - 10 - 2011

لا يبدو أن حالة البرود الشديدة التي تمر بها العلاقات الأمريكية –الباكستانية خلال الأشهر الماضية على موعد قريب مع انفراجة؛ بل يمكن التأكيد على أن العكس هو الصحيح، فعلاقات البلدين الحليفين في الحرب على ما يسمى الإرهاب لم تشهد تبادلًا للانتقادات المتتالية بمثل هذه الشراسة خلال أصعب الأزمات التي مرت بها علاقات البلدين مثلما يحدث خلال الفترة الماضية، فواشنطن والتي دأبت دائمًا على اللجوء للقنوات الدبلوماسية لتسوية أي أزمة تطرأ على علاقاتها مع إسلام آباد، ولم تفضل يومًا توجيه انتقادات لاذعة كما حدث خلال الأسابيع الماضية على لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير دفاعه وليم بانيتا ورئيس أركان القوات المشتركة مايك مولين، والذي اتهم باكستان صراحة بتصدير الإرهاب لأفغانستان، عقب الهجوم على السفارة الأمريكية بكابول ومقتل برهان الدين رباني.
شبكة حقاني
بل لم يجد المسئولون الأمريكيون أي حرج في اتهام المخابرات العسكرية الباكستانية بتبني سياسات معادية للتحالف الدولي في أفغانستان، حيث انتقدت استمرار دعم شبكة جلال الدين حقاني في أفغانستان، المتورطة في توجيه ضربات قاسية للقوات الأمريكية، فضلًا عن التلميح بوجود تواطؤ من قبل جهازها الأمني الأرفع مع طالبان باكستان، التي تعد الداعم الأهم لنظيرتها الأفغانية، فضلًا عن اتهامها بعرقلة جهود تحقيق السلام في أفغانستان، وصولًا لتلويح باستمرار واشنطن في توجيه قصف لأهداف قد تراها ضرورية لحماية قواتها هناك، وهو أمر أزعج بشدة الجيش الباكستاني الذي هدد بعرقلة أي عملية عسكرية في منطقة القبائل، رافضًا بشدة الاتهامات الأمريكية الموجهة إليه.
لهجة حادة
اتهامات المسئولين الأمريكيين المتتالية لم تمرّ مرور الكرام، حيث رد أكثر من مسئول باكستاني على هذه التصريحات بشكل حاد، عكسته الانتقادات التي وجهتها وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني كهر، في أكثر من سياق، بأن واشنطن مهددة بفقدان حليف مهم في حالة استمرارها في توجيه اتهامات بدون دليل، في إشارة واضحة إلى بلادها، بل وتنافس المسئولون الباكستانيون في إطلاق تصريحات متشددة ضد واشنطن، عززها الرئيس زرداري، الذي دعا لوضع قواعد جديدة للاشتباك، حتى لا تستمر متاعب باكستان وتهديدات رئيس وزرائه سيد رضا جيلاني بأن باكستان لن تخضع للضغوط والإملاءات الأمريكية.
غضب شعبي
الحدة الباكستانية في الرد على الاتهامات الأمريكية تُظهر عزم باكستان، ولو بشكل متدرج، على الخروج من بيت الطاعة الأمريكي، خصوصًا أن التحالف مع واشنطن والصمت حيال عملياتها في مناطق القبائل، ورغم ما خلفه على إسلام آباد من دعم اقتصادي وعسكري تحتاجه البلاد بشدة، إلا أن تداعياته السلبية على باكستان تجاوزت كل الحدود المقبولة، حيث أججت الغضب الشعبي على الحكومة، وقللت من هيبة الجيش الباكستاني أمام الرأي العام والمعارضة الإسلامية، بل ووضعت سيادة البلاد على المحك، خصوصًا بعد قيام قوات خاصة أمريكية بتصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أحد ضواحي العاصمة إسلام آباد دون إبلاغ السلطات هناك.
ومن البديهي الإشارة إلى أن هذه العملية قد خلفت جرحًا غائرًا في الجسد الباكستاني، وبددت الثقة بشكل كبير بين الحليفين الأبرز في الحرب على الإرهاب، بل ودفعت إسلام آباد لوضع مصالحها الاستراتيجية في مقدمة أولوياتها، دون إيلاء واشنطن نفس الاهتمام السابق، لاسيما أن واشنطن لا تكترث بالغضب الباكستاني على العمليات العسكرية على حدودها الأفغانية، أو حيال التمدد الهندي داخل جارتها المضطربة، بل إنها أمعنت في إهمالها لردود الفعل الباكستانية الحانقة على تجاهل دورها في جهود المصالحة الدائرة في أفغانستان.
مصالح استراتيجية
وتدرك باكستان أن واشنطن قد حسمت خياراتها بسحب قواتها من أفغانستان عام 2014 دون أي بوادر على قرب تحقيق مصالحة أفغانية تؤمِّن مصالح إسلام آباد، أو تؤشر لتشكيل حكومة من شخصيات أفغانية تؤمن بضرورة وجود علاقة استراتيجية بين الجارتين، وهو موقف أمريكي دفع باكستان باتجاه توثيق صلاتها مع القوى النافذة في المجتمع الأفغاني، ومنها حركة طالبان وشبكة حقاني والحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار، إدراكًا منها بأن الحفاظ على تحالفاتها التقليدية هو الكفيل بتأمين مصالحها في هذا البلد المضطرب.
