سحب رخصتى الحديد الخاصة بمجموعة عز، المحتكر الاول للحديد فى مصر، أم رد قيمتهما. اشتد الجدل منذ أمس الأول، حول تفسير منطوق حكم القضاء الصادر أمس عن المحكمة والخاص بقضية رخصتى الحديد، وتفاقمت الازمة والتداعيات، مما أثار بلبة كبيرة وسط المجتمع المصرى شعبا وحكومة. واختلف الخبراء حول تفسير منطوق الحكم منهم من يذهب إلى أن هذا القرار يعنى انتقال ملكية هذه الرخصة إلى الدولة لتكون ملكا للقطاع العام، أكد البعض الآخر أن الحكم يقتصر فقط على إلزام الشركة برد قيمة الرخصة التى لم يتم سدادها من قبل. «الدولة على أعلى مستوى فيها تبحث هذا الأمر برمته منذ صدور القرار أمس. فالمجلس العسكرى، وهو أعلى سلطة فى الدولة، يتابع الأمر للتوصل إلى صيغة مناسبة لا تضر بالاقتصاد القومى»، هذا ما صرح به إسماعيل النجدى، رئيس هيئة التنمية الصناعية، ل«الشروق». ويضيف النجدى «نحن، فى الهيئة، وهى الجهة المختصة بتنفيذ الحكم لانزال فى طور تفسير منطوق الحكم، ولكننى، من وجهة نظرى، خاصة بعد سماع منطوق الحكم، أرجح أن المحكمة تعنى بمنطوق الحكم قيام عز بسداد قيمة الرخصتين، والذى لم يسدد قيتهما من قبل دون سحبها». ويؤكد مصدر مسئول فى مجلس الوزراء فى تصريحات خاصة ل«الشروق» هذا الرأى، قائلا: «القضاء المصرى يسعى فقط إلى استرداد الاموال المنهوبة، وإدانة الفاسدين، وليس تعطيل عجلة الإنتاج. وهذا باختصار يوضح منطوق الحكم، استرداد المبالغ التى تم إهدارها أى تسديد قيمة الرخص الموزعة بالمجان، وهذا ما ندرس إمكانية تحقيقه الآن دون المساس بصناعة الحديد». وكان نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، حازم الببلاوى، قد أصدر مساء أمس الاول، فور صدور القرار، بيانا يؤكد فيه أن الحكومة تدعم سياسات اقتصاد السوق والتى تحتاج إلى دولة قوية تضمن الالتزام بالقانون واحترام العقود والتعهدات وحماية المنافسة ومنع الممارسات الضارة او الانحرافات. وأشار إلى أن صدور بعض الأحكام القضائية على بعض المستثمرين أو رجال الأعمال مع احترامها ولا معقب عليها إلا أنها لا تعنى تخلى الدولة عن هذه السياسة فهى ركن أساسى وأصيل لتوجه الدولة المصرية. وتعقد مجموعة عز اجتماعات طارئة منذ صدور قرار الحكم لدراسة جميع البدائل والافتراضات، بحسب جورج متى، مدير التسويق فى الشركة والذى رفض للتعليق على الأمر، قائلا: «نحن لم نطلع بعد على أى شىء ونحتاج أن نفهم الحكم أولا لنعرف كيف سنتعامل معه». وتجدر الإشارة إلى أن حكم المحكمة الصادر أمس يخص الرخصتين الممنوحتين لمحموعة عز، بالإضافة إلى الرخص الممنوحة للشركات المصرية كلها حينئذ مثل الصلب بشاى، وشركة السويس للصلب، وشركة طيبة للحديد. ولكن «هذا لا يعنى أى مطالبة قانونية للشركات الأخرى وأصحابها، فهم ليسوا طرفا فى القضية بل المدان هنا هو المسئول فى الدولة الذى قام بإعطائهم الرخص بدون مقابل مادى، وهو