مجلس الشيوخ يعرض فيلما تسجيليا عن حصاد المجلس على مدار 5 أدوار انعقاد    نائب وزير التعليم: منظومة جديدة لجودة العملية التعليمية    أسعار صرف العملات العربية والأجنبية اليوم الإثنين 23 يونيو 2025    وزيرة البيئة تستقبل محافظ الوادي الجديد لبحث الاستثمار في تدوير المخلفات الزراعية    بدء التداول على أسهم شركة ڤاليو في البورصة المصرية    ترشيد الكهرباء والطاقة الشمسية في العاصمة الإدارية الجديدة.. خطة حكومية شاملة لتحقيق الاستدامة    انقطاع الكهرباء عن 8 آلاف منزل في أسدود.. موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية تستهدف الأراضي المحتلة    استشهاد وإصابة 50 فلسطينيا فى مجزرة صهيونية جديدة غرب مدينة خان يونس    عاجل- السيسي في اتصال مع رئيس وزراء اليونان: التصعيد بين إيران وإسرائيل خطر على أمن الشرق الأوسط    مدافع الأهلي السابق: أخشى تواطؤ بالميراس وميامي ..وتوظيف زيزو خاطئ    القاهرة تتهدم فى زمن الانقلاب …انهيار عقار فى شبرا وتحطم 3 سيارات ملاكى    استدعاء كبير الأطباء الشرعيين يؤجل استئناف محاكمة المتهم بهتك عرض طفل دمنهور إلى 21 يوليو المقبل    عباءة سيناوية للوزير والمحافظ.. أبناء القبائل يكرمون وزير الثقافة ومحافظ شمال سيناء في نخل    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    وزير الصحة يفتتح اجتماع اللجنة التوجيهية الإقليمية ReSCO    دعاء الحفظ وعدم النسيان لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    الليلة.. عرض "الوهم" و"اليد السوداء" ضمن مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    تنفيذ 11 قرار إزالة على أراضي كفرالشيخ ضمن الموجة 26    التعليم تحدد الأوراق المطلوبة لتقديم تظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية    المعاينة الأولية لعقار شبرا شبرا المنهار: خالي من السكان.. وتسبب في تهشم 4 سيارات بالشارع    ألمانيا تحث إيران على «التفاوض المباشر» مع الولايات المتحدة    خبير اقتصادي: غلق مضيق هرمز بداية كارثة اقتصادية عالمية غير مسبوقة    بسبب قوة الدولار.. تراجع الذهب عالميا ليسجل أدنى مستوى عند 3347 دولارا للأونصة    تامر حسني يحافظ على المركز الثاني بفيلم "ريستارت" في شباك تذاكر السينمات    د.حماد عبدالله يكتب: عصر "الكتاتيب"،"والتكايا!!"    صباح الكورة.. ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو و4 أندية تبحث عن مدربين جدد لموسم 2025    البحوث الإسلامية: إنصاف الأرامل واجب ديني ومجتمعي لا يحتمل التأجيل    محافظ أسيوط يؤكد أهمية متابعة المحاصيل الزراعية وتقديم الدعم الفني للمزارعين    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    السجن المشدد ل 9 أشخاص بالإسكندرية بتهمة استعراض القوة والعنف    كريم عبدالعزيز يُربك سباق الإيرادات ويتأهب لأضخم مفاجآته السينمائية    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    الزمالك: الإعلان عن المدير الفني الجديد خلال الأسبوع الجارى    «وزير الإسكان» يشدد على رفع مستوى الخدمات المقدمة لسكان ورواد قرى مارينا    ضبط أحد الأشخاص بالقليوبية لقيامه بإدارة كيان تعليمى "بدون ترخيص"    ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر: مرض السرطان تحديًا صحيًا عالميًا جسيمًا    «التضامن» تقر عقد التأسيس والنظام الداخلى لجمعية العلا التعاونية للخدمات الاجتماعية    رئيس جامعة قناة السويس يتابع امتحانات كلية الألسن    كوريا الشمالية تندد بقوة بالهجوم الأمريكي على إيران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    شركات الطيران العالمية تراجع خططها في الشرق الأوسط بعد الضربات الأمريكية على إيران    في القاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    رغم تذبذب مستوي محمد هاني .. لماذا يرفض الأهلي تدعيم الجبهة اليمنى بالميركاتو الصيفي؟ اعرف السبب    حظك اليوم الإثنين 23 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    «متقللش منه».. مشادة على الهواء بين جمال عبدالحميد وأحمد بلال بسبب ميدو (فيديو)    هاني رمزي: ريبيرو لديه بعض الأخطاء..والحكم على صفقات الأهلي الجديدة صعب    أمريكا تحذر إيران من تصعيد العمل العسكري    الأزهر للفتوى يحذر من الغش في الامتحانات: المُعاونة على الإثم إثم وشراكة في الجريمة    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    الكشف عن سر إشارة حكم مباراة ريال مدريد وباتشوكا    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    السبكي: الأورام السرطانية "صداع في رأس" أي نظام صحي.. ومصر تعاملت معها بذكاء    احتفاء رياضى باليوم الأوليمبى فى حضور وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    سى إن إن: منشأة أصفهان النووية الإيرانية يرجح أنها لا تزال سليمة    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل : ليبيا داخل "المربع".. بين صعوبة التوافق الداخلي وضرورة التسوية الاقليمية
نشر في المصريون يوم 20 - 02 - 2015

جاءت مشاهد ذبح الرهائن المصريين الأقباط بشكل بشع على ايدي ما يعرف ب"تنظيم الدولة الإسلامية" في ليبيا (داعش) مؤخرا، وما تلاها من غارات للطيران الحربي المصري على مدينة درنة (شمال شرق)، ثم ما راج من سيناريوهات التدخل العسكري المصري، ليطرح تساؤلات عديدة عن تواجد هذا التنظيم في ليبيا، وعن سبب اقدامه في هذا التوقيت بالذات على هذه الفعلة، وكذلك حول انعكاسات هذا التطور على تركيبة الساحة الليبية الحالية بشكل اوسع وأيضا حول افق الحل السياسي للأزمة الليبية المستعصية..
التركيبة السياسية الحالية في ليبيا تندرج كلها في ما يمكن ان يطلق عليه "المربع" السياسي الليبي، فهي تشمل اربعة أقسام رئيسية منها اثنان يشاركان في الحوار الوطني الجاري برعاية أممية واثنان خارجه.
ويجمع الحوار الوطني الذي انطلق تحت إشراف وإدارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، برنادينو ليون، اثنين من أهم المكونات السياسية الليبية، الأولى متمحورة حول الموتمر الوطني العام في طرابلس والثانية متمحورة حول البرلمان المتواجد في طبرق.
الموتمر الوطني العام الذي افرز "حكومة الانقاذ الوطني" بقيادة عمر الحاسي في طرابلس، والتي تعتبر قوات "فجر ليبيا" ذراعه المسلح، يشمل عددا من القوى التي كانت معارضه لنظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي والتي افرزتها ثورة فبراير من تيارات ثورية وإسلامية.
أما برلمان طبرق، فقد افرز الحكومة الموقتة المعترف بها دوليا والتي يقودها عبد اللة الثني. ويعتبر اللواء المتقاعد خليفة خفتر، قائد ذراعها العسكري وهي مدعومة من قسم من التيار الليبرالي الليبي وعدد من الوجوه السياسية مثل محمود جبريل و محمود شمام وأيضا عدد من رموز النظام القديم التي انشقت عنه بجانب دعم عربي أكبر، مقارنة بالدعم الذي يحظى به المؤتمر الوطني العام، حيث يشمل عددا من الدول مثل مصر والامارات والسعودية و الاردن.
وتكتمل أضلاع "المربع" الليبي بقوتين آخريين متناقضتين، خارج دائرة الحوار..الاولى تضم اركان نظام القذافي المتواجدين اليوم بين السجون أو خارج ليبيا، وعدد من هولاء هم من عائلة القذافي نفسه، ولعل ابرزهم، احمد قذاف الدم، المتواجد الان في القاهرة، والذي تفيد تقارير اعلامية انه مقرب من السلطات المصرية، وهو من بين من تم اقصاءهم من تحمل مسئوليات سياسية بقانون من برلمان طبرق.
