نائب رئيس الوزراء الأسبق ل «المصريون»: توقعت عدم دستورية قانوني تقسيم الدوائر الانتخابية ومباشرة الحقوق السياسية.. وتأجيل الانتخابات يعيدنا لنقطة الصفر - طالبت بتشكيل فريق من القانونيين لدراسة التوصيات التى طرحتها هيئة المفوضين.. وإذا خلصت النوايا يمكن إجراء التعديلات فى 10 أيام فقط - الانتخابات البرلمانية محجوزة للفلول والاسلاميين.. وأغلب الأحزاب المدنية ضعيفة
أكد الفقية الدستورى الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء السابق، أنه توقع عدم دستورية قانونى تقسيم الدوائر الانتخابية ومباشرة الحقوق السياسية، وأن تأجيل الانتخابات البرلمانية سيعيد مصر إلى نقطة الصفر، مبينًا أنه طالب بتشكيل فريق عمل من القانونيين لدراسة التوصيات التى طرحتها هيئة المفوضين، وأنه إذا ما خلصت النوايا يمكن إجراء التعديلات المطلوبة فى 10 أيام فقط. وأوضح الجمل فى حواره مع "المصريون"، أن الانتخابات البرلمانية محجوزة للفلول والإسلاميين، خاصة وأن أغلب الأحزاب المدنية ضعيفة وليس لها أى وجود فعال فى الشارع المصري، مشيرًا فى الوقت نفسه إلى أنه يدعم أى اتجاه للمصالحة بين الدولة والإخوان المسلمين إلا من ارتكب جريمة جنائية وجبت العقاب.
وإلى نص الحوار.. ** فى البداية.. كيف ترى حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر؟ بالطبع لا تعليق على حكم المحكمة، خاصة وأنها أصدرت حكمها وفقًا للدستور الذى وضعه المصريين.
** كنت أول من حذر من عدم دستورية بعض القوانين، فهل كانت هناك مؤشرات تؤكد أن الحكم سيخرج بتأجيل الانتخابات؟ هذا صحيح.. فقد توقعت أن يصدر حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانونى تقسيم الدوائر الانتخابية ومباشرة الحقوق السياسية، وكانت لدى قناعة بعدم دستورية بعض المواد فى قانونى تقسيم الدوائر الانتخابية ومباشرة الحقوق السياسية، وعندما قرأت تقرير المفوضية اقتنعت تمامًا أن التقرير مبنى على أسس سليمة، وأنه فى الأغلب أن المحكمة العليا ستحكم بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر وهذا ما حدث فعلاً، والآن حكم المحكمة الدستورية العليا واجب النفاذ على سلطات الدولة جميعًا وعلى الكافة، بنص القانون والدستور، ولم يعد أمامنا مصير إلا القيام بتعديل سريع لقانون تقسيم الدوائر، بحيث لا يمر وقت طويل، وحتى لا نسقط فى أزمة دستورية، والقضية لن تأخذ أكثر من ثلاثة أسابيع على الأكثر.
** معنى ذلك أن المهلة التى وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسى والمحددة بثلاثين يومًا تكفى لتعديل القانون؟ أعتقد أنه لو خلصت النوايا لن نحتاج أكثر من 10 أيام فقط لتنقية القانون مما شابه من عوار، ويمكن أن تقام الانتخابات البرلمانية فى موعدها أيضا، فتعديل قانون تقسيم الدوائر سيكون على ضوء حكم المحكمة الدستورية وتقرير هيئة المفوضين، والقضية بمنتهى البساطة، ويمكن تشكيل فريق مكون من 10 أو 15 من القانونيين الدستوريين لدراسة جميع المطالب التوصيات التى طرحتها هيئة المفوضين فى تقريرها، ويمكن أن تنتهى التعديلات المطلوبة فى أربع جلسات فقط. ** رغم أنك أطلقت تحذيرك بعدم الدستورية بعد صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية بساعات، وتحدثت عن هذا المصير الذى وصلنا إليه اليوم، إلا أنه كالعادة لم يلتفت القائمون على إصدار القانون للقامات الدستورية الموجودة فى مصر...؟ مقاطعًا.. هنا أتذكر مقولة الأديب المصرى الكبير طه حسين "فى مصر أمور لم يسمع بها أحد من أهل الأرض"، للأسف لم يلتفت أحد للقامات الدستورية، وإلا ما وصلنا بعد أربع سنوات إلى نقطة الصفر، ومن ناحيتى فقد بُح صوتى بضرورة طرح قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لحوار مجتمعي، لإبداء القوى السياسية والأحزاب رأيها على القانون.
