"حاصرتها أعراف وتقاليد المجتمع التي تفصل بين عمل الرجل والمرأة، فتسمح للأخيرة بمزاولة بعض الأعمال التي لا يمكن لها أن تتخطاها، لكنها ورغم ذلك خرجت عن المألوف بل ضحَّت بأنوثتها وحرمت نفسها حقوقها من أجل التفرغ لتربية ابنتها وتحوَّلت إلى رجل في مجتمع صعيدي لا يسمح للمرأة بتخطيها نطاق عملها المسموح به فحطمت حائط المستحيل بسواعد عزة النفس". صيصة أبو دوح النمر، الأم المعيلة التي تنكرت في زي الرجال لمدة 42 عاماً، وامتهنت أعمال هي حكر على الرجال، أصبحت حديث الصباح والمساء في وسائل الإعلام بعد فوزها بلقب الأم المثالية في الأقصر، تسرد قصتها ل"الوفد". تقول الحاجة صيصة، إن "خوفي من نظرة المجتمع لي بدونية إن عملت بحرف خاصة بالرجال وأنا امرأة، خصوصًا بعد وفاة زوجي وترك لي ابنة، اضطرني ذلك إلى أن أتخفى في جلباب الرجل الصعيدي وأمارس مهام يصعب على المرأة العمل بها". وتضيف: "لم أمد يدي يوماً إلى أحد لطلب العون والحاجة، بل عزة نفسي جعلتني أشق طريقي في العمل مهما كان نوعه، وتوضح، عملت بحرف الرجال لأنه لم يكن متوفراً آنذاك عمل للنساء، مضيفة: لو كانت هدى صبي لما فعلت ذلك، لكن خوفي على ابنتي التي لم يكن لها سند، جعلني أتحول لرجل كي أصبح لها الأم والأب والأخ، وأحاول الحفاظ عليها حتى أراها أماً ناجحة، حتى تزوجت وأصبحت أمًا ل6 أطفال، لكن لم تلبث الفرحة أن تكتمل بمرض زوجها، فتكفلت أنا بإعالة أحفادي". وتتابع: "عملت ماسحة أحذية بموقف ارمنت والبياضية، وعملت بتقطيع الطوب اللبن وصناعته، حتى أحصل على قوت يومنا، وتؤكد سأظل أرتدي لبس الرجال حتى آخر يوم في عمري". حصلت على لقب الأم المعيلة عن محافظة الأقصر لهذا العام، وتم تكريمها بوزارة التضامن الاجتماعي، كما تم تكريمها بمهرجان السينما الأفريقية، ورغم الحشد الكبير للجمهور والفنانين المصريين والأفارقة، إلا أنها لم تتخل عن زي الرجل "الجلباب الصعيدي البلدي"، وصعدت على المسرح فخورة بارتدائها له. تطالب "صيصة" بتوفير شقة لها تجمعها بابنتها وأحفادها، قائلة: أصبحت أعيش بمفردي بعد زواج بنتي هدى وتفرقنا، حيث أعيش أنا في منزل قديم بالبر الشرقي، بينما تعيش ابنتي مع زوجها وأولادها في منزل بالإيجار بالبر الغربي للأقصر، وتختتم أتمنى أن يوفروا لي شقة صغيرة تؤويني وابنتي وأحفادي سوياً.