فى هذه الحالة رشيد محمد رشيد، وزير التجارة الأسبق. وهذا يفسر زيادة الغرامة الخاصة به إلى ضعف غرامة عز وعسل. فهما مدانان فقط فى رخصة حديد عز»، كما يوضح النجدى. وهذا ما يجعل رئيس هيئة التنمية الصناعية يرجح فكرة عدم سحب الرخص من الشركات المدانة بل تحصيل قيمتها، بالإضافة إلى الغرامة المطلوبة، خاصة وأن هذه الشركات بدأت بالفعل إنتاجها منذ ما يقرب من عام. وتقدر قيمة رخصة الحديد، التى حصل عليها عز، وفقا لأسعار المناقصة حينئذ ب660 مليون جنيه. ولقد دفعت الشركات الاجنبية، التى فازت برخصة فى ذلك الوقت، قيمة هذه الرخصة، و«هذا ما يجعل الاجانب خارج القضية تماما لأنهم دفعوا قيمتها.. القضية تتعلق بالمصريين الذين لم يسددوا قيمة الرخصة»، بحسب قول النجدى، موضحا أن المستثمرين المصريين أيضا ليسوا محل اتهام فى القضية، لأنهم لم يكونوا، على عكس عز، طرفا فى القضية. ولم يحصلوا على الرخصة بالمجان». لكن المحامى شريف الجبرى، متخصص فى مجال الشركات التجارية، يعتقد أن منطوق الحكم برد التراخيص يعنى تلقائيا أن تؤول ملكية هذه الشركات للدولة مرة أخرى للتصرف فيها، وهذا «انتصار حقيقى ولن يضر بالصناعة، حيث هذا القرار لا يعنى مصادرتها نهائيا أو الاستغناء عن المجالس الإدارة الخاصة بها، بل فقط خضوعها لقانون قطاع الأعمال العام المصرى». ويصل التفاؤل بالجبرى إلى التأكيد على أن مثل هذا الانتقال للشركة الأكبر فى السوق المصرية فى إنتاج الحديد، والتى تستحوذ على ما يقرب من إنتاج نصف الحديد الموجود فى السوق، سيفكك من الكيانات الاحتكارية ويؤدى إلى ضبط الأسعار فى السوق والتى طالما عانت من ارتفاعات متتالية ومبالغ فيها. وكانت أسعار الحديد على مدى السنوات الاخيرة قد سجلت ارتفاعات كبيرة، خاصة قبل الأزمة العالمية، ليصل سعر الطن إلى ما يقرب من 8000 جنيه فى كثير من الاحيان، ولم تسجل الأسعار انخفاضا إلا بعد الازمة وإن كانت مقارنة بالاسعار العالمية كانت أيضا مرتفعة. فلم ينخفض سعر طن الحديد عن 3000 جنيه فى أسوأ الظروف. لكن القانونى شوقى السيد لا يتفق مع هذا الرأى، باعتبار أن إلغاء أو رد التراخيص من شركات «حديد عز لا يعنى أن تؤول ملكية هذه الشركات للدولة، ولكن منطوق الحكم يقضى بأن يدفع عز الغرامة المذكورة للدولة والتى من حقها تحصيلها من أى من ممتلكاته، حتى لو توازت قيمة ممتلكاته هذه مع الغرامة، فالحكم قرر أنه إذا كانت هناك مكاسب أو فوائد مادية من هذه المصانع فلا تستحق بعد صدور هذا الحكم. وأضاف أن «الشركات والمصانع ستظل مملوكة لعز، فإلغاء التراخيص شىء والملكية شىء آخر». أما اللجوء إلى التحكيم الدولى، فلن يكون لدى الشركة حق فى ذلك إلا إذا كان هناك شركاء أجانب أو مصريون يخضعون لاتفاقية حماية الاستثمار الأجنبية، علما بأن هناك عاما على أرجح تقدير حتى يكون الحكم نافذا ونهائيا بعد انتهاء مرحلة الطعن عليه.