** البعض يتحدث عن أن ما يحدث هو مجرد لعبة كراسى موسيقية لتأجيل الانتخابات البرلمانية لوجود تخوف من مؤسسات الدولة على شخصية وشكل البرلمان خاصة أن الجميع يؤكد أن المنافسة محصورة بين فلول الحزب الوطنى المنحل والإسلاميين؟ لا أعتقد أن بطلان القانون مجرد لعبة سياسية، وإن كان للأسف الشديد الجميع يعلم جيدًا أن القادمين إلى قبة البرلمان كانوا إما منتمين لفلول الحزب الوطنى أو إلى الجماعات الإسلامية والإخوان المسلمين، وأثبتت التجربة أن كلاهما أسوأ من بعض، وعلى الجانب الآخر لا نرى سوى أحزاب مدنية ضعيفة جدًا ومهترئة.
** إذا ما انتهت الدولة من تعديل قانون تقسيم الدوائر هل تعتقد أن البرلمان سيكون فى صالح النظام السياسى أم أنه سيكون عقبة أمام رئيس جمهورية ليس له ظهير سياسي؟ كنت أتمنى أن يكون فى صالح النظام السياسى ولكنى أخشى ألا يكون كذلك، فليس هناك للأسف أحزاب مدنية قوية على الساحة، وقد حاولت مع غيرى أن أجمع بعض الأحزاب مع بعضها البعض فى تكتلات حزبية، ولكن كل حزب يفكر تفكيرًا خاصًا بعيدًا عن المصلحة العامة. ** بعد أربع سنوات من الزخم والحراك السياسى منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير والأحزاب السياسية لا تزال مجرد غرفة ولافتة دون أى مضمون لماذا فى رأيك لم تستطع العشرات من الأحزاب أن تبنى شعبيتها فى الشارع المصري؟ لأنه بمنتهى البساطة الأحزاب المصرية غير ناضجة، كما قلتى مجرد غرفة ولافتة واسم رنان يحمل شعارات عفى عليها الزمن.
** هناك ما يقرب من 90 حزبًا مصريًا مهما اختلفت الأيديولوجيات والاسترتيجيات إلا أنها تظل تعيش فى جزر منعزلة بعيدًا عن هموم المجتمع المصرى وأغلب دول العالم المتقدم والنامى لا يتجاوز عدد الأحزاب العشرة...؟ مقاطعًا.. فى الغالب يكون هناك حزبان أو ثلاثة أحزاب هم الأقوي، وحزبان آخران متوسطان الأداء، والباقى يكون على الهامش، وهذا الوضع كان يوجد فى مصر عندما كان حزب الوفد الأقوي، وحزب الأغلبية الحقيقية، والأحزاب الأخرى كانت على مسرح الأحداث، فى حين كان الحزب الوطنى مجرد حزب قائم على أساس المصالح، وفى انتخابات 2010 ضيع أحمد عز كل شيء. ** البرلمان دوره تشريعى ورقابى ونحن فى نعيش حالة غياب للدور التشريعى منذ أربع سنوات ورغم ذلك يوجد زخم كبير فى إصدار القوانين عدلى منصور 48 قانونًا والسيسى 263 قانونًا، فما مدى مشروعية هذه القوانين وهل ستكون قوانين فاعلة؟ ولماذا نصدر القوانين فى ظل غياب البرلمان؟ من المفترض إصدار القوانين لأنها ضرورة ملحة لعملية سير الحياة العامة، ولذلك لا أحد يستطيع أن يلوم الحكومة على تلك القوانين، لأنها قوانين جاءت لتسيير الحياة العامة، وهذه القوانين بعد ذلك يمكن إعادة ترتيبها وتنقيحها بمجرد خروج البرلمان إلى النور.
