أكد المجلس القومى لحقوق الإنسان، أنَّ الحكومة تستجيب لما طالب به المجلس القومي، خلال السنوات الماضية، لتطوير حالة حقوق الإنسان في البلاد، مشيرًا إلى أنَّ حالة حقوق الإنسان موضع دراسة ومتابعة واهتمام من قوى داخلية وخارجية خلال المراجعة الدورية الشاملة لهذه الحالة في المجلس الدولي لحقوق الإنسان، الذي شاركت في اجتماعاته مؤخرًا الحكومة المصرية والمجلس القومي لحقوق الإنسان وعدد من المنظمات الحقوقية المحلية. وأشار المجلس، في رسالته الشهرية، إلى أنَّ الحكومة استجابت لتوصيات المجلس الدولي، فيما عدا عدد محدود من هذه التوصيات، واعتمد المجلس الدولي لحقوق الإنسان رأي الحكومة المصرية حول التزاماتها بتطوير حالة حقوق الإنسان خلال الأربع سنوات المقبلة. وذكر التقرير: "المجلس سيعمل بمشاركة السلطات العامة، والمجتمع المدني، والإعلام، والقوى السياسية، والمواطنين المصريين، على تطويرها, وسوف يحرص المجلس على أن يتفاعل مع هذه الأطراف وأن يحيط المجتمع علمًا بما تحققة هذه المساهمة من تغيير في حالة حقوق الإنسان وما يتطلبه الأمر من تغيير في هذه الحالة لصالح الشعب المصري وسيكون أخطار المجتمع بذلك من خلال رسالة تتضمن أهم المظاهر المتعلقة بهذه الحالة ودور الأطراف فيها سواء كان ذلك بالسلب أو بالإيجاب خاصة أنَّ المخاطر الإرهابية التي تستهدف مصر في الأوقات الأخيرة تتصاعد حيث ترتكب الجماعات الإرهابية جرائم قتل المصريين، من رجال الجيش والشرطة والمدنيين، وتدمير المنشآت والممتلكات العامة والخاصة، لأغراض سياسية, فإنَّ هذه الممارسات تمثل انتهاكًا واعتداءً صارخًا على أهم حق من حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة". وشدَّد المجلس على ضرورة أن يتم اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حق الإنسان الفرد المصري في الحياة، وحماية حقه في الشعور ب"الأمان"، بما يستلزمه ذلك من إدانة واضحة وصريحة من كافة مكونات الشعب المصري لا لبس فيها ولا تهاون أو تبرير أو تراخٍ، لتلك الأعمال الإرهابية التي تنال من حق الحياة للمصريين. وأشار إلى أنَّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حرص على أن يكون الحق في الحياة والأمان مقترنًا بالحق في الحرية؛ كما جاء في نص المادة الثالثة من هذا الإعلان، موضحًا أنَّ الحرية قيمه حيويه من قيم الشعب المصري، وقد دافع عنها على مدى قرون طويله، ودفع أثمانًا كبيرة في سبيل تأكيد حقه فيها. وأوضحت رسالة المجلس القومي لحقوق الإنسان، أنه بالرغم من ذلك إلا أنَّ الحريات السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية مازالت تتعرض لمخاطر وانتهاكات، لافتًا إلى أنَّ المجلس القومي لحقوق الإنسان رصد قصورًا تشريعيًا واضحًا في مجال ضمان حريات المصريين لا تتفق مع الدستور الذى أجمع عليه الشعب كله، كما سجَّل المجلس انتهاكات متعددة لم يجد تجاوبًا ملائمًا من السلطات المعنية لحل مشكلات تتعلق ببعضها. ولفتت رسالة المجلس إلى أنَّ الحق في التجمع السلمي، وفي التظاهر، والاحتجاج