فى الوقت الذى تعيش الأمة الإسلامية لحظة من اللحظات التاريخية الهامة والبارزة فى تاريخها الطويل بتجمعها وإتفاقها على الصد والدفاع عن الإسلام ورسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم.فإن الشىء المحزن هو أن تضرب هذه الأمة من ظهرها ومن جبهتها الداخلية بينما هى تتجه للغريب الأجنبى نحو الزود عن المقدسات.وبغض النظر عن ما قام به البعض من المحسوبين على مهنة الصحافة والإعلام بالبلاد العربية والإسلامية بمحاولة أو نشر فعلى مكررا عرض الرسوم البذيئة والمسيئة للرسول الأكرم.وهو وإن كان يدخل بالطبع فى باب الضرب من الداخل وهو أشد خطرا على الأمة الإسلامية ، فإن موضوع هذه المقالة يتعلق بالضرب من الداخل من زاوية أخرى.هذه الزاوية هى قضية حق المرأة التركية المسلمة من إرتداء حجابها فى العمل والدراسة وكل مكان مثلما أعطى هذا الحق الشخصى والإنسانى للأخريات غير المحجبات.فوفقا لجريدة " وقت " التركية يوم 24/2 أصدرت إحدى المحاكم الإدارية التركية قبل يومين قرارا غريبا بمنع مدرس من العمل بوظيفة رسمية تابعة للدولة بالخارج لكون زوجتة ترتدى الحجاب ! ومن قبله بحوالى عشرة أيام أصدرت الإدارية العليا قرارا بمنع مديرة تعمل بالتعليم التركى من تولى العمل كمديرة لمدرسة إبتدائية لكونها ترتدى حجاب الرأس بعد خروجها أو قبل دخولها المدرسة معتبرة هيئة المحكمة أن المديرة تعيش تناقضاً ينعكس سلبا على سلوكها ونموذجيتها أمام التلاميذ والمفترض أن تكون المدرسة فى قالب واحد غبر متناقض على حد قول المحكمة.وإذا وضع بالإعتبار كون الحجاب ممنوعا فى المدارس والجامعات ومؤسسات الدولة بتركيا منذ عام 1982 ومساندة محكمة حقوق الإنسان الأوروبية مؤخرا لهذا المنع وإعتبارها أن إرتداء الحجاب ليس من حقوق الإنسان والمرأة.فإن المنع الجديد القادم من الداخل التركى طال هذه المرة الشارع والبيت. ففى حالة مديرة المدرسة طلب عدم إرتداء الحجاب خارج المدرسة أى الشارع ، وفى حالة زوجة المدرس بوزارة التعليم التركية طلب عدم إرتداء الحجاب فى المنزل أيضاً لأن تقرير الأمن المتعلق بتسفير موظف رسمى قال لوزارة التعليم أن زوجة المدرس ترتدى الحجاب فى منزلها وعند خروجها للشارع فكان المنع من الوظيفة بسبب الحجاب. قد يكون مفهوما لحد كبير معنى قدوم ضربات وهجمات من الخارج نحو الإسلام وتعاليمه ورموزه،لتكرار هذا الأمر فى التاريخ كثيراً وربما يكون سهلا على الأمة الإسلامية أن تتصدى بشكل أو بأخر لهذه الضربات الخارجية لكن الشىء الذى تحتاجه أمتنا الإسلامية هو تعلم كيفية التصدى والتعامل مع ضربات الداخل بحنكة وإتزان وقوة لكى يكون الظهر آمنا، لأن ضربات الداخل والظهر يكونا أشد خطرا ووقعا على النفوس والمشاعر.كما أن ضربات الداخل تعطى الفرصة للخارج لكى يمارس ضرباتة وهجماتة على الأقل بمنطق " طالما أن داخلهم يفعل هذا وذاك فلم يكون محرما علىّ " أى كما يقول المصريون فى لسانهم " حلال لك وحرام علىّ ". ولتوضيح خطورة ضربات الداخل على مسيرة تولى المخلصين لزمام الأمور بتركيا أعرب حسن أردوغان الشقيق الأكبر لطيب أردوغان فى حديث له مع جريدة وقت ،يوم 12 فبراير 2006 عن عدم رضاه لتولى طيب أردوغان منصب رئيس الدولة فى العام المقبل 2007 لأنه يدرك عائق كون زوجتة محجبة وأن زوجة أردوغان التى يعرفها جيدا لن تتخلى عن حجابها لكى يصبح زوجها رئيسا للدولة لكى يرضى التيار العلمانى الرافض للحجاب فى العمل والدراسة والشارع وحتى البيّت. على هذا النحو يمكن القول بأن ضربات الداخل تشجع الخارج على المزيد من الهجمات ضد الإسلام وشعوبه وتشجع قطاعا معينا ضعيف النفس والإيمان من المجتمع على الإستمرار فى فرض القهر والظلم على جمهور وأغلبية المسلمين فى الداخل.بدورى لا أختلف فى الرأى مع القائل أن ضعاف النفوس من الداخل هم عملاء وأبواق للخارج ويعملون بالتنسيق معه ،ولكنى أقول إلى متى ستظل الأمة الإسلامية غير مهتمة بتكوين جبهة داخلية صلبة تكون سندا لها فى مواجهة الخارج ؟ * كاتب و صحافي مصري مقيم في تركيا