الطرف الثاني الغير متواجد أيضا في الحوار، هو ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، وعدد من التنظيمات الأخرى المتطرفة المتواجدة في ليبيا في ضوء ضعف سلطة الدولة المركزية، والتي لا يمكن اعتبارها ليبية تماما نظرا لانها مكونه من مزيج من عناصر ليبية وأجنبية، وعادة ما تكون ولاءاتها خارج ليبيا.
ومرت العلاقات المتشابكة والمعقدة بين هذه المكونات الاربعة بمراحل مختلفة تراوحت بين التجاهل و الهدنة و الصراع ..
قوات فجر ليبيا تعتبر ان "عملية الكرامة" التي انطلقت في مايو 2014 والتي يقودها الجنرال حفتر "ضد المتطرفين" عملية "انقلابية" على الشرعية السياسية الممثلة في حكومة طرابلس واستجلابا للسناريو المصري (الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في 2013) بحذافيره، الهادف لاستئصال الإسلاميين، وهو تجلى في خطابات حفتر المتتالية اثر إطلاقه لعملية الكرامة بطلبه « تفويض من الشعب الليبي لمقاومة الإرهاب»، وهو ما يفسر تصدي قوات فجر ليبيا عسكريا من البداية لقوات حفتر.
في ذات الوقت فان قوات فجر ليبيا سبق و ان خاضت معارك مسلحة مع عناصر تنظيم الدولة لما يشكله تواجد هذا التنظيم في ليبيا من خطر على ليبيا و على الثورة الليبية و العملية السياسية برمتها كما سبق و ان صرح بهذا عدد من قياداتها. ومن غير المستبعد ان تندلع معارك جديدة بين الجانبين في الأيام القليلة القادمة حول منطقة سرت.
من جهته، فإن حفتر وضع كل من عارضه من قوى ثورية وإسلامية وأيضا متطرفة (داعش) في سلة واحدة، هي "سلة الارهاب"، ما جعل هذه الاطراف المتباينة تتوحد في إطار "فجر ليبيا" وتنسى خلافاتها في مواجهة "الخطر الداهم على ثورة 17 فبراير" 2011 التي أطاحت بالقذافي..
وفي ظل هذا الصراع المتأجج بين طبرق وطرابلس، استغلت التنظيمات المتطرفة ما سببه من هشاشة الوضع الامني في ليبيا لمزيد من النشاط والاستقطاب، فأصبحت في الأشهر القليلة الماضية اكثر قوة من ذي قبل من ناحية مواردها البشرية والعسكرية واللوجستية، زد على ذلك "تلقيها دعم من عدد من اجهزة مخابرات دول اجنبية"، كما صرح بذلك مؤخرا السفير التونسي السابق في ليبيا، رضا البوكادي.
هذه التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها "داعش" أعلنت عن نفسها بقوة مؤخرا من خلال بث مشهد إعدام الأقباط المصريين، وهو المشهد الذي عكس بقوة أهدافها المتمثلة في اسقاط هيبة الدولة الليبية للأبد وإلغاء تاثير اي اتفاق محتمل على الأرض يفرزه الحوار الدائر بعيدا عنها، وهي أهداف يرى متابعون للشان الليبي انها ليست خاصة بها فقط وانما يشاطرها فيها أيضا أركان نظام القذافي، المستبعدين من الحوار الوطني القائم حاليا..
وفي هذا الإطار، يمكن فهم تصريحات احمد قذاف الدم منذ اسابيع قليلة على احدى الفضائيات المصرية الخاصة حين قال: "انا اؤيد داعش في ليبيا لانهم شباب انقياء و لهم مشروع".
في السياق ذاته، يرى "أمية الصديق"، رئيس موسسة المقدمة (منظمة تونسية غير حكومية) المختصة في تحليل و ادارة النزاعات في المنطقة، ان الهدف من قتل الرهائن المصريين بهذا الشكل هو نسف الحوار الوطني القائم الان واستجلاب تدخل عسكري ضد داعش يضعها في مقدمة المشهد ويسمح لها بالحصول على تعاطف شعبي، ومن هنا، يشدد الصديق على أنه "رغم اولوية محاربة الارهاب، فلا يجب الانسياق وراء مغامرات عسكرية ستكون قطعا وخيمة على ليبيا وعلى دول الجوار أيضا، وتحديدا الدول التي ستغامر بقواتها في ليبيا التي ستتحول بذلك الى الوجهة الأولى للمتطرفين الجهاديين في العالم"، في إشارة منه إلى التدخل العسكري المصري.
