لم تكن طول وقصر الكلمة هو الاختلاف الوحيد بين خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي في الاحتفال بالمولد النبوى الشريف بقاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر الذي استمر خطابة قرابة 19 دقيقة وكلماته داخل الكنيسة الكاتدرائية بالعباسية التي لم تتعد الخمس دقائق خلال الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، بل كانت هناك عدة اختلافات وضحت بشدة خلال الكلمتين. "السيسي الذي بدأ متفائلًا في احتفال الكنيسة الكاتدرائية هو نفسه المتشائم للغاية خلال حضوره الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، فقد ظهر في الدقيقة الثالثة من احتفال أعياد الميلاد متفائلا للغاية، مؤكدًا على قيادة مصر للعالم وإمكانها العودة بقوة للحضارة المنشودة، فيما تحدث السيسي في الدقيقة العاشرة خلال الاحتفال بالمولد النبوى عن سوء الأحوال الاقتصادية في البلاد، قائلاً إن الظروف الاقتصادية في البلاد لا تتحمل ولا يوجد لدينا إتقان في كل مناحى الحياة مقارنًا إتقان الصناعة بين مصر وألمانيا فأشاد بالأخيرة وهاجم القصور الذي أصاب مصر". مداعبات السيسي وضحكاته التي هزت أركان الكنيسة تحولت في حضور الأزهر والأوقاف إلى نبرات حزن شديدة بسبب ما أسماه تمزق الأمة الناتج عن الخطاب الدينى، ففى الدقيقة الرابعة من خطابه بمناسبة المولد النبوى، قال السيسي: "الأمة تتمزق وتضيع بسبب تصرفاتنا بسبب الخطاب الدينى الذي يحتاج إلى إصلاح"، هو نفسه الذي ظهر مبتسما وضاحكا طوال كلمته في احتفال الكنيسة وكانت أبرزها ضحكاته التي رجت الحضور في الدقيقة الثانية. لم يخل خطاب السيسي من كلمات وجهت إلى مسؤولين بالكنيسة والأزهر والأوقاف، فحصل مسؤولو الكنيسة على مدح واعتذار لقطع السيسي بحضوره صلواتهم، حيث داعب قداسة البابا قائلاً "أنا خايف لقداسة البابا يزعل بصراحة"، على النقيض تماما فقد امتلأت كلمة الرئيس للمسؤولين بالأوقاف والأزهر بتوجيهات للعمل، حيث وجه الرئيس السيسي كلمته إلى وزير الأوقاف في الدقيقة الثامنة، مطالبا إياه بالتحرك لتجديد الخطاب الدينى قائلًا له "يا فضيله الإمام أنتم مسؤولون أمام الله والدنيا كلها منتظرة ووالله لأحاجيكم يوم القيامة فنحن في حاجه إلى ثورة دينية". وكان الفارق الخامس بين كلمة السيسي في المناسبتين هو الجدية التي ظهر عليها بوضوح في كلمته بمناسبة المولد النبوى، حيث تحدث في الدقيقة الخامسة عن إصلاح الخطاب الدينى، مطالبًا بضرورة مراجعة النصوص والأفكار الدينية الموروثة وأهمية مراجعة ذلك تحت اصطلاح الثورة الدينية"، بينما اكتفى في كلماته الموجزة داخل الكنيسة بمباركة الشعب المسيحى بأعياد الميلاد موجهًا التحية لهم ليرد الحضور بهتافات "بنحبك يا سيسي".