مطرقة وسندان
لذا، فمن المرجح أن باكستان لم تعد مهتمة بالحفاظ على تحالفها الاستراتيجي مع واشنطن مثلما كان سائدًا خلال حكم برفيز مشرف والسنوات الأولى لوصول حزب بناظير بوتي للسلطة، إلا بالقدر الذي يحافظ على مصالحها، ويضمن عدم وقوعها بين مطرقة وجود حكومة موالية للهند في أفغانستان وبنجلاديش وسندان المواقف الأمريكية المعادية، مما يضعف بشدة من مساحة المناورة المتاحة أمامها، وهي تطورات حدت بها لإجراء مراجعة لمصالحها الاستراتيجية، في وقت تحاصرها فيه التحديات من كل حدب وصوب.
ولا شك أن مثل هذه السياسات قد أغضبت واشنطن بشدة، بل حدت برموز إدارة اوباما للتخلي عن كل قواعد البروتوكول في خلافاتها مع إسلام آباد، وتوجيه انتقادات شرسة لنهجها في الحرب على الإرهاب، عقابًا لها على صلاتها المستمرة مع المناوئين لمصالح العم سام في أفغانستان، ولكن عددًا من المراقبين يرون أن توتر علاقات الحليفين الاستراتيجيين لا يعود لتصاعد الهجمات ضد القوات الغربية في كابول فحسب؛ بل إن واشنطن لا تخفي حنقها الشديد من التقارب الشديد والملحوظ في علاقات باكستان والصين، وهي العلاقات التي شهدت تصاعدًا مطردًا كمًّا ونوعًا خلال الفترة الأخيرة.
ويبدو أن باكستان قد أدركت أن التحالف مع الصين يمكن أن يشكل بديلًا لتدهور علاقاتها مع واشنطن، أو ورقة في يديها لإجبار إدارة اوباما على عدم المضي قدمًا في اتخاذ أي إجراءات عقابية حيالها، سواء في الملف الأفغاني أو فيما يتعلق بالمعونات الاقتصادية والعسكرية، التي تشكل عمودًا فقريًا للاقتصاد الأفغاني المتداعي، فهي تدرك أن تضرر علاقاتها مع واشنطن قد تكون له تداعيات خطيرة، قد لا تستطيع تحملها، وهو ما دفعها لتبني سياسات تبدو عدائية تجاه واشنطن، إلا أنها في الوقت نفسه تمثل إغراءً لواشنطن لضبط سلوكها تجاهها، في ضوء ما تقدمه من دعم للمصالح الأمريكية في هذه البقعة الحيوية في العالم.
طابور خامس
ولا يجد أي مراقب صعوبةً في تفسير الموقف الباكستاني في ظل تسرب تقارير عن تبني واشنطن عددًا من السياسات المعادية لها؛ فاستمرار واشنطن في قصف المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان ينبئ بالرغبة في نقل الحرب على باكستان، فضلًا عن أن واشنطن لم تخف نجاحها خلال السنوات الأخيرة في إقامة لوبي ضغط محلي أو طابور خامس باكستاني قادر عبر نفوذه على لجم أي اتجاهات معادية للمصالح الأمريكية، وهي ورقة تستطيع واشنطن إشهارها في أي وقت للجم مواقف إسلام آباد.
تسوية مقبولة
أوراق الحليفين المشْهرة في وجه كل منهما للآخر، وقدرة كل طرف على إثارة المتاعب للآخر، ترجح إمكانية توصل البلدين لصيغة وسط تحفظ ماء الوجه لكل منهما، وتحافظ في الوقت نفسه على علاقات البلدين المميزة، وتدفعهما لعدم المضي قدمًا في أجواء التوتر لآخر الشوط، باعتبار أن هذا التوتر سيضر بشدة بمصالحهما، بل وقد يقود علاقاتهما لمرحلة توتر تاريخي، ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه بشدة: هل يستطيع البلدان تحمل تبعات هذه المراحل المتقدمة من التوتر؟ وما إمكانية استغناء أي منهما عن الآخر؟
التنين الصيني
والإجابة هنا أن باكستان لا تستطيع أن تمر في شوط التوتر مع الولايات المتحدة إلى محطته الأخيرة، أو تحمل خسارة حليف استراتيجي واقتصادي بحجم واشنطن، خصوصًا أن الهند تتوق لهذا اليوم الذي تُنفض فيه أواصر التحالف الباكستاني مع الأمريكان، لذا سيسعى لتطويق التوتر وإبقائه في الحد المقبول، وهو ما يتكرر بشكل كربوني مع واشنطن، التي تبدو حريصة كذلك على عدم إعطاء الفرصة لباكستان لمغادرة بيت الطاعة الأمريكي، خصوصًا أن هذا الأمر يؤشر لوضع غير محتمل لقواتها في أفغانستان، بل ويطيح بأي احتمالات لتحقيق النصر على طالبان أو تحجيمها، وهو ما ظهر جليًّا في تشديد مسئولين أمريكيين على عدم المساس بمعدلات الدعم الأمريكي لباكستان، حتى لا يسمح لها بالارتماء في أحضان التنين الصيني، وهو ما سيجبر واشنطن على التوقف عن مهاجمة باكستان، والبحث عن تسوية قريبة للخلافات معها، تبقي على بقايا تحالف استراتيجي استمر لعقود.
المصدر: الإسلام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.