جاءت من أقصى صعيد مصر مرتديه الجلباب والعمامة، وهما من ملابس الرجال، ودخلت به قصر الرئاسة بالقاهرة ليتم تكريمها ضمن الأمهات اللائي جرى الاحتفاء بهن احتفالا بعيد الأم. ويستهجن عادة المجتمع المصري أن يرتدي النساء أزياء الرجال أو العكس، لكن المفارقة صنعتها "الحاجة صيصة" بزي رجالي ارتدته منذ 42 عاما وقررت ألا تخلعه حتى موتها.
بعبارة "لن أخلع لبس الرجال حتى أموت"، تتحدث صيصة أبو دوح النمر حسانين (65 عاما) الأم المصرية التي نسجت قصة كفاحها في محافظة الأقصر، بصعيد مصر، عقب مغادرة قصر الرئاسة، بعد أن كرمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ضمن 31 سيدة علي مستوي البلاد في ذكري عيد الأم.
وفي حوار عبر الهاتف مع وكالة الأناضول، تروي الحاجة صيصة قصتها مع الزي الرجالي، عائدة بالزمن 42 عاما حيث قررت ارتداء الجلباب المعروف في صعيد مصر والعمامة، عقب وفاة زوجها تاركا لها ابنتهما "هدي" جنينا في أحشائها.
وبلهجة صعيدية لا تخلو من جدية وصرامة، تقول أم هدي، كما يلقبها أهالي بلدتها بمحافظة الأقصر : "أنا معنديش (ليس لدي) غير بنت، وخفت عليها تتشرد بعد موت الرجل، ولو كان عندي ولد ما كنتش (لما كنت) لبست لبس الرجال" وتتساءل مستنكرة : "يعني كنت عايزيني (تريدني) أروح اتجوز وأسبها (أتزوج وأتركها)؟!"
"مصر فخورة بك" كلمات قالها الرئيس السيسي خلال تسليمه هدية تذكارية للحاجة صيصة التي أعربت عن شكرها للرئيس لهذه المقابلة.
وبعد أن أصبحت "صيصة" حديث وسائل الإعلام المحلية بزيها المميز، وجرى تكريمها كأم معيلة (من تعول أسرتها وتنفق عليها) ستعود إلي مسقط رأسها في الأقصر، وتستريح بعض الوقت وتأكل اللحم، حسب حديثها، ثم تنزل للعمل مجددا في كشك الحلويات (منفذ بيع صغير) الذي حصلت عليه من المسؤولين المحليين بالمحافظة، كما ستستمر في مهنتها في "مسح الأحذية"
وكان بيان صادر عن الرئاسة المصرية، في وقت سابق اليوم الأحد ، قال إن الرئيس المصري وجه تحية خاصة "للأم المثالية المعيلة من محافظة الأقصر السيدة صيصة حسانين، والتي اضطرتها ظروف الحياة إلى التنكر في زي الرجال لمدة 40 عامًا "، مضيفا أنه قدر "تضحيتها وإنكارها لذاتها من أجل تربية أبنائها".
هذه المقابلة بين السيسي والحاجة صيصة كانت محل فخر، حسبما تحدثت لوكالة الأناضول هدي كامل، ابنة الحاجة صيصة، والتي صاحبت أمها في رحلتها من الأقصر إلي قصر الرئاسة بالقاهرة، في رحلة تمتد لأكثر من 14 ساعة ذهابا وإيابا.
وتقول هدي عن تكريم والدتها "السيسي احترمها آخر احترام وقال لها شرفتي مصر".
ومتحدثة عن أمها تضيف هدي: "أنا اراها أحسن ست في العالم، عوضتني عن أبي وشالت (حملت) التعب والهم عشاني (لأجلي)".
وعن نظرتها لأمها وهي ترتدي زي الرجال قالت "أنا فخورة بها.. لقد كسرت نفسها كامرأة وارتدت زي الرجال حتى تربيني. فكيف أخجل منها ؟".
ما ينقص هدى وأمها حسبما قالت ل"الأناضول" هو منزل يجمعها وأمها بعد أن اضطرت لتركها عقب الزواج، مشيرة إلي أن أمها تعيش بمفردها شرق مدينة الأقصر، في حين تسكن هي مع زوجها غرب المدينة.
وحصلت صيصة أبو دوح النمر حسانين (65 عاما) علي لقب الأم المثالية المعيلة عن محافظة الأقصر لهذا العام، وتم تكريمها بوزارة التضامن الاجتماعي، مما أتاح لها التكريم الرئاسي، حتى ولو كانت أم مثالية "بزي الرجال".