أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريره عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر في شهر إبريل الحالي. وقال المجلس في تقريره اليوم, إن "حالة حقوق الإنسان في مصر كانت موضع دراسة ومتابعة واهتمام من قوى داخلية وخارجية خلال المراجعة الدورية الشاملة لهذه الحالة في المجلس الدولي لحقوق الإنسان الذي شاركت في اجتماعاته الحكومة المصرية والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وعدد من المنظمات الحقوقية المصرية". وأضاف "الحكومة المصرية استجابت لتوصيات المجلس الدولي فيما عدا عدد محدود منها التوصيات، واعتمد المجلس الدولي لحقوق الإنسان رأى الحكومة المصرية حول التزاماتها بتطوير حالة حقوق الإنسان خلال الأربعة سنوات القادمة". وأوضح أنه "من استعراضه هذه التوصيات تأكد أنها تستجيب لما طالب به المجلس القومي خلال السنوات الماضية لتطوير حالة حقوق الإنسان"، بحسب تأكيده. واستدرك "إلا أن الأوضاع الحقوقية الراهنة في مصر لا تعكس الحالة التي كان يجب أن تكون عليها بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ولا تظهر إشارات واضحة تفيد بتوافر إرادة كافية لتجاوز هذه الأوضاع". وأشار إلى أنه سيعمل بمشاركة السلطات العامة، والمجتمع المدني، والإعلام، والقوى السياسية، والمواطنين المصريين، على تطوير الأوضاع الحقوقية, وسيحرص المجلس على أن يتفاعل مع هذه الأطراف، وأن يحيط المجتمع علمًا بما تحققه هذه المساهمة من تغيير في حالة حقوق الإنسان وما يتطلبه الأمر من تغيير في هذه الحالة لصالح الشعب المصري، وسيكون إخطار المجتمع بذلك من خلال رسالة تتضمن أهم المظاهر المتعلقة بهذه الحالة ودور الأطراف فيها سواء كان ذلك بالسلب أو بالإيجاب. واستطرد: "المخاطر الإرهابية التي تستهدف مصر في الأوقات الأخيرة تتصاعد، حيث تقوم الجماعات الإرهابية بقتل المصريين، من رجال الجيش والشرطة والمدنيين، كما تقوم بتدمير المنشآت والممتلكات العامة والخاصة، لأغراض سياسية, وهذه الممارسات تمثل اعتداء صارخا على أهم حق من حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة". وطالب المجلس ب "اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حق الإنسان المصري في الحياة، وحماية حقه في الشعور بالأمان، بما يستلزمه ذلك من إدانة واضحة وصريحة من كافة مكونات الشعب المصري لتلك الأعمال الإرهابية التى تنال من حق الحياة للمصريين". وأردف "لقد حرص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن يكون الحق في الحياة والأمان مقترنا بالحق في الحرية؛ كما جاء في نص المادة الثالثة من هذا الإعلان، فالحرية قيمة حيوية من قيم الشعب المصري، دافع عنها على مدى قرون طويلة، ودفع أثمانا كبيرة في سبيل تأكيد حقه فيها، كان شعار ثورات مصر العظيمة في يوليو 1952, وثورة يناير، وثورة 30 يونيو، يتضمن نداء للحرية وتجسيدها، وماتزال الحريات السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية تتعرض لمخاطر وانتهاكات". وواصل بيان المجلس: "لقد أمكن للمجلس القومي لحقوق الإنسان رصد قصور تشريعي واضح في مجال ضمان حريات المصريين، لاتتفق والدستور الذي أجمع عليه الشعب كله، كما يسجل المجلس انتهاكات متعددة لم يجد تجاوبا ملائماً من السلطات المعنية لحل مشكلات تتعلق ببعضها". وأكد بيان المجلس أن "الحق في التجمع السلمي، وفي التظاهر، والاحتجاج السلمي، والإضراب، والتعبير عن الرأي، وتشكيل الجمعيات الأهلية، والعمل ضمن إطار المجتمع المدني، يتعرض لضغوط وانتهاكات". وقال المجلس إنه تمكن من رصد حالات عديدة تم خلالها الجور على حقوق أساسية يضمنها الدستور المصري والمواثيق الحقوقية الدولية التي وقعت عليها مصر، موضحا أن قانون التظاهر الراهن لا يعكس المفاهيم الحقوقية الأساسية، كما ينص عليها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والأهم من ذلك أنه يتناقض مع الدستور, ولم يأخذ فى الاعتبار ما عرضه المجلس في هذا الشأن ليكون قانوناً متوازناً. ورصد المجلس انتهاكات، واستخدام المعايير المزدوجة والإخفاق في تطبيق مبدأ التدرج في الفض خلال التعامل مع بعض التظاهرات والاحتجاجات، كما رصد تراخيا من السلطات المعنية في كشف الحقائق، وتقديم المتهمين إلى المحاكمة في وقائع بعينها، وإن قدم مؤخراً أحد الضباط للتحقيق أمام النائب العام. وسجل المجلس أيضًا عددًا من الانتهاكات التي تطال مواطنين جراء تنفيذ "الحبس الاحتياطي"، بشكل يحوله إلى عقوبة في حد ذاته، كما يتلقى العديد من الشكاوى التي تشير إلى وقائع تعذيب محددة وممارسات قاسية وحاطة بالكرامة الإنسانية لبعض المحتجزين والمسجونين. وشدد المجلس القومي لحقوق الإنسان على أهمية صيانة استقلالية القضاء الوطني، وطالب بتوفير أفضل الإمكانيات له ليؤدي دوره، ويدعم القدرة على توفير محاكمات مستقلة ومحايدة ومنصفة بعيدا عن أى تحيزات, حيث أنه هو وسيلة تحقيق العدالة والإنصاف. وتابع: "تلاحظ أن بعض الممارسات الإعلامية الرديئة والحادة، التي يشهدها الإعلام المصري تخلق مجالاً مواتياً لنشر الكراهية، والتحريض على العنف والتمييز، كما أنها لا تقوم بدورها المفترض في تزويد المواطنين بالمعلومات اللازمة لتكوين الآراء واتخاذ القرارات". وأشار البيان إلى أنه من حق الإنسان المصري أن يحصل على معلومات دقيقة، وتحليلات جيدة، عبر وسائل الإعلام الوطنية، لكن المجلس يرصد تراجعا في أداء وسائل الإعلام في هذا الصدد. واستكمل: "يسود خطاب تحريضي بعض المنابر الإعلامية، وهو خطاب ينطوي على التمييز بين قطاعات من المواطنين أحياناً، حيث لوحظت تجاوزات من بعض الإعلاميين والصحفيين فيها الإشارة إلى القتل أو استخدام العنف، خارج إطار القانون". واعتبر أن "هذه الدعاوى تمثل معادلاً موضوعيًا لخطاب بعض دعاة الإرهاب وداعميه، ولا تساعد على محاربة الإرهاب, ولا توضح الفارق الموضوعي بين حكم القانون والنزعات الثأرية".