ومما يساعد أكثر على فهم سعي "تنظيم الدولة" للوصول الى تدخل اجنبي في ليبيا، يوضح الخبير التونسي للاناضول ان "هذه التنظيمات تبحث عن ساحات قتال و اشتباك مباشر مع الجيوش النظامية بحيث تستثمرها لمزيد من الاستقطاب والحشد الشعبي، انطلاقا من رؤيتها ان اي تدخل عسكري اجنبي سيولد قطعا حالة من الغضب الشعبي في ليبيا و خارجها".
من جهته، يرى هارون زيلين، باحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، في تحليل على موقع المعهد :" إن هذا التدخل (العسكري المصري) قد ينظر إليه تنظيم داعش على أنه إنجاز كبير له وهدف في حد ذاته، لأنه يورط مصر في أكثر من مواجهة عسكرية في آن واحد، سواء في سيناء أو في ليبيا، وقد يعطي التدخل المصري في ليبيا مبررات لهجمات انتقامية داخل مصر ينفذها التنظيم الذي قد يسهل عليه اختراق الحدود الصحراوية الطويلة بين مصر وليبيا".
وبالأضافة إلى هذه التطورات الليبية الأخيرة على الصعيد العسكري وما تفرزه من معطيات جديدة على الأرض مثل طلب حكومة طبرق التدخل العسكري الخارجي والدعم بالسلاح، لا يبدو الحوار الوطني الليبي بين اثنين من مكونات "المربع" السياسي الليبي الحالي، كمخرح نهائي للازمة، خاصة أن الحوار ذاته يواجه عقبات ملموسة بالرغم من التقدم الشكلي الذى أحرزه مؤخرا حين نجح في جمع حكومتي طرابلس وطبرق على الطاولة، فعدد من الفرقاء الجالسين حول الطاولة يشاركون في الحوارعلى مضض تحت الضغوط الدولية ولكي ينفي عن نفسه فقط تهمة عرقلته، ومازال في حقيقة الأمر يطمح للحسم بقوة السلاح..
موسى الكوني، ممثل الطوارق في الحوار الوطني الليبي، يرى ان الحل في ليبيا صعب في ضوء العلاقات المعقد والمتشابكة بين أطراف الأزمة ويضيف بعدا آخر أكثر أهمية قائلا للاناضول في مقابلة نشرت مؤخرا: "ليبيا تحولت الى ساحة تصفية حسابات دولية و اقليمية، مثلما كان الوضع في لبنان لسنوات طويلة". ويضيف في ذات الاتجاه: "مشكلة الارهاب في ليبيا ليست ليبية على الاطلاق لان الارهاب المتواجد على اراضينا هو ارهاب مصدر لنا، نحن اليوم مازلنا نعاني من التدخل الفرنسي في مالي (قبل عامين) الذي حول وجهة ارهابيين ماليين من مالي الى ليبيا"..
متفقا مع سبق من تحليلات ورؤى، يؤكد رئيس المركز الليبي للدراسات الاستراتجية، السنوسي البسيكري، أن "الاطراف الليبية الحالية لا يمكن ان تصل لحل سياسي لوحدها لان الصراع بينها وصل الى حدود غير مسبوقة ولان موازين القوة لا تسمح و لن تسمح لاحد بالحسم العسكري".
ويخلص إلى القول: "الازمة الليبية متداخلة الاطراف ومعقدة لا يمكن ان تحل داخليا فقط او حتى تحت رعاية دولية، فهي لن تحل الا باتفاق اقليمي دولي وبارادة قوية وإيجابية من الخارج على تسويتها جذريا، بحيث تجبر هذه الإرادة، المجردة من أي مصالح خاصة، الاطراف الداخلية على التفاعل بشكل ايجابي مع مبادرات الحل أو تحملها مسوولية الفشل ومن ثم تعزلها".
وإلى ان يتحقق هذا الشرط، تبقى ليبيا رهينة المجهول..داخل "المربع".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.