** وكيف ترى تطبيق القانون فى مصر؟ القانون بصفة عامة يتم تطبيقة بصورة عامة، ولكن العائق الأساسى يقع على عاتق النظام القضائي، فالقضاء يقع عليه عبء كبير وسط أعداد ضخمة من القضايا، لذلك لابد من إعادة النظر فى النظام القضائي، من حيث أعداد القضاء فى النظام كله وفى إجراءات المرافعات.
** فى رأيك كيف نحافظ على تطبيق القانون والحريات فى ظل مواجهة تهديدات الجماعات الإرهاب المسلحة؟ عندما كنت فى الحكومة نائبًا لرئيس الوزراء فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير اقترحت تجربة جنوب أفريقيا الإصلاحية، على أن نقوم بمحاكمات سياسية للمسائل المالية والجنائية ووافق عليه مجلس الوزراء، ولكن المجلس العسكرى قال "خلينا فى المحاكمات العادية أفضل الدول ستهاجمنا فكانوا محتاطين وهذه هى النتيجة، مبارك خد براءة ولم تسترد الأموال المهربه". ** الكثير يتحدث عن المصالحة الوطنية مع الإسلاميين فهل ترى أهمية وجود مصالحة وطنية مع من يرفض العنف من أنصار تيار الإسلام السياسى وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين؟ أعتقد أن من يرفض العنف ومن ثبت أنه لم يرتكب جرائم مالية أو جنائية هو فى النهاية مواطن مصري، ولكن كأفراد وليس كجماعة أو حزب لأن الدستور يرفض إقامة الأحزاب على أساس ديني.
** وماذا عن الحريات فى مصر فى ظل قانون التظاهر؟ لا توجد دولة فى العالم ليس بها قانونًا للتظاهر، فلابد من قانون تظاهر فالفوضى شيء والحرية شيء آخر، وكما أنه من حق الجميع أن يعبر عن رأية عليه أيضًا أن يحترم حرية الآخرين دون الإضرار بهم.
** مؤخرًا خرج قانون الكيانات الإرهابية بشكل أثار جدلاً كبيرًا كيف ترى هذا القانون؟ فى الحقيقة القانون بصفة عامة كنا فى حاجة إليه، وعلينا أن نعترف بأن الإرهاب يحاصر مصر الآن من جميع الجهات، وإرهاب اليوم يختلف كثيرًا عن الموجات السابقة من الإرهاب، ويعتمد كثيرًا على التكنولوجيا والدعم المخابراتى الدولي. ** هذا لا خلاف عليه ولكن البعض كان يطالب بتعريف محدد أولاً لمفهوم الإرهاب وتوصيف آخر للكيان الإرهابي؟ هناك بالفعل محاولات جديرة بالاحترام لكتابة تعريف متكامل للإرهاب، وفى النهاية التعريف ليس خاصًا بالتشريع ولكنه خاص برجال الفكر، وعلى رجال القانون الجنائى أن يضعوا تعريفًا للإرهاب.
** هناك من يقول إن قانون الكيانات الإرهابية سيتم استغلاله بشكل سيئ، وسيتم تطبيقه على أى معارضة يمكن أن تصنف ككيانات إرهابية لمجرد رآى مخالف؟ لا اعتقد هذا بالطبع.. فالمعارضة السلمية مهما بلغت ومهما كانت لا يمكن توصيفها تحت بند قانون الكيانات الإرهابية، والكيانات الإرهابية هو الذى يخرج عن أمن الدولة، وسيكون لها ضوابط ومعاير وشروط لتطبيقها على الجماعات المخربة.
** هل يمكن الطعن على القانون فى المستقبل أم أنه سيستمر؟ باب الطعن مفتوح لأى قانون، لكل من يرى أن القانون يمكن أن يمسه أى عوار دستوري.