لا أدري لماذا تشغل التيارات السياسية نفسها الأن بخلافات أيديولوجية تفرق ولا تقرب؟ إننا الأن في تيه ولم نعرف له مخرجا حتى الأن ونتشاجر فيما بيننا على ماذا سنصنع إذا خرجنا من التيه ! إننا الأن في مصر في تيه إقتصادي عنيف, فمصر ظلت تسرق بقوة وبعنف وبوحشية على مدار سنوات طويلة تعاني الأن نزفا إقتصاديا هائلا ينبغي أن نتكاتف عليه جميعا من أجل علاجه وحله وحتى لا يبدو في الأفق بوادر خروج من هذا التيه إن مصر الأن في تيه سياسي بين عدو متربص على الحدود الشرقية ومجنون يعبث بالحدود الغربية ودولة لقيطة جديدة على واحدة من أخصب المناطق التعدينية في إفريقيا والعالم وذات بعد إستراتيجي خطير جدا من ناحية تحكمها في واحد من أهم مصبات النيل, الأسوأ أن ذلك كله بتخطيط من عدوك ! أضف إلى ذلك نزف الكرامة الذي نزفناه مع دماء اخواننا المحاصرين في غزة ومساهمتنا غير الشريفة في حرب العراق ولم يظهر حتى الأن من يخبرنا ما الطريق للخروج من هذا التيه ؟ مصر الأن في تيه ثقافي يسعى فيه بعض من يريدون التملص من هوية مصر العربية الإسلامية وإلصاقها بهويات غربية بعيدة عن ثقافتنا وإسلامنا وعاداتنا وتقاليدنا مصر الأن في تيه شعبي لشعب أدمن ثقافة تكره العمل وتحقر من قيم البناء والإنتاج, فطلبة الكليات العليا الأن يتباهون بعدد المواد التي رسبوا به وعمال المصانع يباتهون بالقدرة على الهروب من الورديات , شعبنا اعتاد على المكسب السهل بلا مجهود ولا عرق حقيقي فمن يملك سلعة بجنيه يريدها بيعها بمائة جنيه , شعبنا اعتاد الكسل ويحتاج ثورة فكرية هائلة تعلي فيه قيم البناء وتجمع الشباب من على النواصي والأزقة والحواري لتجمعهم على مشروع قومي واحد من أجل مصر ووسط كل هذا ترى من يلخص رؤيته لمصر وهدفه السياسي إلغاء المادة الثانية أو مزيد من إقصاء الإسلاميين ! مصر الأن في تيه علمي بعد أن تراجعت الكفاءات العلمية في مصر وتم تهريبها بصورة دورية بفعل فاعل لنصدر نصف مليون كفاءة علمية للغرب وتظل مصانعنا ومستشفياتنا ومعاملنا وجامعاتنا تكاد تخلو من الكفاءات , مصر منذ سنوات لم يظهر عندها أي جامعة في تقييم أفضل 500 جامعة على مستوى العالم لماذا لا تتضافر القوى السياسية أولا على إخراج مصر من التيه ثم يختلفوا كيفما شائوا بعدها ؟ لماذا لا نأخذ بنموذج أردوغان الذي بدأ بتنميه إقتصادية هائلة مع التركيز على كرامة المواطن التركي ونجح بعد ذلك في إيصال أيديولجيته لكل الناس ؟ لماذا لا نفعل كما فعل الشاب الثائر محاضر محمد (أو مهاتير محمد كما تنطق ) الذي كتب وهو لا زال شابا صغيرا كتابا أسماه الأزمة المالاوية – نسبة إلى المالايو – وعرف بها كل مشاكل شعبة وحدد خارطة طريق واضحة لإصلاحها ونجح في نقل ماليزيا نقلة هائلة نقلتها من كونها دولة زراعية لا تنتج إلا الأرز ولا تصدر إلا المطاط إلا واحدة من أقوى القوى الإقتصادية في العالم كله ؟ لماذا تصر بعض التيارات على فتح أبواب لخلاف محسوم مسبقا فلا الشعب المصري سيتخلى عن عروبته ولا سيتنصل من إسلاميته ولن يقبل عن الشريعة الإسلامية عدلا , لماذا إذا إهدار الوقت ؟ لماذا لا نقدم حلولا عملية تخدم مصر وتفيدها وتخرجها من هذا التيه ؟ نريد أن نكون متعصبين ضد التعصب, إقصائيين ضد الإقصائيين وشديدي التحزب ضد التحزب أعتقد أن كل القوى الإسلامية تفتح أيديها ممدودة على إتساعهما لكل التيارات الفكرية بما فيها العلمانية من أجل مصلحة مصر , لا يوجد أي شروط مسبقة فقط احترم هوية مصر الإسلامية وأكد على تطبيق الشريعة الإسلامية وفلتنحوا أيديلوجياتكم جانبا الأن إن كنتم تريدون خيرا لمصر , ونحن معكم وأيدينا في أيديكم لماذا لا نسخر أقلامنا وأيدينا للبناء ؟ لماذا لا نؤصل لثقافة الحوار البناء وليس الإقصاء الهدام ؟ لماذا لا نذكر إلا المثالب والمناقص ولا نذكر الحسنات ؟ لماذا تأخذ العموم بذنب الأفراد ؟ لماذا لا نعطي لكل صاحب فضل فضله ؟ أنا إسلامي التوجه قلبا وقالبا وأعرف لكل صاحب فضل فضله , لا أحد يجرؤ على إنكار دور الدكتور البرادعي ولا فضل إبراهيم عيسى ولا بلال فضل ولا عبد الله السناوي ولا علاء الأسواني وقطعا لا أحد يغفل قيمة القامات الكبرى مثل الدكتور المسيري رحمه الله تعالى والدكتور جلال أمين والأستاذ فهمي هويدي والدكتور المعتز بالله عبد الفتاح وفي المقابل لا يمكن أن أقبل بمن يغفل بلاء الإخوان المسلمين على مدار ثمانين عاما ابتدائا بمقاومة المحتل الغاشم ومكافحة فساد الملك مرورا بحرب فلسطين عبورا بجهادهم ضد الظلم أيام عبد الناصر والسادات مرورا بما تعرضوا له خلال عهد حسني مبارك فأي منصف يجحد لهم هذا الفضل ؟ من يجحد فضل مشايخ السلفيين في تعليم الناس الدين وحسن الخلق ؟ من علم هؤلاء الشباب الصلاة في قلب ميدان التحرير ؟ من خرج ووقف في وجه الظلم لسنوات طوال ؟ أي تيار تعرض كل رموزه بلا إستثناء للسجن والتعذيب ؟ أي شيخ سلفي لم يسجن ولم يعتقل ولم يعذب ؟ سموا لي ثلاثة فقط ولا أقول واحدا ! بأي حق تقصي فصيل هام في المجتمع بزعم أنهم لم يخرجوا في الثورة منذ البداية وهذا إن صح على بعضهم فلا يسري عليهم جميعا وما خرج من خرج ولا قعد من قعد إلا لأنهم تأولوا مصلحة مصر فمن رأى المصلحة في الخروج خرج ومن لم ير ذلك لم يخرج فلماذا التشنيع عليهم؟ حتى لو فرضنا أنهم لم يخرجوا في الثورة هل يعي أصحاب هذه الدعاوى الإقصائية مغبتها وخطورتها ؟. هل يدركون أنهم بذلك قد قسموا مصر إلى شقين , شق هم من خرجوا إلى الميدان يوم 25 وهؤلاء لا يجاوزون المليون أبدا أي أنهم أقلية وشق أخر يمثل من لم يخرجوا وهم يتجاوزون الثمانين مليونا وهؤلاء بحسب قول هؤلاء الأن لا رأي لهم وليس من حقهم المشاركة في مصر الجديدة ! هل يعي هؤلاء الصبية أنهم بذلك قد قسموا مصر إلى قسمين واختاروا بأنفسهم أن يكونوا في قسم الأقلية ولا شك أن ثوار مصر الأشراف يتبرئون من هذه المسالك الإقصائية لقوى وطنية مخلصة قدمت لمصر الكثير جدا قد أفهم أن تخرج صحفية مثل نوارة نجم والإنصاف يقتضي أن نقول أنها كانت من أصحاب الأقلام الشجاعة في أخر سنوات النظام السابق ولكن هل يغفر لها ذلك أن تخرج على تويتر ببذائات يعف لسان الرجال عنها فضلا عن النساء بحق اخواننا من حزب النور؟ هل هذه ليبراليتك يا نوارة ؟ هل هذه ثقافتك الحوارية ؟ ألست من تشغبين على خصومك من التيار الإسلامي إقصائهم للأخر ورفضهم إياه ؟ هل كلامك يقدم أم يؤخر ؟ هل يساهم في لم الشمل أم يساهم في توسيع الهوة ؟ هل كلامك يخرجنا من تيه الخلافات الأيديلوجية أم يرسخ للإستقطاب الحاد في المجتمع ؟ لماذا لا نرفع شعار مصر كما هي بثقافتها بهويتها بمسلميها بمسيحيها هي مصر كل المصريين ؟ من تكلم من الأحزاب والتيارات المختلفة ومرشحي الرئاسة عن برامج جقيقية تثري مصر وتفيد من مواردها وتديرها بكفاءة ؟ من تكلم عن مشاكل مصر الإجتماعية المزمنة ؟ لماذا لا نطرح مشروعا قوميا هائلا من أجل استصلاح الصحراء ونستفيد فيه من أطفال الشوارع الذين يقدرون بثلاثة ملايين ؟ ماذا لو جمعنا هؤلاء الشباب والأطفال وطلبنا منهم أن استصلاح الصحراء بالنهار ونوفر لهم كل الطاقة التي يريدونها وفي المقابل نملكهم هذه الأراضي ؟ وفي المساء نعلمهم ما فاتهم من التعليم ؟ ألن نكون قد إستفدنا طاقات هائلة لثلاثة ملايين إنسان خسرهم الإجرام ؟ ألن تنحسر الجريمة في الشوارع والتسول وغيرها ؟ ألن نستفيد بتحقيق الإكتفاء الذاتي في القمح وهو السلعة الإستراتيجية الغذائية الأهم ؟ ألن نساعد هؤلاء ونشعرهم بالإنتماء لمصر التي إنتشلتهم من الضياع ليصيروا من ملاك الأراضي ونساعدهم على الزواج والإنجاب وندمجهم في المجتمع؟ لماذا لا نناقش مشروعات بناءة مثل هذه ؟ هل يختلف العلماني أو الليبرالي مع الإسلامي في مشروع مثل هذا؟ هل يخالف هذا المشروع أيديلوجية أيا منهم ؟ فلماذا لا نركز على مثل هذه المشاريع ؟ إن الخروج من التيه الأن يقتضي ترك التلاسن الفكري والتشاحن الكلامي وتعاون كل القوى الوطنية المخلصة على كلمة سواء وقواعد ثابتة في رفع مصلحة هذا الوطن فوق أي خلافات واحترام هوية هذا الشعب وأفكاره وإسلامه واحترام رغبته في تطبيق الشريعة الإسلامية , وعلى المثقفين الذين كانوا بوقا للنظام في عهد مبارك أن يتوبوا عن خيانتهم للشعب إن أرادوا أن يقبلهم الشعب مرة أخرى إن الخروج من التيه الأن يقتضي أن تستغل كل حجر في الوطن من أجل بناءه حتى لو كان هذا الحجر استخدم ذات يوم لضربك إن الخروج من التيه يقتضي أن تستغل كل عصا لرفع بناء مصر ولو كانت احدى هراوات الأمن المركزي القاسية إن الخروج من التيه يقتضي جمع الشمل والبحث عن نقاط الإتفاق وإنتشال مصر من الهاوية التي تردت فيها والشعب وحده سيختار ما يريد ومن يريد إن الذي سيخرج بمصر من التيه اليوم هو من سيبني لا يهدم , من يحمي لا يضرب وواجب التيارات الإسلامية اليوم بصفتها القوة الوحيدة القريبة من الشعب المصري بكل فئاته أن تتبنى الحوار الهادئ مع القوى السياسية الأخرى وأن تحتويها لا أن تقصيها وأن يرينهم سماحة الإسلام وسلوكة لا قولا بل فعلا وبذلك فقط سنثبت للعالم كله أن المصريين يصنعون المعجزات كالعادة وأن خير أجناد الأرض قادرون على بعث صحراء قاحلة بعد طول موات , وإيقاظ مارد نائم عبرت فوقه أمم كثيرة ولكنه لم يمت وبإمكانه دائما أن يرجع سيد العالم أجمع فهل تقبل كل التيارات السياسية ذلك من أجل مصر ؟ هذه رسالة تعلمناها في حزب الإصلاح ودعونا إليها من خلال جبهة الإرادة الشعبية ونثق أن هذا هو لسان حال كل الإسلاميين فهل من مجيب ؟ ---- مروان عادل مهندس برمجيات عضو حزب الإصلاح وجبهة الإرادة الشعبية