السلمي، والإضراب، والتعبير عن الرأي، وتشكيل الجمعيات الأهلية، والعمل ضمن إطار المجتمع المدني، يتعرض لضغوط وانتهاكات، مضيفًا أنَّ المجلس القومي لحقوق الإنسان تمكن من رصد حالات عديدة تم خلالها الجور على حقوق أساسية يضمنها الدستور المصري والمواثيق الحقوقية الدولية التي وقعت عليها مصر. وأوضحت رسالة المجلس أنَّ قانون التظاهر الراهن لا يعكس المفاهيم الحقوقية الأساسية، كما ينص عليها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والأهم من ذلك أنه يتناقض مع الدستور, ولم يأخذ في الاعتبار ما عرضه المجلس في هذا الشأن ليكون قانونًا متوازنًا. وأضافت الرسالة أنَّ المجلس رصد انتهاكات، واستخدام للمعايير المزدوجة والإخفاق في تطبيق مبدأ التدرج في الفض خلال التعامل مع بعض التظاهرات والاحتجاجات، كما رصد تراخيًا من السلطات المعنية في كشف الحقائق، وتقديم المتهمين إلى المحاكمة في وقائع بعينها، وقدم مؤخرًا أحد الضباط للتحقيق أمام النائب العام. وسجَّل المجلس عددًا مما أسماها "انتهاكات" تطال مواطنين جراء تنفيذ "الحبس الاحتياطي"، بشكل يحوله إلى عقوبة في حد ذاته، كما يتلقى العديد من الشكاوى التي تشير إلى وقائع تعذيب محددة وممارسات قاسية تحط بالكرامة الإنسانية لبعض المحتجزين والمسجونين، مشدِّدًا على أهمية صيانة استقلالية القضاء الوطني، وطالب بتوفير أفضل الأمكانيات له لتأدية دوره، ويدعم القدرة على توفير محاكمات مستقلة ومحايدة ومنصفة بعيدًا عن أي تحيز, فيما يمثل القضاء هو الوسيلة لتحقيق العدالة والإنصاف. ولفت المجلس إلى أنَّ بعض الممارسات الإعلامية الرديئة والحادة، التي يشهدها الإعلام، تخلق مجالاً مواتيًا لنشر الكراهية، والتحريض على العنف والتمييز، كما أنها لا تؤدي دورها المفترض في تزويد المواطنين بالمعلومات اللازمة لتكوين الآراء واتخاذ القرارات، موضحًا أنه من حق الإنسان المصري أن يحصل على معلومات دقيقة، وتحليلات جيدة، عبر وسائل الإعلام الوطنية، لكن المجلس يرصد تراجعًا في أداء وسائل الإعلام في هذا الصدد. وقال المجلس فى رسالته إن هناك خطابًا تحريضيًا يسود بعض المنابر الإعلامية، وهو خطاب ينطوي على التمييز بين قطاعات من المواطنين أحيانًا، حيث لوحظت تجاوزات من بعض الإعلاميين والصحفيين فيها الإشارة إلى القتل أو استخدام العنف، خارج إطار القانون، مضيفًا أنَّ هذه الدعاوى تمثل معادلاً موضوعيًا لخطاب بعض دعاة الإرهاب وداعميه، ولا تساعد على محاربة الإرهاب, ولا توضح الفارق الموضوعي بين حكم القانون والنزعات الثأرية. وفي نهاية الرسالة، أوضح المجلس القومي لحقوق الإنسان أنه يصدر هذه الرسالة "رسالة إبريل 2015" حرصًا على حالة حقوق الإنسان في مصر، وهي تتضمن كذلك أهم المجالات التي ستتركز عليها جهوده في الفترة المقبلة، ويقدم التوصيات اللازمة للحكومة للمساعدة في تأكيد حماية حقوق الإنسان ونشر ثقافتها مؤكدًا أنه سيواصل بذل جهوده، بمعاونة كافة الأطراف المعنية، لتدعيم حقوق الإنسان، كما سيصدر رسائل أخرى كلما دعت الحاجة لذلك.